خبر : ماذا تريد جماعات الإسلام المتطرفة ومن تخدم؟ ...بقلم: طلال عوكل

الإثنين 30 سبتمبر 2013 01:44 م / بتوقيت القدس +2GMT
ماذا تريد جماعات الإسلام المتطرفة ومن تخدم؟ ...بقلم: طلال عوكل



في حين يبدي الكثير من مجتمعات الشرق الأوسط والمنطقة العربية، خصوصاً تخوفات حقيقية من انتشار المجموعات الارهابية والتكفيرية، التي تتزايد أعدادها، ومسمياتها وأدوارها، فإن الولايات المتحدة الأميركية، التي اخترعت هذا العدو وأعلنت عليه الحرب بعد أحداث الحادي عشر من أيلول العام 2001، تبدو وكأنها خالية الطرف، ومطمئنة إلى أمنها الداخلي ومصالحها.

مصر بعد ثورة ثلاثين حزيران الماضي، أعلنت الحرب على الإرهاب الذي تمارسه جماعات تكفيرية، بمسميات مختلفة، راكمت كميات كبيرة من الأسلحة، والذخائر وتحصنت في جغرافيا سيناء الوعرة، مستفيدة من ضعف السيادة المصرية عليها بسبب شروط كامب ديفيد، ثم ظهرت فعاليتها ضد النظام الجديد في مصر، لحساب جماعة الإخوان المسلمين.
وفي سورية، يجري الحديث عن عشرات آلاف المسلحين، ممن يسمون أنفسهم الجهاديين، وأيضاً تحت مسميات مختلفة، أهمها جبهة النصرة، والذين يشكلون القوام الأساسي المسلح للمعارضة السورية، حتى باتت هذه المجموعات تشكل تهديداً للجيش الحر، وتهديداً لمستقبل سورية.
جاء هؤلاء وتجمعوا في سورية، من أصقاع عديدة، من شمال أفريقيا، ومن العراق، وأفغانستان وباكستان واليمن والجزيرة العربية، فيما تتخوف دول الجوار السوري من أن تكون التالية على اللائحة بعد أن يستقر الأمر في سورية.
العراق يكتوي بنيران هذه الجماعات التكفيرية، والمتطرفة، والارهابية، حيث يسقط يومياً العشرات، وفي بعض الايام المئات بين قتلى وجرحى، والأسباب كثيرة، طائفية، ودينية تكفيرية، وسياسية، وأحياناً دون ذرائع وأسباب ودون أن يعرف المواطن العراقي، اسباب وأهداف كل هذا القتل الإجرامي.
اليمن هو الآخر اكتوى ويكتوي بنيران هؤلاء، ويخوض حرباً ضروساً تتدخل فيها الولايات المتحدة عسكرياً، وتقوم طائراتها بدون طيار بأعمال انتهاك للسيادة اليمنية كما تفعل في باكستان، التي تعد واحدة من مصادر تدريب، وتنظيم، وتصدير الجماعات الارهابية.
قبل ذلك اكتوت الجزائر بنيران هؤلاء، أيضاً، ولفترة طويلة فقد خلالها الشعب الجزائري والجيش وأجهزة الأمن، آلاف الضحايا..
السؤال هو من هي الدولة، التي ساهمت بالقسط الأوفر، من أسباب نشوء واتساع هذه الظاهرة، ولماذا تنتشر ويتركز عملها ونشاطها أساساً في المنطقة العربية؟
الكل يعرف أن الولايات المتحدة هي التي ساعدت وموّلت جماعات المجاهدين الذين وفدوا إلى أفغانستان، خلال الحرب ضد الاحتلال السوفياتي في ثمانينيات القرن الماضي، وكانت تلك الجماعات تعمل تحت شعار الحرب المقدسة ضد الشيوعيين الكفار.
بعد انسحاب الجيش السوفياتي من أفغانستان نشأ نظام طالبان، الذي شكّل قاعدة أساسية، لظهور تنظيم القاعدة، الذي ادعى العداء للاستكبار العالمي، قابلته الولايات المتحدة بادعاء عدائه ومحاربته.
