خبر : شولاميت الوني لم تكن جزءا من أي قطيع \ بقلم: يوسي بيلين \ اسرائيل اليوم

الأحد 26 يناير 2014 03:19 م / بتوقيت القدس +2GMT



 

          لم تأت شولاميت الوني من هامش السياسة الاسرائيلية. بل هي "وكيلة تغيير" جاءت من قلب مؤسسة مباي وتركت أثرها على المجتمع لتحويلها التأكيد من المجموع الى الافراد الذين يؤلفونه. لقد نشأت في مجتمع كان الفرد فيه جنديا في الحرب القومية أو الاجتماعية، وكانت التضحية به أو التضحية بحقوقه مفهومين من تلقاء نفسهما. وطمحت الى مجتمع يكون الافراد المؤلفون له في المركز بينما يُمكنهم المجموع من تحقيق أنفسهم وأهدافهم، فاذا كان يوجد شخص واحد قام بهذا التغيير فانه شولاميت الوني.

 

          كانت في الايام الخالية جزءا من ذلك المجموع الذي لم يكن الافراد فيه مهمين كثيرا. كانت قد وجدت نفسها في كيبوتس اليموت في خيمة واحدة مع شمعون وسونيا بيرس اللذين ضما اليهما ضيفا لأنه لم يكن يوجد عدد كاف من الخيام، وقد سمياها "بريموس" لأن لهذه الأداة الممتازة لتسخين الغذاء ثلاث قوائم، ثم جاء بعد ذلك البلماح والجيش الاسرائيلي وحرب التحرير والدراسة في الجامعة والكتاب المقدس وشباب مباي.

 

          في ستينيات القرن الماضي تشكل تميزها. وما زلت أذكر نفسي إذ كنت فتى أنتظر برنامجها الثابت في الراديو وهو "من خارج ساعات القبول"، الذي كانت تريد به أن تساعد الاشخاص الذين دُفعوا الى مشكلات وكانت تعرض عليهم الحلول التي كان يفترض أن تبسطها الدولة أمامهم بحسب القانون. ويصعب أن نفهم اليوم كم كان ذلك الامر ثوريا. إن أكثر الناس لم يكونوا يطلبون حقوقهم وكانت الاقلية التي كانت تطلبها قد اعتادت "قلب الطاولة" في الحكومة أو في البلدية. فجاء الراديو الرسمي فجأة ليقترح حلولا بمبادرة منه.

 

          استغل مباي شعبية المحامية الشابة الجميلة هذه، وعينتها اللجنة التنظيمية في موقع جيد استعدادا للانتخابات في 1965. وقد تناول البث الاذاعي في يوم تأدية الكنيست السادسة لليمين الدستورية بصورة مطولة فستان عضو الكنيست الشابة ابنة السابعة والثلاثين. وعبر الحريديون آنذاك عن عدم رضاهم عن مظهرها.

 

          لكن شولا أثبتت سريعا أنها ليست جزءا من أي قطيع ومن أي انضباط ائتلافي أو حزبي. فقد كانت نفسا حرة وهذه مشكلة لكل مؤسسة. في 1969 لم ترشح. وحينما لم ترشح في 1973 انشأت راتس التي فازت بثلاثة نواب وكل ما عدا ذلك اصبح تاريخا. تولت مناصب في حكومات اسرائيل فترة أقل من خمس سنوات وهي بضعة اشهر في حكومة رابين الاولى وثلاث سنوات في حكومة رابين الثانية وبضعة اشهر في الحكومة التي انشأها بيرس بعد قتل رابين. وقد تركت أثرها المميز على المناصب التي شغلتها لكنها لم تكن قط في الحقيقة امرأة المؤسسة بل بقيت بنتا حافية القدمين.

 

          كانت بيننا احاديث لاذعة، فلم تكن تحب الجهود التي بذلتها لانشاء ائتلافات حكومية لأنها لم تكن تحب المصالحات الضرورية المقرونة بذلك. وهي لم تحب عبارة "يهودية ديمقراطية" وكانت تفضل "دولة كل مواطنيها". وكان كل جدل مع شولا جدلا انفعاليا. وقد فاجأني تأييدها لترشيحي لرئاسة ميرتس لكن استقر رأيها آنذاك على أن ذلك أصح ما يُفعل وحينما كانت تقرر كانت تمتنع عن تقديرات الاسبقية الحزبية أو العضوية.

 

          إن شولا هي قصة نجاح نادرة لمن آمن بتغيير تصوره العام ونجح في تحقيقه مستعينا بوسائل كان يملكها وانشأها. إن اسرائيل التي تودعها تختلف جدا عن تلك التي نشأت فيها، وقد كانت هي وكيلة هذا التغيير.