خبر : اسرائيل لا تعطي الفلسطينيين ماءً بل تبيعهم إياه بسعر كامل \ بقلم: عميره هاس \ هآرتس

الأحد 16 فبراير 2014 03:44 م / بتوقيت القدس +2GMT



          إن رينو تسرور مجري مقابلات يجادل من يجري المقابلات معه ولا يتملق، لكنه في يوم الخميس الماضي لم يحضر واجبه المنزلي وترك وزيرة القضاء تسيبي لفني تذر الرمل في عين الجمهور فيما يتعلق بقضية الماء وقضية مارتن شولتس .

          دُعيت لفني الى برنامجه في صوت الجيش الاسرائيلي باعتبارها الصوت السليم الذي ينتقد سلوك بينيت وشركائه. وقالت ما يلي: "قلت (لرئيس البرلمان الاوروبي) أنت مخطيء، ضللوك على عمد لأن تقسيم الماء ليس كذلك، فاسرائيل تعطي الفلسطينيين من الماء أكثر مما التزمنا به في الاتفاقات المرحلية". إن كلمة "تعطي" وحدها كان يجب أن تثير انفعال تسرور. لكن لفني استمرت في تجريعه الاحتجاج على الموقف الفلسطيني من المياه المحلاة ولجنة المياه المشتركة بنغمة كلامها المدروس.

          لكن الامر كالتالي:

