خبر : نتنياهو رسم الحدود منذ الان \ بقلم: يريف اوفنهايمر \ معاريف

الأربعاء 29 يناير 2014 08:32 م / بتوقيت القدس +2GMT



 

          الاقتراح الجديد من معمل مكتب رئيس الوزراء لابقاء مستوطنين تحت سيادة فلسطينية هو حقيقي تقريبا مثل الاقتراح الخيالي بنقل مواطني اسرائيل العرب الى سيادة فلسطينية. ويمثل الاقتراحان كيف أن رئيس الوزراء ووزير الخارجية يرفضان البحث بجدية في موضوع الحدود، وبدلا من ذلك يفضلان لعبة التظاهر.

          يعرف نتنياهو هو أيضا بانه لو قُبل اقتراحه، فانه – الذي يؤمن بكل قلبه بان اسرائيل هي الدولة اليهودية – فانه لن يرغب في أن يبقي الاف الاسرائيليين اليهود خلف الحدود. ومع ذلك، لاحراج ابو مازن فقط يحاول نتنياهو ان يستخرج الحجة القديمة التي تقول اذا كانت دولة اسرائيل مستعدة لان تحتوي فيها اقلية عربية، فعلى الفلسطينيين ان يحتووا فيهم اقلية يهودية.

          رغم الكفاءات الديماغوجية التي لا تكل ولا تمل لدى نتنياهو وشركائه في الطريق، فان المقارنة ليست في مكانها وثمة فارق اساسي بين الحالتين. فبينما يعيش عرب اسرائيل في المدن والقرى قبل ان تقام دولة اسرائيل ويتواجدون فيها على مدى الاجيال، فان المستوطنين نقلوا الى اراضي الضفة في فعل استعماري من خلال استخدام القوة، وخلافا للمواثيق الدولية. ويرى الفلسطينيون في المستوطنات فعل قوة بواسطته نجحت دولة اسرائيل في نقل سكانها الى الارض المحتلة واقامة مستوطنات على ارضهم وعلى موقع دولتهم المستقبلية.

          ان الفلسطينيين الذين وافقوا على الحل الوسط الاقليمي لاقامة دولتهم على اساس حدود 67 الى جانب دولة اسرائيل، لا يوافقون على قضم اضافي في مساحة دولتهم المستقبلية وابقاء الاف الاسرائيليين الذين شقوا طريقهم الى المستوطنات وبنوا بيوتهم على ارضهم. واذا ما رغب اليهود بعد تطبيق الاتفاق واقامة الدولة الفلسطينية في الاستقرار في دولة فلسطين وان يكونوا مواطنين فلسطينيين، فيمكن للحكومة الفلسطينية أن تسمح بذلك وفقا لقوانينها – على اساس شخصي ودون صلة بمسألة المستوطنات والمستوطنين. والرفض المتوقع والمبرر للفلسطينيين لاقتراح نتنياهو لا يتعارض والحاجة المبررة لاسرائيل للضمان انه بعد الاتفاف سيسمح لليهود بالوصول للصلاة والزيارة في الاماكن المقدسة لليهود في الضفة. وسيكون على الفلسطينيين ان يحافظوا على حرية الدين والعبادة، بالضبط مثلما هي اسرائيل ملزمة بان تحافظ على حرية الدين وعلى الاماكن المقدسة للاسلام داخل اراضيها.

          كما أن معارضة المستوطنين للاقتراح مبررة. فمعظمهم يرون انفسهم اولا وقبل كل شيء كجزء من الحركة الصهيونية، ومن هنا رغبتهم في البقاء مواطنين اسرائيليين وان يكونوا جزء من تحقيق المشروع الصهيوني.  اما التنازل عن المواطنة الاسرائيلية وقبول المواطنة الفلسطينية فمعناه سيكون التنازل عن الرواية الوطنية في صالح الرواية الدينية، الارتباط بالارض وليس بالدولة. وعندما اقيمت دولة اسرائيل لم تكن اراضي الضفة في سيادتها ومع ذلك فان اليهود الذين هاجروا الى البلاد استقروا في داخل حدود البلاد ولم يسعوا الى الاستقرار خارج الحدود السيادية، في مناطق يهودا والسامرة.

          ومع ذلك ثمة ايضا شعاع نور واحد خرج هذا الاسبوع من حكومة اسرائيل. حتى لو كان نتنياهو غير جدي في نيته الوصول الى تسوية وحتى لو كان ليبرمان لن يوافق ابدا على اقامة دولة فلسطينية: كلاهما اعترفا علنا بحقيقة ان دولة فلسطينية ستقوم بين البحر والنهر واراضيها ستضم اراض توجد فيها مستوطنات ويعيش فيها مستوطنون. رجال البيت اليهودي غاضبون وعن حق. حتى لو كانت هذه احبولة اعلامية في محاولة لاحراج الفلسطينيين، فقد اعترف نتنياهو هذا الاسبوع لاول مرة بان الدولة الفلسطينية – حسب ما تراه عيناه – ستضم مناطق اقيمت عليها مستوطنات وبؤر استيطانية.