خبر : عمرو موسى: "السيسى" رئيس مصر القادم بـ"تفويض شعبى"

الخميس 19 سبتمبر 2013 01:06 م / بتوقيت القدس +2GMT
عمرو موسى: "السيسى" رئيس مصر القادم بـ"تفويض شعبى"



القاهرةوكالات يتطلع الشعب إلى لجنة الدستور، باعتبارها الركيزة الأساسية التى تفتح الباب للعبور من المرحلة الانتقالية إلى الاستقرار وبناء مصر الحديثة وتحقيق أهداف ثورتى 25 يناير و30 يونيو، عن اللجنة وآخر ما توصلت إليه وطبيعة الدستور الجديد وما يتضمنه من مواد، كان هذا الحوار مع عمرو موسى، رئيس لجنة الخمسين، الذى قال: إن الدستور الجديد سيكون دستورا عصريا يحافظ على مدنية الدولة، وإن الوثيقة الجديدة ستطرح فى استفتاء على الشعب المصرى، بعد إزالة الركاكة الموجودة فى دستور 2012. وأضاف أنه لا مساس بالمادة الثانية من الدستور، وأن الحوار متواصل بين رئيس حزب النور لخلق أرضية للتوافق داخل لجنة تعديل الدستور، وأن توجس السلفيين وحذرهم من اللجنة ليسا عيبا، ورفض الاتهامات الموجهة للجنة بأنها تكتب دستورا ضد الإسلام، وأشار إلى أن الظروف الحالية تتطلب العمل بالنظام المختلط، قائلاً: «البلد يغرق ويحتاج إلى رئيس قوى يقود البلاد فى الطريق الصحيح وحكومة قوية»، وإنه لن يترشح للانتخابات الرئاسية، وإن رئيس مصر القادم سيأتى بتفويض شعبى وإن الفريق أول عبدالفتاح السيسى، وزير الدفاع، هو الأقرب للمصريين ولهذا التفويض الآن وبحسابات اليوم.

■ الشعب ينتظر آخر المستجدات الخاصة بلجنة الدستور..

- اللجان النوعية كلها تعمل بنشاط كبير، خاصة لجنة المقومات الأساسية، والدولة كانت تدرس دور الأزهر ودور المرأة، وهما مادتان مختلفتان، ولجنة نظام الحكم تدرس شروط الترشح لرئاسة الجمهورية، ولجنة الحقوق والحريات تناقش الحقوق الثقافية، ولجنة الحوار المجتمعى تتلقى المقترحات، واستمعت إلى مطالب المحامين، فيما انقسمت لجنة الصياغة إلى فريقين، الأول يصوغ الديباجة أو مقدمة للدستور، والآخر يتلقى المواد من اللجان لصياغتها وإعدادها لمناقشتها داخل الجلسة العامة للجنة.

■ هل نحن بصدد دستور جديد؟

- نحن بالتأكيد نتوقع وثيقة دستورية جديدة، بها مواد كثيرة تختلف جذريا أو أساسيا عن الدستور السابق، هناك مواد أضيفت وأخرى حذفت ومواد دمجت وأخرى عدلت، بعضها كلياً والأخرى جزئيا أو لغويا، وبالتالى ستكون هناك وثيقة دستورية جديدة، وليست المشكلة أن يكون الدستور جديدا أو معدلا، المهم أن نمتلك وثيقة دستورية سليمة رصينة غير ركيكة.

■ معنى ذلك أن دستور 2012 المعطل كان ركيكا..

- هذا رأيى فعلا، وقلت قبل ذلك فى «الوطن» إن دستور 2012 كان ركيكا، وطلبت فى هذا الوقت من الرئاسة والحكومة علنا ضرورة إعطاء الفرصة لمراجعة الدستور قبل الاستفتاء، لكن لم يؤخذ بهذا الرأى ولم يقبلوه، وبالتالى بقى ركيكا وكان من الضرورى أن يعدل جذريا، وهناك مواد ستبقى؛ لأنها أُخذت من دساتير سابقة ومواد أخرى صياغتها لا بأس بها.

■ كم من المواد ستبقون عليها دون تعديل؟

- ثلث مواد الدستور ستبقى كما هى، وثلث المواد ستضاف، والجزء الباقى سيعدل جزئيا وتضبط صياغته.

