خبر : كلنا مهاجرون من وجهة نظر الطيبي \ بقلم: أوري هايتنر \ اسرائيل اليوم

الإثنين 17 فبراير 2014 03:50 م / بتوقيت القدس +2GMT



في الاسبوع الماضي في اثناء العاصفة التي هاجت بعقب خطبة رئيس البرلمان الاوروبي في الكنيست، اتهمت عضو الكنيست بنينا تمنو – شاتا عضو الكنيست احمد الطيبي بالعنصرية بعد أن ذكر حقيقة أنها جاءت من اثيوبيا. وقال الطيبي: "لا يمكن أن ترسلونا في كل مرة أفتح فيها فمي الى مكان آخر ليس وطننا. ما كنت لأقول (وتوجه الى رئيس الوزراء) أبدا لعضو الكنيست شاتا حينما تحتج أن تعود الى اثيوبيا". لكن لا يجوز تجاوز جوهر كلامه الحقيقي، وليس الحديث هنا عن عنصرية موجهة على من جاءوا من اثيوبيا. إن مشكلته هي كونها يهودية اسرائيلية وكونها "خارجة" جاءت الى اسرائيل.

إنه بنفس الكلمات يهاجم اعضاء حزب اسرائيل بيتنا وفي مقدمتهم افيغدور ليبرمان الذي لم يجيء من اثيوبيا كما تعلمون، لكنه "خارج" ايضا ويُذكره الطيبي في كل فرصة بأنه "مهاجر" من روسيا البيضاء. وليست مشكلة الطيبي في هذه الحالة ايضا معاداة الروس ولا الآتين من روسيا البيضاء بل مشكلته مع ليبرمان أنه ممثل لمجموع.

وقد عرّف هذا المجموع مؤخرا بقوله: "لم نجيء الى هنا في سفينة ولا في طائرة شراعية". فمن الذين جاءوا الى هنا في سفينة وطائرة؟ عضو الكنيست تمنو – شاتا. والوزير ليبرمان. وأنا ايضا. فأنا من مواليد هذا البلد في الحقيقة لكن أبوي جاءا الى هنا في سفينة. وأبواي مهاجران وأنا ابن مهاجرين وكذلك زوجتي ايضا. إن والدي زوجتي ولدا في هذا البلد حقا لكن والديها جاءا في سفينة ولهذا فانها ابنة مهاجرين ايضا. أما الطيبي فهو من أبناء هذا البلد لا أعنيه شخصيا بل أعني المجموع الذي يمثله. فأبناء البلاد هم العرب الفلسطينيون. واليهود مهاجرون اجانب وغزاة مستعمرون احتلوا فلسطين وأجروا فيها تطهيرا عرقيا، والغزو الصهيوني أم كل خطيئة وهو الفساد الذي يجب اصلاحه. وهذا هو جوهر التصور العام للطيبي وهذه هي هويته ونضاله السياسي. ومشروع حياته هو أن يدفع بهذه العقيدة قدما حتى الحل النهائي.

إن عرض الطيبي باعتباره عنصريا معاديا لمن جاءوا من اثيوبيا يقلل من جوهر نهجه والخطر المقرون به. ويصعب علينا كالعادة أن نفهم واقع حياتنا ونرفض أن نحدق اليه. إن احمد الطيبي يمثل النضال الفلسطيني وليس من حقنا أن نتجاهل جوهر هذا النضال.

إن خطاب احمد الطيبي الذي هو خطاب ابناء هذه البلاد هو خطاب محسوب بصورة جيدة يرمي الى أن يروي لشعبه ولنا وللعالم أكذوبة أن الفلسطينيين هم من نسل الكنعانيين أبناء هذا المكان منذ القدم، أما نحن اليهود فنبتة غريبة.

حينما نهرب من الصراع الى جذر الصراع ونختبيء وراء ذرائع امنية نمنح الفلسطينيين نصرا كبيرا لأنه اذا كان الصراع هنا بين الحق والأمن فان الميل الطبيعي يكون الى تأييد الحق ولا سيما أن الطرف القوي هو الذي يتحدث باسم الأمن. فعلينا أن نفهم أن الصراع هو على الوعي وعلى معرفة لمن هذه البلاد.

حينما نحول مصطلحي الهجرة من البلاد والهجرة الى البلاد ونستبدلهما بالمصطلح المحايد "الهجرة" لا ندرك أننا نخدم بعمل أيدينا أجندة الطيبي، أعني الأجندة الفلسطينية. وحينما نلصق بالمهاجرين الى البلاد من البلدان العربية صفة "لاجئين" هذا مع الطلب العادل الذي هو الاعتراف باضطهاد اليهود في البلدان العربية، فاننا كأنما نقول إن البلد الذي نشأوا فيه هو وطنهم واسرائيل بالنسبة اليهم ارض هجرة. وهذا التعبير ايضا يخدم أجندة الطيبي.

يجب علينا أن نعود الى أسس الصهيونية كما صيغت صياغة جيدة في وثيقة الاستقلال، عن حقنا الطبيعي والتاريخي في دولة يهودية في وطننا، ارض اسرائيل، وقد التزمنا في تلك الوثيقة أن نمنح سكان البلاد جميعا مساواة سياسية (في الداخل والخارج) بلا فرق في الدين والعرق والجنس، ونحن نطبق ذلك حقا. لكن دولة اسرائيل هي دولة الشعب اليهودي ولا يجوز لنا أن نهادن في هذا الشأن، وتنبع وقاحة الطيبي بقدر كبير من ضعفنا وتلعثمنا في التعبير عن ايماننا بعدالة الصهيونية.

إن اليهودي الذي ينتقل من روسيا الى الولايات المتحدة ومن بولندة الى الارجنتين أو من الجزائر الى فرنسا هو مهاجر. أما اليهودي الذي ينتقل من هذه البلدان الى ارض اسرائيل فليس مهاجرا بل هو يعود من الغربة الى الوطن.