خبر : المصالحة ... بين الواقع والمأمول ...رضوان أبو جاموس

الأحد 16 فبراير 2014 08:58 م / بتوقيت القدس +2GMT



من جديد ساد الشارع الفلسطيني تفاؤل مشوب بالحذر ازاء فرص حدوث تقدم في الاتصالات الجارية بين حركتي «فتح» و «حماس» لإتمام المصالحة، في أعقاب التصريحات التفاؤلية التي أطلقها مسؤولون في الحركتين، بان الجانبين قطعا شوطاً مهماً في الطريق الى المصالحة وإنهاء الانقسام الحاصل منذ أكثر من سبع سنوات بين الحركتين .

وعبرت تصريحات مسئولي الحركتين عن التفاؤل الكبير بإنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة والمصالحة الوطنية، وجاءت التصريحات متناغمة بأن الأمور جاهزة للمضي قدما نحو تنفيذ المصالحة الوطنية وذلك نابع من قناعة لدى الحركتين بأنه لا مناص من تحقيق الوحدة الوطنية لمواجهة التحديات الراهنة.

ومن هنا فإن نجاح مساعي المصالحة في الجولة الراهنة من الحوار مرهون بسلوك الحركتين الميداني والسياسي والأمني على الأرض، فيما يتعلق بتجريم الاعتقال السياسي ووقف التنسيق الأمني، ووقف المفاوضات العبثية مع دولة الاحتلال التي شكلت غطاءً للعدو الصهيوني على مدى عشرين عاماً لممارسة جرائمه ضد الشعب الفلسطيني.

وعلى الرغم من التفاؤل، يخيم هاجس الشك والخوف من الفشل على الشارع الفلسطيني بشأن قدرة "حركتي فتح وحماس"، على إتمام المصالحة وطي صفحة الانقسام المقيت بعد فشل الجولات السابقة من الحوار من إحراز تقدم، في ظل فقدان الثقة وغياب الود بين الحركتين، ناهيك عن التأثير الاسرائيلي الذي يخشى مسؤولو السلطة من استغلال الحكومة الاسرائيلية لأي تقارب بين «فتح» و «حماس» في المرحلة المقبلة لتحميل السلطة الفلسطينية المسؤولية عن فشل المفاوضات التي تواجه عقبات هائلة.

ساذج من يغفل دور "إسرائيل" العدواني تجاه الشعب الفلسطيني، فهي المستفيد الوحيد من بقاء حالة الانقسام والتشرذم الداخلي، لان ذلك يروق لها باعتبار أن الوضع القائم يؤثر على موقف السلطة الضعيف ويمثل مخرج آمن "لإسرائيل"، التي لا يرد في حساباتها تحقيق تسوية سياسية للصراع تلبي الحد الأدنى من الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني وفي مقدمتها ( إقامة دولة فلسطينية مستقلة، على حدود 67 وعاصمتها القدس وفق القرار الدولي 242).

في حقيقة الأمر أن "إسرائيل" تُطًل بوجهها القبيح وأدواتها الغليظة كلما لمست تقدم في مسار المصالحة الفلسطينية الداخلية، فهي تستغل حالة الانقسام الداخلي لحساباتها السياسة وتغذيها انسجاماً مع معاييرها ومصالحها، فهي تُلوح للسلطة الفلسطينية بالجزرة تارة وتهددها بالعصا تارة أخرى.

وكان صائب عريقات كبير المفاوضين الفلسطينيين قد حّذر من شن " إسرائيل" عدوان وشيك على قطاع غزة، لخلط الاوراق وافشال جهود المصالحة الداخلية، باعتبار أن أي عدوان إسرائيلي سيعزز خيار المقاومة ويقوض خيار التفاوض، وسيحتم على السلطة الفلسطينية قطع المفاوضات مع دولة الاحتلال وبهذا تخرج اسرائيل خارج اللعبة وبدون احراج مع المجتمع الدولي وحينها سيعلن للعالم اجمع ان السلطة الفلسطينية هي من رفضت المفاوضات .

هذا الاختراق والتفاؤل لم يلبي طموحات الشعب الفلسطيني الذي ينتظر من المتحاورين سرعة التوصل لاتفاق شامل ينهي حالة الانقسام المأساوي الذي ألقى بظلاله الكارثية على كل ما هو فلسطيني، والتخلي عن أوهام التفاوض العبثي الذي ثبت عقمه وخطره، والتوافق على استراتيجية سياسية جديدة لإدارة الصراع مع العدو الاسرائيلي وفق خيار المقاومة.

المطلوب اليوم من الحركتين حسم كافة القضايا العالقة وصولاً لتوقيع وثيقة المصالحة والوفاق الوطني والتفرغ لمواجهة التحديات المستقبلية التي تحيط بالشعب ومقدساته، حيث أنه لم يتبقى هناك بادرة أمل للفلسطينيين لاستعادة أرضهم ومقدساتهم بالمفاوضات والحلول السلمية، ولم يبقي أمام المتحاورين إلا التوصل لاتفاق مصالحة شامل، يعيد اللحمة وينهي الانقسام، فهل ستكون جولة الحوار الحالية حاسمة؟ .