■ شكلت لجنة لوضع ديباجة جديدة للدستور، ما فلسفة هذه الديباجة؟

- هذا سؤال جيد، فلسفة الديباجة، نحن موجودون الآن لكتابة دستور جديد بسبب قيام ثورة فى مصر وتغير الظروف؛ لذا فإن الإشارة للثورة ضرورة، ومنطلقنا هو ثورة يناير 2011، وما تلتها ثورة 30 يونيو، وهاتان ثورتا الشباب الذى يقودنا إلى النقطة الثانية وهى انتقال الأجيال، أى أن هذا الدستور يجب أن ينظر للمستقبل، إضافة للعدالة الاجتماعية، التى ثبت من النقاش هنا أنها لا تخص حزبا أو غيره، سواء يسارى أو يمينى، وأن كل الأحزاب تطالب بالعدالة الاجتماعية؛ لأن هناك فقرا كبيرا جدا وسوءا فى إدارة الحكم وسوءا فى توزيع الثروة، بمعنى أن العدالة الاجتماعية مع التنمية الاقتصادية تأتيان فى البداية، ثم نتحدث عن التراث المصرى، والآفاق أمام الدستور والقوة الناعمة التى عُرفت بها مصر على مر العقود والقرون وكانت سبب تقدم الدولة أو «البرستيج» الذى كانت مصر تمتلكه، فى كل هذه العهود الطويلة، وانتشارها ونفوذها لم يكونا قائمين على القوة فقط، بالعكس معظمهما كان بسبب القوة الناعمة وما تشعه من أديان وفلسفات وفنون، تعاظمت وتأكدت وتكررت من أيام الفراعنة، ثم تطورت إلى أن أصبحت مصر قبطية ولها فنها ثم إسلامية ثم عربية، وفى كل هذه العصور اختلفت أم لم تختلف من الفراعنة، هناك إنتاج مصرى متواصل، ويعجبنى ما قاله الشيخ متولى الشعراوى من أن مصر صدرت علم الإسلام إلى الدنيا كلها حتى إلى البلد الذى ظهر فيه الإسلام، هذه هى القوة المصرية، وإذا كُبتت هذه القوة يُكبت الفكر وتتراجع مصر؛ لذلك يعتبر بيان الأزهر الذى تحدث عن حرية التعبير والبحث العلمى وحرية الإبداع، فنا وأدبا وشعرا، شيئا عظيما جدا، هذه هى مصر وينبغى أن ينعكس ذلك فى الديباجة، نحن بلد الأديان والفكر الدينى المتقدم وغيره الذى يقود الفكر الدينى المتسامح.

■ تحدثت عن الأزهر الشريف ودوره ووثيقته، هل هناك نية لدى لجنة الدستور لقصر الفتوى على مؤسسة الأزهر؟

- هناك إجماع على أن دور الأزهر مهم فى الحياة المصرية والحياة الإسلامية عموما، والأزهر ليس لديه أى نية أو عزم أو رغبة أن يتدخل فى السياسة أو الحكم.

■ هل معنى هذا أن الأزهر مسئول عن هذا الجانب دون تدخل من الأحزاب؟

- الأزهر مسئول عن نشر الدعوة الإسلامية وتعريف الناس بدينهم وتقديم الفتاوى لهم، لكن ليس له علاقة بالحكم، ولا يقبل دخول الدين فى السياسة ولا السياسة فى الدين، والدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر قال ذلك أكثر من مرة.

■ البعض يطالب بوضع مادة فى الدستور تقصر الدعوة على الأزهر ومؤسساته؛ لأن البعض يرى حالة التطرف الذى يشهدها بسبب احتلال أشخاص غير مؤهلين للمنابر.

- الدستور يجب أن يكون واضحا، مثل حديثنا عن المادة الثانية ودور الأزهر؛ فلا بد أن تكون هناك ضوابط واضحة، ولا ننكر أبدا أن مصر جزء من العالم الإسلامى ومن ثم علينا التزامات، والأزهر الشريف وحده هو من يقود مصر فى هذا الطريق؛ لأنه ليس مجرد مسجد ولكن جامعة ومعهد ومؤسسة ودولة للعلم والإفتاء.

■ وماذا عن مرجعية الأزهر على القوانين وغيرها، التى كانت فى الدستور السابق؟

- المرجعية هنا ستكون دينية فكرية بعيدا عن السياسة ونظام الحكم، والإمام الأكبر شيخ الأزهر قال إن ذلك ليس دور الأزهر.

■ هل سيكون الأزهر هيئة مستقلة وفقا للمادة الرابعة؟

- طبعا، ضرورى أن يكون الأزهر هيئة مستقلة، ولا يقال شيخ الأزهر من منصبه.

■ هناك اعتراضات من بعض أعضاء لجنة الخمسين على عدم إمكانية إقالة شيخ الأزهر.

- الفكرة عامة بين الإقالة أو الإبقاء، لكن الاتجاه العام يقول شيخ الأزهر لا يُعزل.

■ هناك جدل فيما يخص شروط الترشح للرئاسة فيما يتعلق مثلا بجنسية الزوجة!

