خبر : كيف فشل الحلّ المشرِّف لقضية اللاجئين ... (محضر إجتماع) ..بقلم: منيف عبدالله الحوراني

الثلاثاء 11 مارس 2014 07:41 ص / بتوقيت القدس +2GMT




اكتمل عقد الحضور في الاجتماع الذي حُدِّد موعده مسبقاً ليكون تاريخ انعقاده مؤشراً على ساعة الصفر للبدء بتنفيذ بنود الإتفاق الذي وقعه الفلسطينيون والإسرائيليون مؤخراً بحضور الدول الراعيه لإنهاء القضيه الفلسطينيه ومعها الصراع في الشرق الأوسط. وبالكاد افتُتحت الجلسة الأولى حتى دبَّ الخلاف بين الأطراف المختلفه حول البند الذي ينص على حل مشرِّف لقضية اللاجئين الفلسطينيين .

صحيح أن جميع الأطراف كانت متفقةً حول تفسير حيثيات البند لناحية وجوب أن يكون الحل المشرِّف لقضية اللاجئين حلاً مستنداً إلى الشرف عاكساً لمظاهره، لكن الخلافات الحادَّه طالت الرؤى المتباينه للأطراف حول أدوات تطبيق البند بما يجسد تحقق شرط الشرف دونما لبس.

ممثل أحد الأطراف اقترح أن يتم منح اللاجئين الفلسطينيين وسام الشرف، ولم يتطرق في عرضه الإبتدائي هذا لدرجة الوسام، أي الشرف من الدرجة الأولى أو الثانيه أو خلافه، مشيراً إلى أن تلك مسألةٌ يمكن الإتفاق عليها من خلال النقاشات الموسعه. وحين سُئل من قبل بعض الأطراف الأخرى فيما إذا كان يمتلك تصوراً محدداً لماهية الوسام، أجاب بأنه من الممكن أن يكون على شكل نجمةٍ معدنيه بطلاءٍ ذهبي تتدلى من أنشوطةٍ قماشيه ملونة بالألوان القياسيه للأمم المتحده وتلك متصلةٌ بدبّوس يتم غرزه على مستوى الجيب العلوي الأيسر في قميص أو سترة اللاجئ أو في لحمه مباشرةً إذا كان عاري الصدر، كأن يتصادف، مثلاً، وجود اللاجئ لحظة تسلُّمه الوسام على بركة السباحه.

لم يلق ذاك الإقتراح إجماع الأطراف المشاركه، وإن كان بعضها، في الحقيقه، استحسن الفكرة من حيث المبدأ مع إدخال بعض التعديلات عليها.

أحد الأطراف، على سبيل المثال، اقترح أن يُستعاض عن الأُنشوطه ونجمتها الذهبيه بوشاحٍ من القماش الفاخر (ولم يُمانع ألوان الأمم المتحده). وهكذا لن يكون هناك مجالٌ للقلق بشأن مكان غرز الدبوس، إذ يتم تمرير الوشاح عبر رأس اللاجئ ليرتاح على كتفه الأيسر ثم يمتد قطرياً على جسد اللاجئ ومن تحت إبطه الأيمن ليستقر على جانب وركه الأيمن كذلك منتهياً بعقدةٍ ثنائيه على شكل فراشه (هنا تعالت وتداخلت بعض الأصوات المنطلقة من أرجاءَ مختلفةٍ من القاعه تقترح أن تتَّخذ العقدة شكل ورده أو أرنب ...... إلخ). صاحب اقتراح الوشاح دعَّم التعديل الذي أدخله بحجة أن الوشاح سيكون أكثر وجاهة ومدعاةً لقدرٍ أكبرَ من الهيبه، لكن أحدهم قاطعه بعجاله وبشيء من العصبيه مشيراً إلى أن مسألة الوشاح هذه ستكون باهظة الثمن بسبب ارتفاع كلفة الشحن مقارنةً بمثيلتها في حالة النجمه، وذلك لكبر حجم الوشاح، علاوةً على العناية الخاصه التي يستوجبها تغليفه لتجنب تجعُّده أثناء عملية الشحن، لاسيما لمسافاتٍ طويله في حالة أولئك اللاجئين الأوفرسيز.

الأميركان كانوا ميالين في الواقع لفكرة الوشاح، لكنهم أثاروا خلافاً حاداً آخر، كاد، لشدة حالة التوتر والإحتقان التي أحدثها، أن يعصف بمجمل الاجتماع. ذلك أن الأميركان أصرّوا على ان تُمنح عقود تصنيع الأوشحه إلى شركات أميريكيه.