  • ·       اسرائيل لا تعطي الفلسطينيين ماء بل تبيعهم إياه بسعر كامل.
  • ·       ما كان الفلسطينيون ليضطروا الى شراء الماء من اسرائيل لولا أنها القوة المحتلة التي تسيطر على موردهم الطبيعي، وهي تحدد لهم بفعل اتفاق اوسلو الثاني الكميات التي يستخرجونها، وتطوير البنية التحتية المائية عندهم وصيانتها واصلاحها.
  • ·       كان يفترض أن يتطور الاتفاق المرحلي في 1995 الى تسوية دائمة بعد خمس سنوات، وكان الفلسطينيون سيحظون في اطاره – كما أوهم المفاوضون الفلسطينيون أنفسهم – بالسيادة ويسيطرون على مصادرهم المائية.
  • ·       كان الفلسطينيون هم الجانب الضعيف واليائس والمائل الى الاغواء والمهمل من جهة التفاصيل لهذا فرضت اسرائيل بالاتفاق توزيعا غير عادل وفاضحا ومُذلا ومُغضبا لمصادر الماء في الضفة الغربية.
  • ·       اعتمد التوزيع على كميات الماء التي استهلكها الفلسطينيون واستخرجوها قُبيل الاتفاق. وقد خُصص للفلسطينيين من الآبار الجوفية الثلاث في الضفة الغربية 118 مليون متر مكعب في السنة يحل لهم استخراجها (باعمال تنقيب وآبار زراعية وينابيع ومياه جوفية)، وانتبه يا رينو تسرور الى أن ذلك الاتفاق خصص لاسرائيل 483 مليون متر مكعب من الماء تستخرجها من تلك الآبار الجوفية وفي الحدود نفسها. أي أنه خُصص 20 بالمئة للفلسطينيين الذين يعيشون في الضفة الغربية و80 بالمئة للاسرائيليين (عن جانبي الخط الاخضر) – يستمتعون بالطبع ايضا بالمصادر المائية في سائر اجزاء البلاد (بل كانت سنوات تجاوزت فيها اسرائيل هذه الكمية وسحبت سحبا زائدا). فلماذا يوافق الفلسطينيون على شراء الماء المحلى من اسرائيل وهي تسطو في كل لحظة على الماء الموفور تحت أقدامهم؟.
  • ·       إن الفضيحة الكبيرة الثانية في الاتفاق هي أن قطاع الماء في قطاع غزة حكم عليه بالاكتفاء بالماء الجوفي في داخله. وكيف نجسد هذه المظلمة؟ لنفرض أن سكان النقب طُلب اليهم الاكتفاء بالمياه الجوفية في حدود منطقة بئر السبع – عراد دون القناة القطرية ودون أخذ الزيادة السكانية في الحسبان. إن 90 بالمئة من سائل الحياة لا يستحق الشرب في قطاع غزة بسبب السحب الزائد الذي يجعل ماء البحر وماء الصرف الصحي يختلطان بالماء. هل تتخيلون ذلك؟ لو أن السلام والعدل كانا بغية الاسرائيليين لطور اتفاق اوسلو بنية تحتية للماء تربط قطاع غزة بسائر أجزاء البلاد.
  • ·       ستستمر اسرائيل بحسب الاتفاق على بيع الفلسطينيين 27.9 مليون متر مكعب من الماء كل سنة. وقد وافقت بسخائها الاستعماري على الاعتراف بحاجة الفلسطينيين الى زيادة في المستقبل تبلغ 80 مليون متر مكعب كل سنة. وقد فُصل كل شيء في الاتفاق بدقة كبيرة لصاحب ثروة. إن جزءا ستبيعه والباقي سينقب الفلسطينيون عنه لكن لا في البئر الجوفية للجبل الغربي حيث لا يجوز ذلك.
  • ·       لكن الفلسطينيين يستخرجون اليوم 87 مليون متر مكعب فقط من الماء في الضفة، أي أقل مما خصص لهم اتفاق اوسلو بـ 20 مليون متر مكعب. والاسباب الرئيسية لذلك هي القحط والقيود الاسرائيلية على تطوير وحفر آبار جديدة حتى بدل تلك التي جفت، والقيود على الحركة. أما تقصيرات الادارة الفلسطينية فثانوية، ولهذا "تعطي" اسرائيل – أي تبيع – حوالي 60 مليون متر مكعب كل سنة. اجل إنها أكثر مما قرر اتفاق اوسلو أن تبيعه، وأريد أن أقول إنه بدل أن يقل التعلق الفلسطيني بالمحتل زاد فقط.
  • ·       حافظت اسرائيل على الحق القوي لها في تقييد مشاريع تطوير البنية التحتية واعادة البناء مثل أن تفرض انابيب ذات قطر أقل من المطلوب، وأن تمنع ربط مجموعات من السكان في المنطقة ج بالبنية التحتية للماء، وأن تتأخر في الموافقة على اعمال التنقيب وأن تؤخر تبديل انبوب فاسد. ومن هنا يأتي النقص الكبير وضياع الماء من الانابيب الفلسطينية (نحو من 30 بالمئة).
  • ·       إن 113 ألف فلسطيني لم يربطوا بشبكة الماء. وفي اشهر الصيف ينقطع مئات الآلاف عن تزويدهم المنظم بالماء مدة اسابيع. وفي المنطقة ج تمنع اسرائيل حتى حفر آبار لجمع ماء المطر. فهل يسمى هذا: تعطي؟.
  • ·       بدل أن تشغلوا أنفسكم بحسابات هل معدل الاستهلاك المنزلي للفرد الاسرائيلي أعلى باربع مرات أو ثلاث مرات "فقط" من الاستهلاك الفلسطيني، إفتحوا أعينكم وانظروا الى المستوطنات الغارقة بالخضرة والى الماء الذي يأتي بصورة متقطعة الى احياء المدن والقرى الفلسطينية. توجد انابيب لشركة "مكوروت" ذات أقطار كبيرة للاسرائيليين في الغور وبالقرب منها جرار فلسطيني يجر من مسافات بعيدة حاوية صدئة فيها ماء. وانظروا الى الصنابير الجافة في الصيف في الخليل والى الماء الذي لا ينقطع جريانه في بيوت كريات اربع وبيت هداسا. فهل كل ذلك تضليل على عمد؟.