- يجب أن يحمل الأب والأم والزوجة والأبناء الجنسية المصرية فقط، ولم يسبق لهم أن حملوا جنسية أخرى حتى لو تنازل عن جنسيته الأخرى من أجل الترشح.

■ لماذا تُحرم قامات مصرية فى الخارج ترغب فى الترشح للانتخابات من هذا الحق؟

- بالطبع هذا الشرط سيمنع البعض من الترشح للرئاسة، وأنا أتحدث عن مناقشات لا تزال جارية داخل اللجنة ولم تُصَغ أى مادة بعد، ومن ثم لا يوجد موقف نهائى للجنة وإنما هذا هو الفكر السائد الآن، وقد يتغير فى أى لحظة؛ لأننا ما زلنا فى الأسبوع الأول من العمل.

■ هل هناك اتجاه لتغيير شروط الترشح للرئاسة غير الجنسية؟

- هناك موضوع السن، ستكون 40 عاما، والتعليم والتجنيد.

■ ماذا عن الحالة الصحية للمرشح لمنصب الرئيس؟

- أن يكون سليما. (ضاحكا) يعنى هنقول نظره ضعيف؟

■ لكن محمد مرسى، الرئيس المعزول، قيل إنه كان مصابا بمرض الصرع!

- لكنه انتُخب، وعُزل لأسباب أخرى.

■ هل سنرى وضعا لائقا للمرأة فى الدستور؟

- أولا: أنا مع حقوق المرأة ودورها؛ لأن المجتمع نصفه نساء، وإذا لم يأخذ هذا النصف حقوقه يصبح مجتمعا أعرج، وبالتالى أحد أسباب الخلاف فى الجمعية التأسيسية السابقة كان المادة الخاصة بالمرأة، وأعتقد أنها رقم 59 لأنى أتذكرها جيدا وطالبت بالمساواة وانتهى الأمر بإلغاء المساواة فى مقابل إلغاء الإشارة إلى حدود معينة لهذه المساواة، وهذه المرة تحدثنا عن المساواة، والسفيرة ميرفت التلاوى، عضو اللجنة، تكلمت عن وضع كوتة للمرأة، والسيدة منى ذوالفقار تقدمت بصياغة أيضا لحماية حقوق المرأة، ولجنة العشرة طالبت بألا يتعارض الأمر مع مبادئ الشريعة الإسلامية، وما زال الموضوع فى طور المناقشات، والتصويت فى الجلسة العامة يحسم الأمر، كذلك موضوع كوتة المرأة ليس هناك اتجاه فيه ولكنه سيُبحث عند الحديث عن الانتخابات.

■ قيل إن اللجنة ناقشت الأمر وإن هناك تمييزا للمرأة، لكن دون تحديد نسبة.

- عندما ننص على وجود كوتة للمرأة، فهذا تمييز إيجابى وكلنا متفقون على أن التمييز الإيجابى ضرورة ولكن لم ندخل فى التفاصيل.

■ كل المنظمات الدولية انتقدت وضع المرأة فى الدستور السابق، وبالتالى تعديل ذلك فى الدستور الجديد سيفيد مصر كثيرا فى المرحلة الانتقالية، خاصة أنه سيظهر حقيقة ما يحدث فى مصر أمام العالم.

- انسَ العالم.. نصف الشعب نساء، وبيغيظنى جدا حكاية العالم، نحن نصنع ذلك من أجل البلد.

■ هناك اتفاق عام على أن تدهور الأوضاع فى مصر خلال الـ30 سنة الماضية كان بسبب إهمال التنمية البشرية، فهل سيعالج الدستور الجديد معضلتى التعليم والخدمة الصحية؟

- التعليم والصحة أكثر ملفين فى الدستور يجب إعادة النظر فيهما إعادة جذرية، وأنا أذكرك ببرنامجى الانتخابى خلال انتخابات الرئاسة السابقة، تحدثت بالتفصيل عن الرعاية الصحية والتعليم كملفين رئيسيين يجب مراعاتهما منذ الـ100 يوم الأولى، وفيما يتعلق بهذا الدستور هناك أمران هما التعليم والجودة وليس الحديث عن حق التعليم فقط، لكن الحق فى جودته حتى لا تكون النتيجة شبابا خريجين غير مطلوبين فى العالم كله، ثانيا: الميزانية، لا يمكن أن تضع الميزانية 1% أو 2%، لكن لا بد أن تسير فى إطار الحركة العالمية فيما يتعلق بالتعليم تمويلا وجودة، والدستور سيحقق ذلك وهو أمر مطروح فى النقاش.

■ فيما يتعلق بالرعاية الصحية، تذهب 70% من ميزانية وزارة الصحة إلى المرتبات!

