خبر : هل تتوقف الأيادى عن الارتعاش بعد اغتيال مبروك؟ ...بقلم: عبداللطيف المناوي

الخميس 21 نوفمبر 2013 04:14 م / بتوقيت القدس +2GMT



قالها رجلهم فى تسريباته التى نُشرت يوم محاكمته «عمليات الاغتيالات لم تبدأ بعد»، ولم تمر أيام كثيرة قبل أن تسقط ضحية جديدة لعمليات الغدر عندما طالت من كان يعد شاهدا رئيسيا ضد محمد مرسى فى واقعة الهروب، وشارك فى القبض على رجلهم القوى خيرت الشاطر. قرأت الخبر فى أحد المواقع، عقب دقائق من نشره، وقد تضمن مقتل ضابط من الأمن الوطنى إثر إطلاق النار عليه من مجهولين أثناء توجهه إلى عمله «يدعى» المقدم محمد مبروك، تسمرت عيناى أمام الاسم، أعدت القراءة مرات وتصفحت مواقع إخبارية عديدة، نعم إنه هو مبروك، لا «يدعى» محمد مبروك، بل هو الشهم المقبل على الحياة الذى عرفته يتوقد حماسة ووطنية. 

كان أحد الرجال القريبين من اللواء احمد رأفت، نائب رئيس جهاز أمن الدولة، الذى توفى فى مكتبه وهو يعمل، كان رجلا نادرا لا يتكرر وجمع حوله مجموعة من الرجال يحملون من الصفات نبيلها، أحد أسباب نجاحه الذى لا ينكره منصف هو طبيعة الرجال الذين عملوا حوله. 

تولوا لسنوات طويلة ملف التنظيمات الدينية المتطرفة التى جمعت بينها جماعة الإخوان المسلمين، وتبنى هو ومجموعته مبادرات وقف العنف التى خرجت عن الجماعة الإسلامية أولا ثم تنظيم الجهاد. أرتبط بعلاقة قوية وشخصية معه ومع رجاله لسنوات، وكنت وقتها متابعا ودارسا لملف الجماعات الإسلامية- وأعتقد أنها تسجيلات قوية لم تر النور حتى الآن، ربما لو أتيح لها العرض لاختلفت الأمور- اعتدنا اللقاء على المستوى الشخصى كل فترة وكان من بين رجاله المقدم محمد مبروك الذى كان أحد ضباط ملف الإخوان المسلمين.

 لم ينفرط عقد المجموعة بعد وفاة أحمد رأفت إلا قليلا، وظلت علاقتى بهم ممتدة، وكان مبروك من أكثر الحريصين على المبادرة بالتواصل طوال السنوات الماضية عقب أحداث يناير وحل جهاز أمن الدولة، وتم نقله خارج الإدارة بعد أن أطيح بمعظم العاملين فيها خارجها أو خارج الخدمة. أصدق ما نسب إلى أحد أقربائه بأنه علق بعد استيلاء الإخوان على السلطة بقوله «الخونة حكموا البلد»، كان دائماً ما يذكرنى فى مكالماته بما كان يقوله «الحاج»، وهو الاسم الذى كان يطلق على اللواء أحمد رأفت، فى جلساته وتحذيره المستمر من خطر الإخوان وشكواه من خطأ النظام فى التعامل معهم.

خرجت بعض الأطراف تدافع عن «الإخوان» وتبرئها من اغتيال مبروك، لكن يقف تاريخ الجماعة وتهديدات رجلهم مرسى لتشير إلى العكس، فمنذ سقوط الإخوان والتوقعات تشير إلى أنهم سيصلون إلى هذه المرحلة. «الإخوان» عبر تاريخها ارتكبت جرائم اغتيال والكثير من جرائم الإرهاب، وهذه المسائل مؤكدة ولم ينكروها على الإطلاق وإن حاولوا تحميلها وإلباسها مسوح الوطنية، ولديهم نوعان من الاغتيالات، وهما اغتيال توقيفى واغتيال انتقامى، على حد وصف ثروت الخرباوى، الكاتب المعروف، الذى كان عضوا فى الإخوان، واغتيالهم النقراشى كان انتقاميا لأنه حل الجماعة وصادر أموالها، أما المقدم محمد مبروك فهو اغتيال توقيفى لأنه كان سيشهد على خروج مرسى من وادى النطرون، وكان الشاهد الوحيد على ما يتعلق بقضية تخابر مرسى مع أجهزة استخبارات خارجية ومع حماس، فكان لابد من توقيفه بضربة توقيفية وليست انتقامية حتى لا يدلى بشهادته.

عملية اغتيال محمد مبروك تمت بطريقة احترافية شديدة ولم يترك المرتكبون أثرا فى مكان الجريمة، ومن الواضح أن من قام بها ارتكبها من قبل لأنه مدرب عليها، وهناك تشابه بين اغتيال محمد أبوشقرة ومحمد مبروك. وكان الاثنان غير معروفين ولهما أسماء حركية والمفترض أنه لا أحد يعرفهما من الإخوان إلا قياداتهم ومن تمكن من الغوص فى ملفات أمن الدولة منهم وقت أن كانوا يسيطرون على البلاد.

بينما أنهى مقالى هذا أطالع على شاشة التليفزيون أمامى نبأ إلقاء قنبلة يدوية على الشرطة فى بولاق وسط القاهرة، وعملية انتحارية تسفر عن استشهاد أكثر من عشرة جنود فى عملية استهدفت حافلتهم على الحدود مع غزة. وألمح ابتسامات تشف لدى كثير من الإخوان وإخوانهم.

رحم الله مبروك وكل من استشهد من أجل هذا الوطن، لعل دماءهم التى تسيل تكون دافعا لتقوية قلوب المسؤولين وتحصينهم من ارتعاش الأيادى.

عن المصري اليوم