خبر : المفاوضات بين مستنقع ألغام كيري والخيارات الفلسطينية ...بقلم: د. سمير أبو مدللة

الأحد 16 فبراير 2014 08:10 م / بتوقيت القدس +2GMT



المفاوضات الجارية حالياً بين الفلسطينيين والإسرائيليين عقيمة ووصلت إلى طريق مسدود بفعل تعنت حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة، ووفق اعتراف الوفد المفاوض الفلسطيني وشخصيات مقربة من الرئيس محمود عباس، حيث قال صائب عريقات كبير المفاوضين الفلسطينيين أن الفلسطينيين ليسوا بحاجة إلى 9 أشهر للحكم على المفاوضات، "إسرائيل أفشلتها"، فيما رأى أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ياسر عبد ربه إنه لا يوجد ما يسمى مفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وإنما مجرد لقاءات ونقاشات، تسعى إسرائيل منها لكسب مزيد من الوقت للتوسع الاستيطاني وتهويد القدس. أما عضو الوفد الفلسطيني المفاوض، الدكتور محمد اشتية، ان المفاوضات الجارية مع الجانب الاسرائيلي تتجه الى الفشل، وانه لن يتم تمديدها يوما واحدا بعد انتهائها في 29 نيسان المقبل، وإننا نتجه نحو خيار "الدولة الواحدة".

وزير الخارجية الامريكي جون كيري يعكف في غضون عدة اسابيع على طرح اتفاق إطار على الفلسطينيين والإسرائيليين، والذي ينص على إقامة دولة فلسطينية على أساس حدود عام 67 مع تبادل للأراضي وإبقاء ما بين 75 % الى 80 % من المستوطنين تحت السيادة الإسرائيلية، وسيعترف الفلسطينيون بـ"يهودية دولة إسرائيل", كما ستعترف إسرائيل بالدولة الفلسطينية. وسيعلن الطرفان عن إنهاء الصراع بينهما، وفق ما أعلن عنه الموفد الأمريكي لشؤون المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية مارتن انديك. كما سيتناول اتفاق الإطار حق المواطنين اليهود الذين فروا من الدول العربية في الحصول على تعويضات, كما ستتناول حملة التحريض التي تشنها السلطة الفلسطينية ضد إسرائيل، ولن يتم الإشارة الى مسألة القدس بالتفصيل, وانما الاكتفاء بذكر مبادئ عامة وطموحات الطرفين بشأنها. وفي اطار ذلك سيتم تمديد فترة المفاوضات .

المفاوضات الجارية حالياً تتعارض مع قرارات الاجماع الوطني الفلسطيني، والتي تم تجربتها على مدار 21 عاماً واثبتت فشلها العميق ونتائجها ذو طبيعة كارثية. على سبيل المثال، تضاعف الاستيطان على امتداد 21 عاماً من اتفاق أوسلو وملحقاته بمقدار 7 مرات. حكومة نتنياهو تسعى لتمديد المفاوضات لسنتين أو ثلاثة لاستكمال عمليات الاستيطان في الضفة الغربية والقدس المحتلة وزيادة عدد المستوطنين من 700 ألف إلى اكثر من مليون مستوطن، وعند ذلك لا يمكن أن يكون احتمال قيام دولة فلسطينية على حدود 4 حزيران 67 عاصمتها القدس الشرقية المحتلة، ولن يكون هناك احتمال عودة اللاجئين إلى ديارهم عملاً بالقرار الأممي 194، ولن يكون هناك إمكانية مفاوضات جدية ينتج عنها شيء بالحدود الدنيا لحقوق الشعب الفلسطيني لتقرير المصير بدولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية المحتلة وحق العودة للاجئين.

علينا كفلسطينيين سلوك طريق جديد للمفاوضات من نوع جديد تقوم على قرارات الشرعية الدولية وآخرها قرار الأمم المتحدة في 29 نوفمبر 2012، والدخول في جميع مؤسسات الأمم المتحدة الـ63 وفي المقدمة منها محكمة الجنايات الدولية، محكمة العدل الدولية، واتفاقات جنيف الأربعة التي لا تجيز للمحتل أي تغيير جغرافي أو ديمغرافي في الأراضي التي يحتلها، ومجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة".

فالمفاوضات وفق قرارات الشرعية الدولية ستفرض العزلة الدولية الكاملة على إسرائيل، وانتزاع الاعتراف الدولي الكامل بالحقوق الوطنية الفلسطينية وتقرير المصير، دولة مستقلة، حدود 4 حزيران 67 عاصمتها القدس، حق العودة، ومنظمة التحرير ممثل وحيد، هذا سيولد رأي عام جديد عالمي ورأي عام إقليمي عربي وبالشرق الأوسط جديد، ورأي عام أيضاً يتطور باتجاهات أخرى داخل إسرائيل، داخل صفوف المجتمع الإسرائيلي: لأن إسرائيل ستكون في اليوم التالي بعد دخولنا مؤسسات الأمم المتحدة تحت سيف المحكمة الجنائية الدولية، العدل الدولية من الجدار العازل، للاستيطان، لمصادرة الأراضي، لشق الطرق الالتفافية، للاعتقالات، للاغتيالات، للعدوان على قطاع غزة.