- ليس ذلك فقط، حصة الرعاية الصحية فى دساتير العالم المحترم، سواء دول متقدمة أو دول العالم الثالث، تقدر بنحو 3 أضعاف الميزانية المقررة، والموظفون شىء والرعاية الصحية شىء آخر، فلا يصح التداخل بينهما أو أن تكون المرتبات على حساب الرعاية الصحية، هنا أيضا الحديث عن جودة الرعاية الصحية والميزانية، لا بد من زيادة حصة الرعاية الصحية إلى النسبة العالمية.

■ بعض من يتابعون أعمال اللجنة يرون أن مشاركة حزب النور وبسام الزرقا «متوجسة وحذرة».

- مفيش مانع.. وليه لأ؟

■ لكن بسام الزرقا انسحب من مناقشات لجنة المقومات الأساسية، ومن ثم الرأى العام يتوقع انسحاب حزب النور أيضاً.

- أرجو ألا يحدث ذلك.

■ وماذا عن توقعاتك بشأن أداء حزب النور؟

- الحزب متوجس وحذر، وذلك ليس عيبا، ونحن فى اللجنة التأسيسية السابقة كنا متوجسين ونحاول خلق أرضية مشتركة قدر الإمكان، وبصراحة الدكتور بسام صديقى وأستاذ جامعى محترم، لكن «إحنا لسه يا دوب بنتكلم، ليه انسحب بسرعة كده؟». رغم أن بيان الحزب أكد انه لم ينسحب. وأنا على تواصل مع يونس مخيون، رئيس الحزب، و«الزرقا» مستمر «ولا بد قبل ما حد يزعل، ييجى نقعد ونتكلم».

■ لكن انسحاب «الزرقا» أثر على عدد من أعضاء اللجنة.

- كان يجب أن تسجل ملاحظات ممثل حزب النور بشأن المادة 219 إلى جانب تسجيل الملاحظات الرافضة له. وهنا حدث التباس، لكن انسحابه لم يكن اعتراضا على هذه المادة وإنما بسبب بعض الملاحظات حولها. وليس للأمر علاقة بالمادة الثانية.

■ وجود اتصال دائم مع «مخيون» و«الزرقا» شىء جيد، لكن هل رصدت اتجاهاتهما فيما يتعلق بالمادة 219 والدستور بصفة عامة، خصوصا أن هناك من يتوقع معركة بشأنها؟ هل هما مستعدان للتفاهم أم الصدام والتظاهر فى حال إلغاء المادة؟

- لم نتحدث عن هذا الموضوع بعد، وسأفتحه بصفتى رئيس اللجنة فى نقاشات أولية، لكن قطعا هناك بدائل.

■ هذا معناه أن رئيس الجمهورية سيكون هو رئيس السلطة التنفيذية، والتجربة فى مصر ودول العالم الثالث أثبتت أنه فى هذه الحالة لا يمكن منح صلاحيات قوية لكل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة معا، بمعنى أن يظل رئيس الوزراء والوزراء سكرتارية للرئيس؟

- إذا انتُخب الرئيس من الشعب هذا يعنى أن النظام رئاسى، أما إذا انتُخب الرئيس من البرلمان فهذا معناه أننا أمام نظام برلمانى، والسوال: ما الأفضل؟ وأنا أرى أن الأفضل فى الظروف العادية هو النظام البرلمانى، بمعنى أن تشارك جميع الأحزاب فى الانتخابات، وصاحب الأغلبية يشكل الحكومة. وإذا لم تنجح تسحب الثقة منها، لكن ظروف مصر حاليا لا تسمح بتطبيق هذه التجربة. وقد نشرت مقالا ذكرت فيه أن النظام البرلمانى هو الأفضل، واقترحت العمل بالنظام الرئاسى لفترة مؤقتة على أن يتم تضمينه فى باب المواد الانتقالية، ليتم العمل بعدها بالنظام البرلمانى حال انتخاب الرئيس الثالث للجمهورية، فيعطى الفرصة لرئيسين أن يمهدا الطريق إلى العمل بهذا النظام، ومعنى ذلك أن يستغرق ذلك التمهيد بين 8 و12 سنة.

■ التيار العام داخل اللجنة هو التيار المدنى الغالب على مصر كلها بعد التجربة الأخيرة، هل لدى ممثلى التيار استعداد للالتقاء فى منطقة وسط حول المادة 219؟

- الانسحاب الذى شهدته الجمعية التأسيسية السابقة كان بسبب المادة 219 ومواد أخرى، وحاليا الأمر يتوقف على كيفية إدارة الأزمة، ومن الأفضل السماح بمساحة للأخذ والرد.