بالنتيجه، لم يتمكن الأميريكيون من تمرير اقتراحهم ذاك، لاسيما وأنهم، وخلال الإجتماعات المغلقه التي عقدوها ليلاً في غرف الفندق مع بعض ممثلي الوفود العربيه المشاركه، لم يتوصلوا معهم إلى اتفاقٍ حول نسبة عمولتهم في حال دعمهم للمقترح الأمريكي.

ومع ذلك، فقد صار جليّاً، لماذا لم يتشجع الأميريكيون كثيراً للاقتراح الذي ساقه أحدهم في محاولةٍ لتجاوز مسألة الكلفه ومفاده أن ليس من الضروري منح وشاحٍ أو نجمه أو مااتفق لكلٍّ من اللاجئين فرداً فرداً وأنه يكفي منح وشاحٍ واحد لممثلٍ عن اللاجئين في خطوةٍ رمزيةٍ ولاشك، لكنَّها تفي بالغرض. غير أنه سرعان ماتبينت عدم واقعية هذا الإقتراح، وذلك للشقاق الذي سببه بين ممثلي الدول العربية الحاضره من بين رعاة الإتفاق، حيث اتَّضح أن كلّاً منها تصرُّ على أن اللاجئ الذي سيمثل كتلة اللاجئين لتسلم الوشاح، يجب أن يتم اختياره من بين الفلسطينيين اللاجئين في أراضيها.

هذا، بالإضافة إلى عقباتٍ أخرى. إذ اشترط مندوب أحد الأطراف العربيه المشاركه أن لايكون الممثل العتيد عن اللاجئين امرأةً، لأن اختياراً كهذا، حسب المندوب، سيُلقي ظلالاً من الشكّ على مسألة تحقق شرط الشرف وهو ما من شأنه أن ينسف الأسس التي اتُّفق أن يستند إليها حل قضية اللاجئين. أما إذا تعذَّر إيجاد رجلٍ، ولايزال الكلام للمندوب، فامرأتان. وبرر المندوب اشتراطه هذا بأن اللاجئين موضوع الحل (يقصد اللاجئين الذين قضيتهم موضوع الحل) فلسطينيون غالبيتهم تدين بالإسلام، وهكذا تنطبق عليهم أحكام الشريعة في محاصصة الأجناس.

لكن، وعلى الرغم من كلّ ماتقدَّم، إلّا أنه من الإجحاف البيّن تصوير الإجتماع على أنه كان ثقيلاً بمطلقه. صحيح أن التوتر ساد معظم فتراته، إلا أنه لم يخلُ من بعض فواصل المرح، التي ساهمت بالتأكيد في تلطيف الأجواء بين مشادَّةٍ وأخرى. وليس مستغرباً في مثل تلك التجمعات أن مايتسبب في معظم فواصل الفكاهه تلك ينبع عادةً من صلب الموضوع محل النقاش، وفي تلك الحاله بعض الاقتراحات الهزليه خفيفة الظل، وأطرف تلك على الإطلاق وما أثار اكبر قدرٍ من التهكم والتفكه وجعل كل الحضور يتفقون على أنه الأكثر إثارةً للسخريه، هو ذاك الاقتراح الذي قرأه رئيس الجلسه عن صفحة موقع الإجتماع المخصصة لتلقي الإقتراحات وفيه يظنّ أحد المتصفحين أن التطبيق الوحيد الممكن لمعنى الحل المشرِّف لقضية اللاجئين الفلسطينيين يكمن في إعادتهم إلى وطنهم.

غنيٌّ عن القول طبعاً، أن المشاركين أجمعوا على ضرورة شطب الإقتراح المذكور إضافةً إلى كل التعليقات والمداخلات الساخره التي أثارها من جميع النُسخ الرسميه لمحاضر الإجتماع.

- إنتهى -

ظنَّ اللاجئون الفلسطينيون طوال عقود اللجوء أن الوطن هو ماينقصهم ولم يدر بخلدهم يوماً أنهم ناقصو شرف. وهكذا، حين اطلعوا على بنود الاتفاق ومحاضر الاجتماع التي سرَّبها موقع شرفلييكس، تلخصت الغالبية الساحقه من تعليقاتهم في اعتبار موقِّعي الإتفاق وحضور الإجتماع عديمي شرف.