شعبنا الفلسطيني جرب 4 اتفاقات إطار، وهي، اتفاق إطار 93 أوسلو، 5 سنوات انتهى إلى لا شيء، و"اتفاق إطار" آخر بقمة العقبة آذار/ مارس 2003 برئاسة بوش الابن وبحضور شارون رئيس الوزراء وأبو مازن رئيس الوزراء والملك عبد الله الثاني، الإطار الثالث نيسان/ ابريل 2003 خريطة الطريق للرباعية الدولية" ورابعاً مؤتمر أنابوليس بدعوة أميركية. الآن كيري يسوق لاتفاق إطار رقم /5/ سيعطي كل شيء لإسرائيل واضح وللفلسطينيين غامض، ملتبس وملغوم، المفاوضات تستكمل لأن الهدف الرئيسي الآن لاتفاق الإطار الذي يدعو له جون كيري هو تجديد المفاوضات الثنائية سنة أخرى أي إلى 29 نيسان/ ابريل 2015 على التوالي.

عناصر "اتفاق إطار" كيري:

1. استمرار المفاوضات على أساس حدود 67 مع "تبادل الأراضي" أي اللغم الكبير هو تبادل الأراضي هذا أولاً.

2. توقف الاستيطان غير مطروح باتفاق الإطار.

3. لا ذكر للمرجعية الدولية، لا ذكر لرعاية دولية ومؤتمر دولي، لا ذكر لدولة فلسطين على حدود حزيران 67.

4. القدس غير مقسمة، عاصمة لدولتين وللفلسطينيين عاصمة في القدس ]لا يذكر القدس الشرقية المحتلة[، وهذا يؤدي أن تكون في بيت حنينا أو شعفاط، أو ابوديس، أو قرية العيسوية. لا بحث بموضوع القدس الشرقية عاصمة.

5. اللاجئون مؤجل، ويمكن أن يرد باتفاق الإطار نص يقول عودة اللاجئين إلى الدولة الفلسطينية، وليس عودة اللاجئين إلى ديارهم عملاً بالقرار الأممي 194، أو التوطين حيثما هم، أو إلى بلد ثالث.. هذه حلول اتفاق إطار كيري "لا حق عودة".

إذاً القدس مؤجلة، اللاجئين مؤجلة، الاستيطان يستمر..، الاستيطان ولغم تبادل الأراضي باقي، والأسرى مهملين باتفاق الإطار.

6. غور الأردن على امتداد الحدود الفلسطينية- الأردنية (250 كم) يبقى بيد القوات العسكرية والأمنية الإسرائيلية حتى إشعار آخر، ويعتمد الانسحاب منه على مستوى "الأداء الفلسطيني الأمني" وإسرائيل هي المرجعية لتقرير حسن أو سوء الأداء وفق مصالحها". ويستمر توسع الاستيطان ونهب الأرض والمعابر مع الأردن بيد إسرائيل والرقابة الأمريكية...

7. ممنوع علينا طيلة هكذا مفاوضات أن نذهب ونعود للأمم المتحدة ومؤسساتها لعزل السياسة التوسعية العدوانية الإسرائيلية.

ما يطرحه نتنياهو، هو الوصول للمليون مستوطن ثم شبكة المستوطنات تجعل من الضفة الفلسطينية مجموعة غيتوات أي جزر منفصلة عن بعضها البعض والقدس موحدة عاصمة ابدية لاسرائيل ولا عودة للاجئين، حالة ذاك امكانية دولة مستقلة غير قائمة.

اتفاق الإطار القادم الذي سيقدمه كيري يجب أن لا يمر لأنه يعطي اسرائيل كل شيء بوضوح أي حدود 67 لكن مربوطة بتبادل الأراضي والاعتراف بيهودية دولة إسرائيل، التوسع الذي تم سيلحظ كأمر واقع في اطار التسوية السياسية، وقف الاستيطان والأسرى لا ذكر لهم، واللاجئين والقدس مؤجلتان.

البديل للمفاوضات العقيمة يكون بتدويل الحقوق الوطنية الفلسطينية ودخول كل مؤسسات الأمم المتحدة وتصحيح السياسة الاقتصادية والاجتماعية في الضفة وقطاع غزة، ودعوة شعبنا إلى انتفاضة شعبية شاملة ثالثة وإسقاط الانقسام وإعادة بناء الوحدة الوطنية وأقصر الطرق لإنهاء الانقسام يكون باستقالة حكومتي هنية والحمد الله والاتفاق على تشكيل حكومة التوافق الوطني برئاسة الرئيس أبو مازن عملاً باتفاق القاهرة 2011 وتفاهمات شباط 2013 ودعوة الإطار القيادي لمنظمة التحرير الفلسطينية لاجتماع لوضع الآليات اللازمة، والاتفاق على موعد للانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني وفق التمثيل النسبي الكامل.

فالمفاوض الفلسطيني عليه أن يتحرر من الالتزام بعدم اللجوء إلى الأمم المتحدة بديلاً للعملية التفاوضية، وكذلك وقف التنسيق الأمني مع الاحتلال ووقف العمل ببروتوكول باريس الاقتصادي، فيما على المفاوض ألا يخطو خطوة واحدة نحو الاعتراف بيهودية دولة إسرائيلية ومبدأ تبادل الأراضي وإسقاط حق العودة لأن جميعها تحمل ألغاماً للقضية والحقوق الفلسطينية.