■ فيما يتعلق بروح الدستور المدنى، الذى يتوقع المجتمع أن تعكسها لجنة الخمسين، هل سينص على ذلك بشكل واضح فى الدستور لحماية مصر من أى تيارات متشددة فيما بعد، أم ستتم معالجتها فى الإطار العادى؟

- اقترحت أمرين: هل ستنصون على دولة مدنية أم أن روح الدستور ومبناه مدنيان؟ الدستور السابق كانت روحه غير مدنية وكانت هناك درجة من عدم الاقتناع به بصرف النظر عن الأغلبية، هذا الدستور لن يكون كذلك، سيكون مبناه الدولة العصرية؛ لأننا نعيش القرن الحادى والعشرين، ولا يصح أبدا أن يكون دستور مصر يليق بالقرن التاسع عشر أو حتى العشرين، وإنما يجب أن يناسب الأجيال القادمة. بالتأكيد الدستور وثيقة لا بد أن تأخذ وقتا، والمهندس أسامة شوقى قال تعبيرا جديدا أعجبنى هو «صيانة الدستور»، وبدأت أدرجه فى النقاش، صيانة الدستور ستتعلق بالأحكام الانتقالية حتى فى الروح العامة للحفاظ على هذا الدستور، وصيانته تكون من خلال احترامه وتنفيذه، وعندما تجد ضرورة لتغيير مادة أو فكر أو رأى لا بد أن تدرسه وتقدم عليه ومن هنا تكون الأحكام الانتقالية.

■ لكن كلمة «مدنية» تثير قلقا فى مصر، خصوصا فى ظل اتهام لجنة الخمسين بأنها جاءت لتحارب الإسلام.

- المسألة ليست بالألفاظ، كأن أقول هذا دستور مدنى وفقط، المهم روحه ومبناه إيه، ومن يقول إن الدستور ضد الإسلام يروج لاتهام الغرض منه إثارة اللغط فى النفوس والتحريض على الفوضى.

■ هل الدستور سيتجه إلى دولة رئاسية أم برلمانية أم مختلطة؟

- لا بد أن يكون للدولة رئيس تتطلع إليه وإلى قراراته وتراقبه وتطيعه طالما يقود البلد فى الطريق السليم، ولا بد من حكومة قوية تدير الأمور والخدمات والأمن والاقتصاد. نحتاج إلى رئيس قوى وحكومة قوية، نحتاج إلى مؤسستين تعملان معا؛ لأن البلد يغرق. عارف لو كنا بنتكلم عن فرنسا مثلا كان لدينا رفاهية الاختيار، لكن إحنا فى وضع يقتضى تجمع كل القوى الثورية، وأعتقد أن الأمر سيكون خليطا.

■ هناك لغط حول المادة 121 التى تتعلق بتشكيل الحكومة من الأغلبية البرلمانية، مع مراعاة أنه فى حال العمل بالنظام الرئاسى فإنه يحول دون تطبيق هذه المادة، فضلا عن عدم وجود قواعد شعبية للأحزاب السياسية تسمح لها بحصد مقاعد الأغلبية فى البرلمان.

- هذا كلام صحيح، وهذه المادة استغرقت مناقشات عديدة، وصياغة المادة خاطئة ومقلوبة ويجرى تعديلها حاليا. ولا يعقل بأى حال من الأحوال العمل بهذا الشكل، وبمراجعة بعض التجارب مثل الحال فى الجمهورية الرابعة فى فرنسا وإيطاليا تتابع سقوط الحكومات، ما أدى إلى حالة من عدم الاستقرار، وهذه التجربة يصعب على مصر تحملها حاليا. وعلينا ألا نسقط مصر فى أتون تجارب حية سابقة.

من الضرورى العمل من أجل استقرار مصر، ولأنه من الضرورى السعى لتحقيق النظام البرلمانى اقترحت أنه عند انتخاب الرئيس الثالث والبرلمان الثالث يمكن تطبيق هذا النظام بأكمله، هذا كله محل نقاش حاليا.

■ وماذا عن «خناقة» النظام الفردى والقائمة، خصوصا أن هناك أحزابا تتمسك بالقائمة رغم علمها بعدم امتلاكها قواعد شعبية، وأخرى تتمسك بالنظام الفردى ومتخوفة من تطبيق نظام القائمة لأنه قد يعيد تجربة التيار الإسلامى؟