لقد ضخت إدارة جورج بوش الابن عبر وسائل الإعلام والسياسة، موجات هائلة من التحريض على الإسلام، واتهامه بأنه يشكل حاضنة ومفرخة للارهاب، وقامت بتضخيم هذه الظاهرة التي كان محدودة، حتى تبرر حروبها الخارجية على العراق وأفغانستان.
وبالمناسبة، فإن تنظيم القاعدة، عبارة عن منظومة أفكار متطرفة تتلفع بالإسلام، وهو ليس تنظيماً عالمياً مركزياً، فكل جماعة في مجتمع ما بإمكانها أن تتبنى هذه المنظومة، وأشكال عملها فتنسب إلى تنظيم القاعدة دون أن يكون هناك أية صلات تنظيمية مع قيادة القاعدة المتواجدة في أفغانستان والباكستان.
ومن الواضح أن الولايات المتحدة، كما غيرها غير محصنة من الارهاب فيما يبدو أنها المستفيد الأول من هذا الانتشار الواسع لهذه الظاهرة التي تقوم بتدمير عشوائي للمجتمعات العربية، الواحدة تلو الأخرى، وتدمير حكوماتها، ومعارضاتها على السواء، دون أن يكون لهذه المجموعات أهداف واضحة، كأن تسعى لتسلم السلطة في هذا البلد العربي أو ذاك.
ماذا تريد هذه المجموعات التي تواصل قتالها وعنفها في العراق، وماذا تريد، أيضاً، أن تحقق من حربها في مصر، حيث نسمع عن عمليات عسكرية ضد الجيش والشرطة والمنشآت الحكومية، دون أن نسمع عن أهداف تريد تحقيقها والوصول إليها، ما يترك لنا أن نفهم فقط بأن هذه الجماعات تستهدف بث الفوضى، والقلق، وعدم الاستقرار، وتدمير إمكانيات الشعب المصري.
فليسأل كل إنسان نفسه، عن الهدف الذي يسعى إليه أي من هذه الجماعات والمجموعات في أي بلد عربي، تمارس فيه عنفها، الذي تقشعر له الأبدان، في أحيان كثيرة؟
على أن السؤال الأهم هو إن كان هؤلاء مسلمين، ومجاهدين ضد الظلم، والاحتلال، ولحماية بلاد المسلمين ومقدساتهم، والانتصار للشعوب المضطهدة ومنها الشعب الفلسطيني، فلماذا يقتصر دور هؤلاء على إصدار البيانات في فترات متباعدة؟ لماذا لا تبادر هذه المجموعات للعمل ضد إسرائيل؟ إن كان ثمة من سيتحدث عن صعوبة الاقتراب من الداخل الإسرائيلي، فإن الحدود بين مصر وإسرائيل يصل طولها إلى مائتين وأربعين كيلومتراً.
لماذا يستطيع المهجرون من السودان والصومال وأثيوبيا ومن دول أخرى، اجتياز الحدود تهريباً إلى داخل إسرائيل، ولا تستطيع هذه المجموعات أن تفعل الشيء نفسه؟ ولماذا لم تبادر الجماعات التكفيرية والمتطرفة الموجودة في سيناء، والتي تعمل ضد الجيش المصري، إلى العمل ضد إسرائيل؟ وإذا كانت لا تستطيع العمل ضد الداخل الإسرائيلي، فلماذا لا تعمل ضد المصالح الإسرائيلية في الخارج؟ بصراحة ثمة علامة بل علامات استفهام كبيرة تحوم فوق رؤوس كل هذه المجموعات والجماعات، التي يبدو أنها تكرس أعمالها لصالح الولايات المتحدة، ولصالح إسرائيل التي تنتهك أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، ومسرى الرسول الكريم.
إن هذه الجماعات والمجموعات التي تدعي إسرائيل أنها تخشى خطرها، بعد أن اطمأنت لغياب الجيوش العربية، تسيء للإسلام والمسلمين، وتسعى لتدمير بلادهم ما يرتب على المسلمين الحقيقيين أولاً، ضرورة مواجهة هذا التشويه البغيض، وتمييز أنفسهم عن هذه الجماعات التي تلحق أضراراً بليغة بالعالم الإسلامي.