خبر : قطاع غزة إلى أين؟..حسام الدجني

الأحد 22 سبتمبر 2013 02:05 م / بتوقيت القدس +2GMT
قطاع غزة إلى أين؟..حسام الدجني



ما يجري في المنطقة من أحداث متسارعة وتطورات دراماتيكية يطرح تساؤلًا عن مستقبل القطاع، وتحديدًا في ضوء المتغيرات الإقليمية، وقرارات الاحتلال المخففة للحصار، والخطوات المصرية تجاه الأنفاق.

هناك متغيرات إقليمية تركت انعكاسها على القضية الفلسطينية بشكل عام وقطاع غزة على وجه الخصوص، فعدم استقرار الأوضاع الاقتصادية والأمنية والسياسية بدول الربيع العربي ترك آثاره على قطاع غزة وعلى الحكومة الفلسطينية؛ فتونس التي شهدت انطلاقة الربيع العربي، وأول عملية تحول ديمقراطي أفرزت وصول تيار الإسلام السياسي إلى سدة الحكم تشهد حراكًا مناهضًا للحكومة، ولحركة النهضة ذات التوجهات الإسلامية، ومصر بعد عزل الرئيس المنتخب محمد مرسي تعاني تحديات كبيرة وأزمات سياسية واقتصادية وأمنية، والحالة الليبية ليست أحسن حالًا، والنزف في سوريا مازال متدفقًا، والعديد من المؤامرات الإقليمية والدولية تحاك في الغرف المغلقة، وتغذيها خلايا أزمة شكلت من أجل إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط بما يحفظ مصالح بعض النظم السياسية في المنطقة، وهذا يتقاطع مع مصالح الدول الكبرى والكيان العبري.

لم تكن فلسطين التي تشكل قضيتها بؤرة الصراع في المنطقة بعيدة عن تلك المخططات، فتصفية القضية الفلسطينية لا يمكن أن تتم دون القضاء على ثقافة المقاومة في الوعي الذاتي الفلسطيني، وإحلال مكانها مفهوم السلام الاقتصادي، وبناء الفلسطيني الجديد العازف عن كل أشكال النضال، والطامح إلى مواكبة أوضاعه المعيشية الصعبة، والبحث عن فتات راتب لا يكفيه سوى بضعة أيام من الشهر.

ولكن اليوم بات الشعب الفلسطيني أمام واقع جديد، ومتغيرات كبرى، وتغيرت خريطة التحالفات، وساد الفكر الإقصائي الاستئصالي لرأس المال الاجتماعي الفلسطيني، وتحول الخطاب الإعلامي المصري تجاه حركة حماس وقطاع غزة، وبدأ الجيش المصري حملة كبيرة تستهدف الأنفاق، وشهدت حواجز الاحتلال تسهيلات كبيرة في إدخال البضائع من قبله، وأعلنت السلطة الفلسطينية قرار إعفاء الوقود الصناعي اللازم لتشغيل محطة توليد الكهرباء من الضريبة، كل ما سبق يدفعنا إلى البحث في مستقبل قطاع غزة و"السيناريوهات" المتوقعة.

*السيناريو الأول: سيناريو حصار الحكومة وحركة حماس دون المساس بالشعب: قد يكون هذا السيناريو الأكثر رجحانًا، بحيث تعمل السلطة الفلسطينية على حل معظم أزمات قطاع غزة عبر حواجز الاحتلال، وبذلك تظهر أمام الرأي العام أنها الوحيدة القادرة على إنقاذ القطاع، والتعبير عن طموحات شعبه الذي أنهكه الحصار منذ سنوات .

ومن الناحية الاقتصادية تستفيد السلطة من المقاصة الضريبية التي تجنيها قوات الاحتلال من إدخال البضائع، وفق ما نصت عليه اتفاقية باريس، وهذا بالتأكيد يتوافق هو وقرار الحكومة المصرية إغلاق الأنفاق التي كانت تجني منها الحكومة بقطاع غزة ما يساهم في دفع مرتبات أكثر من خمسين ألف موظف، وبذلك تكون السلطة قد حققت الأهداف التالية: أ‌. جففت المنابع المالية لحركة حماس وحكومتها. ب‌. تفريغ الخطاب الإنساني لقطاع غزة من محتواه، وسحب الذرائع من أمام أي جهود دولية لكسر الحصار عن غزة. ت‌. بعد وقف تهريب الأسلحة من الأنفاق إن ذلك من شأنه الضغط على فصائل المقاومة للتخلي عن مبدأ عسكرة الانتفاضة. ث‌ . تحسين الإيرادات المالية للسلطة بجني مزيد من أموال المقاصة. ج‌. أقل تكلفة من أي "سيناريوهات" أخرى كتمرد، أو استعادة غزة عن طريق (سيناريو) الحرب والقوة العسكرية.

*السيناريو الثاني: سيناريو تغليب المصلحة الوطنية على المصلحة الخاصة قد يكون هذا (السيناريو) حاضرًا؛ كونه يعبر عن أمنيات الشعب الفلسطيني، وكونه الأقل تكلفة لكل الأطراف، ويساهم في ترطيب الأجواء نحو انطلاق قطار المصالحة الوطنية، ويؤكد ذلك أن هناك آراء داخل المجلس الثوري تطالب قيادة حركة فتح بتجنيب قطاع غزة ويلات الحصار والمعاناة وتحمل المسئولية الوطنية والأخلاقية تجاه غزة، مع ضرورة عدم حشر حركة حماس بالزاوية، والعمل معها لا عليها، وصولًا إلى إنهاء الانقسام والاحتلال.

*السيناريو الثالث: سيناريو الحرب ويبقى هذا (السيناريو) حاضرًا، ولكن حدوثه أمر صعب، ولكن يبقى السؤال عن طرفي الحرب، فقد جرت العادة أن يكون الكيان العبري هو من يشن الحرب على قطاع غزة، ولكن هناك من يتحدث عن إقدام الجيش المصري على توجيه ضربة إلى قطاع غزة، وأنا لا أتوافق مع هذا الطرح؛ نظرًا إلى عقيدة الجيش المصري القتالية، وطبيعة ساحة المعركة، فعقيدته تنظر إلى الكيان العبري أنه العدو الأول، وتنظر إلى الفلسطينيين أنهم جزء من أمنه القومي، وما يؤكد صعوبة ذلك من الناحية العسكرية هو ساحة المعركة بغزة التي تبلغ مساحتها 365 كيلو متر مربع، يعيش عليها نحو مليون وثمانمائة ألف مواطن، تصعّب المهمة من الناحية العسكرية، وتحديدًا في ظل الأجواء الأمنية المتوترة في سيناء، والوضع الاقتصادي والسياسي الصعب، أما الكيان العبري فربما هو المستفيد الأكبر مما يجري بالمنطقة، ومعروف عنه أنه لا يقاتل من أجل الآخرين، وبذلك سيجنب الكيان العبري نفسه (سيناريو) أن يوجه ضربة إلى القطاع في هذه الأيام دون مسوغ عسكري أو أمني قوي. Hossam555@hotmail.com