- الأصلح لمصر هو ما يجب تحقيقه، ولا يهمنا عودة التيار الإسلامى من عدمها؛ لأن التجربة تقول إن هناك غضبا كبيرا جدا تجاه هذا التيار بسبب ما اقترفه فى حق هذا الشعب، ولا أعتقد أنه فى حال إجراء الانتخابات، سواء بالنظام الفردى أو القائمة، أنهم سيحصلون على الأغلبية بالبرلمان. وأذكر أن هناك بعض المناقشات جرت مع بعض الدول الغربية والعربية حول تجربة «حماس» فى مدينة قلقيلية الفلسطينية، حين حكموا قلقيلية كانوا فاشلين فخسروا انتخابات المحليات. وأنت تذكر أن معارضتنا للإخوان المسلمين لم تكن لكونهم «إخوان مسلمين»، لكن لفشلهم فى قيادة مصر. لو كانوا نجحوا لما حدثت هذه الثورة.. الناس توقعت منهم النجاح فى تحقيق الأمن ودعم الاقتصاد، وللأسف لم يحدث أى شىء، حتى الاقتصاد لم يكن للإخوان نظام واضح فيه، حتى الديمقراطية التى اكتسبناها فى ثورة 25 يناير هددها الإخوان بالإعلان الدستورى فى 22 نوفمبر.

■ ورغم ذلك، رفضت النص على مادة ضمن باب المواد الانتقالية بالدستور لعزل الإخوان سياسيا.

- ليس لدينا القدرة على العزل، وعزلهم يجب أن يكون قانونيا. المتهم يجب أن يُعزل.

■ هناك مناقشات فى لجنة الدستور حول العزل الشعبى للرئيس؟

- المناقشات مستمرة، وهناك اقتراحات مقدمة من الأعضاء على أن يكون العزل بموجب توقيعات من البرلمان، وهذا الأمر ما زال فى إطار النقاش، وهذه التوقيعات يجب أن تكون موثقة فى الشهر العقارى وبأعداد كبيرة.

■ لكن هناك اعتراضات من قِبل بعض أعضاء لجنة العشرة لتعديل الدستور.

- ليس لجنة العشرة فحسب، هناك آراء داخل لجنة الخمسين ترى أن العزل الشعبى لا يحقق الاستقرار فى مصر. والبعض يرى أنه يجب أن يكون عن طريق البرلمان، أما فكرة إنشاء محكمة عدل عليا فأتصور أنه صعب تحقيقها.

■ هل تأخذ اللجنة فى الاعتبار أن التيار الإسلامى قد يستخدم القرى لجمع توقيعات لتفتيت أى نظام قادم بموجب العزل الشعبى؟

- هذه الأمور تناقَش ونأخذها فى الاعتبار.

■ هناك مطالبات بإجراء الانتخابات الرئاسية قبل البرلمانية أو الاثنتين معا.. ما رأيك؟

- لا بد من المواءمة، نعمل الآن على كتابة الدستور والانتهاء منه فى الوقت المحدد بموجب خارطة الطريق، وإذا تحقق ذلك سيشجع على إجراء الانتخابات البرلمانية ثم الرئاسية.

■ هناك مطالب للأقباط بتخصيص كوتة لهم فى الانتخابات البرلمانية.

- التقيت بعضهم وطالبوا بتخصيص كوتة، لكن الأمور كلها داخل لجنة الخمسين فى إطار النقاش. من مصلحة مصر أن يكون هناك عدد مناسب من الأقباط والنساء والشباب والمعاقين فى البرلمان.

■ ألا تخشى من الطعن على كوتة المرأة بعدم الدستورية كما حدث قبل ذلك؟

- هذه الأمور تناقَش حاليا داخل اللجنة مع القانونيين لضمان وضع نص قانونى سليم.

■ وماذا عن صلاحيات رئيس الجمهورية فى الدستور الجديد؟

- نناقش حاليا كل الصلاحيات التى لا تخلق فرعونا، وإنما تسمح لرئيس محترم بالعمل.

■ هناك مطالب بالالتزام بالمواثيق الدولية فى الحقوق والحريات، فيما يرى آخرون أنها قد تصطدم بالشريعة الإسلامية أو بعادات المجتمع المصرى.

- التزام الحكومة المصرية بالمعاهدات الدولية واجب، ويجب إعمال ميثاق الأمم المتحدة، لكن من حقنا العمل بهذه المواثيق عدا النقاط المتحفظ عليها.

■ هناك شبه اتفاق على أن الإعلام كان جزءا من المعركة ضد النظام السابق، وباعتبارى إعلاميا لست راضيا عن أنماط الملكية وتبعيتها للحكومة أو الدولة، وغير مفهوم مَن المالك ومَن يدير، ولست راضيا عن الأداء المهنى بقواعده الحالية. وفى الدستور الماضى رأينا أن الوضع الأمثل أن يكون هناك مجلس وطنى للإعلام، لكنهم لم ينصوا على استقلاله لضمان عدم خضوعه للدولة، ما تعليقك؟

- النص الدستورى فى 2012 كان: «تقوم الهيئة الوطنية للصحافة والإعلام على إدارة المؤسسات الصحفية والإعلامية المملوكة للدولة وتطويرها وتنمية أصولها وضمان التزامها بأداء مهنى وإدارى واقتصادى رشيد»، ولم يتضمن النص على الاستقلالية. أما النص المقترح حاليا من لجنة العشرة لتعديل الدستور فيضمن استقلالية هذا المجلس.

