خبر : حماس الاستمرار في الانتظار ...مصطفى ابراهيم

الخميس 27 مارس 2014 08:21 ص / بتوقيت القدس +2GMT
حماس الاستمرار في الانتظار ...مصطفى ابراهيم



قامت حماس خلال الاشهر الماضية بفتح حوار مع الفصائل الفلسطينية ومؤسسات المجتمع المدني والمثقفين والكتاب والصحافيين، واستمعت الى العديد من الاراء والنقاش حول الازمة الفلسطينية و الانقسام و الاوضاع القائمة في قطاع غزة، الهدف من الحوار والنقاش هو الاستماع ومحاولة منها الى إشراك بعض القوى والشخصيات معها في الحكومة للخروج من الازمة التي تعانيها ويعانيها الناس جراء الحصار والأوضاع الاقتصادية الصعبة ومعضلة معبر رفح.

حاولت بعض القوى والشخصيات اقناع حماس وتشجيعها على اتمام المصالحة الفلسطينية وانتهاج سياسات اكثر واقعية تجاه مصر واحترام حقوق الانسان والحريات العامة، وتقديم تنازلات من اجل الناس للتخفيف عن كاهلهم، وكي تستطيع ان تقوم بواجبها تجاههم.

ولاحقاً قدمت حماس بعض المبادرات من اجل تهيئة الاجواء، لكنها لم تستوفيها و لم تلقى تجاوب من الاخرين، فالغالبية تطالب بإنهاء الانقسام وإتمام المصالحة للخروج من الازمة، وقبل عدة ايام اقامت حماس مهرجان “الوفاء و الثوابت على درب الشهداء”، وتحدث رئيس الوزراء اسماعيل هنية عن الثوابت والمقاومة وإنهاء الانقسام وحاول البعض فهم بعض من ما قاله هنية خذوا الكراسي والمناصب واتركوا لنا الوطن، وهل ستغادر الحركة الحكومة بعد ازدياد التضييق والخناق المفروض عليها من مصر منذ ثمانية أشهر.

حماس لم تختار طريق حركة النهضة في تونس، و حسمت أمرها بالاستمرار في الحكم دون النظر لإنهاء الانقسام وإتمام المصالحة و اختارت الانتظار والمتابعة، وتحاول إعادة علاقتها بإيران منطلقة من ان المنطقة غير مستقرة و الانتظار لفترة زمنية اخرى لن يضيرها كثيرا.

لا ينكر بعض من حماس وجود ازمة كبيرة لديها، لكن ما قاله ابو العبد هنية في المهرجان المذكور يخالف ذلك و ان حماس هي من تُحاصر الاخرين وانها ليست مُحاصرة، وكأنها غير مدركة فقدانها اهم حلفاؤها ايران وسورية، ولم يتبقى لها سوى تركيا وقطر البعيدتان وأصبحتا مشغولتان في مشكلاتهم.

وحتى اللحظة لم تكتشف أنها تعاني العزلة وهي غير مستعدة لدفع اثمان لذلك، وهي غير مقتنعة أن عليها أن تتغير كي يقبلها العرب قبل العجم وان يرضى عنها جزء كبير من الشعب الفلسطيني.
حماس لم تتسامح مع بعض المجموعات السلفية التي حاولت اقامة امارة اسلامية واتهمتها بالتكفيرية، تقوم الان بما طالبت به تلك الجماعات بفرض الحدود الشرعية، حيث يقوم مجلسها التشريعي في غزة بنقاش قانون العقوبات ومن مواده تطبيق عقوبة الجلد على بعض العقوبات، ظناً منها انها ستضع حد لانتشار بعض الجرائم التي اصبحت تشكل ظواهر في المجتمع الغزي الفقير ويعاني البؤس والشقاء، والتقليل من عدد السجناء، وتطبيق للشريعة الاسلامية لإرضاء قطاع من اعضاؤها.

لا توجد لدي احصائية دقيقة او لأي من المؤسسات المعنية بمكافحة المخدرات عن عدد متعاطي المخدرات وحبوب الترامادول، ومع ذلك لا نحتاج لإحصاءات دقيقة كي نستطع التنبيه بخطر هذه الآفة التي يلهث عدد كبير من الشباب خلفها ومن اعمار اخرى من بينهم نساء ايضاً وكأنها السحر الذي سيخلصهم من همومهم ومشكلاتهم وعدم قدرتهم على مواجهتها.

سأُذكر بمثال واحد او ظاهرة تعبر عن حجم الازمة التي نعيشها وتعيشها حكومة حماس، وهي انتشار حبوب الترامادول و أعداد المتعاطين المقبوض عليهم ويمثلون امام القضاء بتهم الاتجار او التعاطي كبيرة وخطيرة، والسجون في قطاع غزة تتحدث عن ذلك، وشكوى الجهات المختصة من هذه الآفة وعدم قدرتها على وضع حد لحماية الشباب منها.

حكومة حماس تعاني بشكل كبير من قلة الموارد والإمكانات والاكتظاظ الكبير من المعتقلين في هذه السجون الذي بلغ عددها خمسة سجون منتشرة في محافظات قطاع غزة، عدا عن نظارات الشرطة المكتظة بالمعتقلين والمتهمين بقضايا مختلفة، وهؤلاء يشكلون عبئاً كبيراً على أي حكومة فكيف لو كانت تعاني ازمة مالية، ولا تستطع الالتزام برواتب موظفيها، عدا عن مئات المشكلات.

حماس لا تمتلك اوراق هي الان وحيدة، وهي ليست قادرة على احتمال اعباء الانتظار وتكلفته، فهي ما زالت تحاول كسر العزلة الجديدة القديمة من مصر، والأوضاع الاقتصادية خطيرة وأزمتها تتفاقم. والسؤال المهم هو ماذا تفعل حماس بغزة وأعبائها الثقيلة التي تثقل كاهلها قبل كاهل الناس. وهل تريد ان تقاوم أم الاستمرار في التهدئة الى ما لانهاية وانتظار العدوان القادم، والاستمرار في تشريع قوانين ولم تبحث في علاج تلك الظواهر للحد منها، وهي غير قادرة على اطعام الناس وسد جوع كثر منهم، وما هو مدى استعدادها لتحمل ودفع اثمان ذلك. خيار الانتظار الطويل قد ينذر بما هو أخطر من ما جرى خلال السنوات الماضية، مع العلم ان خيار العودة الى المصالحة قد تكون أقل من أي تكاليف اخرى.
Mustafamm2001@yahoo.com
mustafa2.wordpress.com