خبر : موت قاضٍ : الجندي الذي أشعل عود ثقاب \ بقلم: سمدار بيري \ يديعوت

الأحد 16 مارس 2014 12:12 م / بتوقيت القدس +2GMT



لم نسمع صوت عبدالله ملك الاردن في موت القاضي الاردني - الفلسطيني رائد زعيتر، وليس صدفة. ما كان له ليقوله، قاله على مسمع من رئيس الوزراء نتنياهو الذي سارع الى نشر بيان مواساة لحكومة عمان حتى قبل أن يتلقى تقرير التحقيق على ملابسات الحدث.

يمكن التخمين بان الملك حذر نتنياهو من أن "الاردن يغلي". ومعقول الافتراض بان نتنياهو أعرب عن أسفه، وشدد للمرة التي لا ندري كم، على الاهمية التي توليها اسرائيل للعلاقات الاستراتيجية بين الدولتين. ويعرف نتنياهو خريطة الضغوط الداخلية في المملكة. ماذا يمكن قوله بعد ذلك؟ لا يهم من هو المحق في حادثة موت القاضي. فالجندي أشعل عود ثقاب، فأحرق دفعة واحدة ضفتي الاردن.

بعد يومين سينتهي الانذار الذي حدده أعضاء البرلمان: إما ان يصدر أمر (بصلاحية الملك فقط) بطرد سفيرنا واعادة سفيرهم من تل أبيب، او أن يصوت البرلمان بالاجماع على حجب الثقة عن الحكومة واسقاطها.

يوصي مستشارو القصر عبدالله باجراء زيارة مغطاة اعلاميا لدى علاء ابن الاربعة، ابن القاضي زعيتر الذي ينزل في مستشفى خاص في عمان. وهذا هو السلوك الاكثر دقة لادارة الازمة. ولكن توجد مشكلة مع الكاميرات حين يكون اليتيم الصغير في غيبوبة. من جهة أخرى، فان بادرة انسانية فقط من المستوى الاعلى يمكنها أن تهدىء خواطر الشوارع الغاضبة.

حادثة معبر الحدود خلقت روايتين. الرواية الاسرائيلية، التي تعرض استفزازا من جانب القاضي، أدى الى فتح النار. فماذا يمكن للجنود أن يفعلوا حين تبدو حياة أحدهم عالقة في خطر؟ على مشهد من عشرات شهود العيان الفلسطينيين فتحت النار، والقاضي سقط ومات في المكان. رواية الطرف الثاني توافق على وجود الاستفزاز من جهة زعيتر والذي جر في الاتجاه الاكثر عنفا.

يوجد المفتاح في كاميرات الحراسة. لا أحد في الطرف الاخر يشتري الادعاء بان الكاميرات لم تعمل بالذات في اللحظة الحرجة. كما أن احدا لا يصدق بان محافل الامن عندنا كانت مستعدة لان تكسر أمرا ثابتا متصلبا والسماح لعشرات الفلسطينيين باجتياز الحدود دون توثيق.

كما أننا لم نسمع ما مر على رأس سفيرنا في الاردن، داني نافو. من يعرف نافو يعرف أنه رجل طيب، ليس متحفظا، يستثمر في الناس، ولم يفقد حماسته. عشر سنوات وهو في بيت محصن في عمان، بداية كملحق والان كسفير في دولة تعرف بانها "صعبة على الخدمة". والشتائم التي تلقاها على منصة الخطابة في البرلمان في عمان يستوعبها ويصمت.

كيفما نظرنا الى الامر، فان حادثة القاضي تأتي في توقيت سيء، حين يحتاج الملك الى ان يقنع في داخل وطنه بانه ليس عميلا لنا. فالشارع يشتبه به بانه مشارك في صفقة سرية مع وزير الخارجية كيري ومع نتنياهو: لن يكون حق عودة، والاردن يواصل "استضافة" 4 مليون لاجيء فلسطيني مقابل تعويض مالي خيالي، على حساب مواطنيه.

وأقرأ أنا الان "الرقص مع السفير"، الذي كتبته ميشيل مزان عن محطات حياتها كزوجة دبلوماسي اسرائيلي في دول "صعبة على الخدمة". قسم كبير من الكتاب تكرسه للتصرف في مصر، وتدخل في التفاصيل الصغيرة في ما يحصل خلف حفلات الكوكتيل اللامعة. فتتعرف على لحظات الخوف، على النبذ الاجتماعي، على الاقتباسات من جانب الحكم وتهديدات التصفية.

ويأتي هذا مع كفاح موظفي وزارة الخارجية لتحسين شروط عملهم. في الخارج خطير، والرواتب ايضا، كما يتبين، ليست شيئا ذا بال. ولكن الجمهور غير مكترث، وزير الخارجية لا يضرب الطاولة. نائبه صامت، ورئيس الوزراء؟ هو بشكل عام يتجاهل.