■ النص المقترح حاليا هو استقلال الإعلام، أما المجلس نفسه فليس مستقلا، ومن حق الإعلام أن يكون له مجلس مستقل، أم لك رأى آخر؟

- النص المقترح من لجنة الخمسين ولجنة العشرة هو «الهيئة الوطنية للصحافة والإعلام هيئة مستقلة».

■ هل هناك ضرورة فى الدستور لوضع نص يضبط الملكية الخاصة لوسائل الإعلام، أم ستترك للقوانين، خصوصا أن هناك مديونيات كبيرة داخل المؤسسات الصحفية القومية، بينما فى القطاع الخاص هناك مجلس إدارة ومساهمون؟

- كل هذه الأمور تحتاج إلى دراسة؛ فأنا أقرأ كل الجرائد، خصوصا أعمدة الرأى، وأتابع كل الصحف العربية والأجنبية، ولجنة الخمسين حريصة كل الحرص على وضع مواد تليق بالصحافة وتحافظ على استقلالها.

■ بعد انتهاء عمل لجنة الخمسين وطرح الدستور الجديد للاستفتاء، ما مشروعات عمرو موسى؟

- سأتأمل وأقرأ الجرائد وأمارس عاداتى اليومية التى انقطعت عنها خلال فترة رئاستى للجنة الخمسين، لقد اعتذرت عن كل اللقاءات والندوات، وكان لدىّ دعوة لزيارة روسيا والعشاء مع الرئيس بوتين، وللأسف اعتذرت عنها.

■ هل معنى ذلك أن عمرو موسى سيقاطع العمل السياسى؟

- أعلنت اعتزالى العمل الحزبى وليس العمل السياسى.

■ وهل من احتمال لترشحك فى انتخابات الرئاسة؟

- قلت وأقول مجددا: لن أترشح للرئاسة.

■ إلا إذا..؟

- هذه كلمة تفتح أبوابا كثيرة لا أريد أن أفتحها.

■ الشعب المصرى كله يسأل: من رئيس مصر القادم؟

- دعنا الآن من الأمر.

■ ما رأيك فى ترشح الفريق أول عبدالفتاح السيسى للرئاسة؟

- المزاج الشعبى للمصريين عموما مع الفريق أول السيسى، ولو أُجريت الانتخابات اليوم وقرر «السيسى» دخول الانتخابات سيحصل عليها باكتساح؛ لأن الناس «عايزاه»، وبالمناسبة هذا الكلام ليس سراً؛ لأنه الواقع ويجب أن يقال. هذا إذا أُجريت الانتخابات اليوم، أما بعد 6 أشهر فهذا أمر آخر «الله أعلم».

■ وماذا لو أن الفريق أول السيسى ليس لديه رغبة حاليا فى الترشح، لكن ربما فى الأشهر المقبلة يطرح تفويض شعبى مطالبة «السيسى» بخوض الانتخابات الرئاسية بمعنى «انزل وإحنا معاك»؟

- هذا السؤال يجب توجيهه للفريق أول عبدالفتاح السيسى.

■ ولو حدث ذلك، هل سيفسَّر بأن ما حدث كان انقلابا عسكريا وتوطئة للفريق السيسى، أم أنه سيكون أمرا طبيعيا بناء على طلب شعبى؟

- هناك تفويض شعبى، والشعب المصرى يستطيع التفرقة بين ما إذا كان ما حدث تفويضا حقيقيا أم لا، وأؤكد أن ما حدث هو تفويض حقيقى، والحقيقة أن الترشيح القادم للرئيس سيكون بتفويض شعبى، سواء كان للفريق السيسى أو غيره. ووفقا لرؤيتى الخاصة سيكون هذا التفويض للفريق السيسى طبقا لحسابات اليوم.

■ فى هذه الحالة هل سيكون عمرو موسى راضيا عن المرحلة الانتقالية و30 يونيو، علما بأنك كنت قائدا للجنة تعديل الدستور؟

- إذا كان هناك تفويض شعبى، أى مزاج شعبى أو حركة شعبية كبيرة، مثلما تم فى 3 يوليو، فلا تخشَ شيئا؛ لأنك جزء من الشعب، وعموما هذه الأمور فى إطار الرأى؛ لأنه لا يوجد أمر واضح حتى الآن.

■ وماذا لو فوض الشعب الفريق أول السيسى وطالبه بخوض الانتخابات ورفض الأخير خوضها لأى سبب؟ هل سيرشَّح عمرو موسى للانتخابات الرئاسية؟

- أرجو أن يحسن الشعب اختياره.. والهواة يمتنعون.

■ ومن تقصد بالهواة؟

- مصر ليست حقل تجارب، مصر دولة لها نظام ولا بد أن نضبط الأمور، ويجب أن نكون على قدر من المسئولية والقدرة على إنتاج رؤساء بسن أصغر.

■ هل ترى أن المشروع السياسى للدكتور محمد البرادعى انتهى نهائيا؟

- ما المشروع السياسى للدكتور البرادعى أصلا؟

■ نقصد وجوده فى السياسة المصرية أو ترشحه لأى منصب.. حلمه فى الترشح لأى انتخابات رئاسية أو برلمانية.

- هناك فارق بين الحلم والحقيقة، أى مواطن مصرى له أن يترشح، سواء البرادعى أو صباحى، لكن الشعب هو الذى يحدد ويختار.

■ وما قراءتك الشخصية؟

- أرى أن الشخص الأكثر ثباتا فى الذهن المصرى حاليا هو الفريق أول السيسى.

■ لكن ماذا عن الموقف الدولى حول توقعات المرشحين فى الداخل؟

- نحن نتحدث عن أمور قد تستغرق نحو تسعة أشهر وستكون هناك ظروف أخرى على المستوى الدولى.

■ وهل أصبح الموقف المصرى منضبطا عما كان عليه بعد 30 يونيو مباشرة؟

- بدأت الأمور فى الانضباط بالفعل.

■ وهل المضى قدما فى خارطة الطريق وإنجاز لجنة الخمسين لدورها سيخففان الضغوط الدولية على مصر؟

- كل هذه أمور تعطيك مصداقية حول ما حدث منذ 30 يونيو وحتى الآن.

■ ومتى تتوقع طرح الدستور للاستفتاء؟

- جميع اللجان تعمل بجد، وأعطيت توجيهاتى لبعض اللجان التى تعمل 60 ساعة أسبوعيا، لتعويض ما فاتها، والالتزام بالوقت المحدد لإنجاز العمل.

■ وهل من حق اللجنة مطالبة مؤسسة الرئاسة بتعديل الإعلان الدستورى لإمكانية كتابة دستور جديد؟

- الاستفتاء الشعبى سيكون على وثيقه دستورية جديدة.

■ يرى البعض أن أوباما فشل فى إدارة الملفين المصرى والسورى والشرق الأوسط عموما، ما قراءتك لهذا الملف؟

- مصر حدثت بها ثورة «بالقطع» فاجأت الولايات المتحدة الأمريكية، وما حدث فى 30 يونيو و3 يوليو فاجأ الولايات المتحدة، ولأنها مفاجأة عميقة سقط فيها نظام لم يكمل سوى عام واحد رغم أنه انتُخب بشكل ديمقراطى، لكنه فشل فى إدارة الدولة، ما أدى إلى خلق ظروف جديدة. وهناك كثير من التطورات التى حدثت فى مصر دون تدخل أو استشارة من الولايات المتحدة الأمريكية. وفى رأيى لا بد من دراسة العلاقات المصرية - الأمريكية دراسة سليمة وأن نسعى إلى علاقة صحية طيبة معها. أما بالنسبة لسوريا فالوضع مختلف، وقد تندهش حين تعرف أن الأمر سينتهى بمكسب للولايات المتحدة وللدبلوماسية الروسية القادرة والذكية.

وعن الصدام بين السنة والشيعة، هل هذه سياسة شيطانية؟ أما آن الأوان لتعيد هذه الجهات الشيطانية حساباتها؟ وهل السياسة الموجهة لسوريا تتضمن إيران أم لا؟ وطبقا للأخبار الدولية فإن لقاءً ثنائياً سيجمع الرئيسين الأمريكى والإيرانى خلال أيام، وهو ما يضع أمامك علامات تعجب، من سيكسب؟ ومن سيخسر؟ وتقديرى أن مكسب سوريا والولايات المتحدة يعنى أن تكسب إيران أيضاً.

■ وهل كان هناك مخطط من الجهات الشيطانية لجر مصر إلى الأزمة السنية - الشيعية؟

- طبعا، واحنا مفلسين وتعبانين جدا، كنا هندخل فى هذه الأمور كمان.

■ وماذا عن وضع القوات المسلحة فى الدستور؟

- هذه الأمور لم تُبحث حتى الآن، ويجب التروى فى الحديث عنها بدلا من الحديث عن أشياء لم تناقَش وقد يؤتى بضرر أكثر من النفع.

عن الوطن