خبر : سوريا: بين سيء واسوأ \ بقلم: أوري هايتنر \ اسرائيل اليوم

الثلاثاء 27 أغسطس 2013 02:52 م / بتوقيت القدس +2GMT



          تجاوز عدد القتلى في الحرب الأهلية في سوريا منذ زمن عدد القتلى المتراكم في كل سنوات الصراع بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية. ولا تُرى نهاية المذبحة المتبادلة في الأفق، فالوحشية في هذه الحرب لا تعرف حدودا؛ ولا يوجد فيها أية خطوط حمراء من جهة الطرفين، ولا يوجد فيها إحجام عن شيء، ولا تنطبق عليها قواعد الحلال والحرام. أأخلاق حرب؟ أوثيقة جنيف؟ لا يوجد ذِكر لكل ذلك في حمام الدم السوري.

          بلغت هذه الوحشية ذروتها في المذبحة الكيميائية شرقي دمشق في نهاية الاسبوع الماضي، حيث بلغ عدد القتلى رقما من ثلاث خانات – كثير منهم أولاد. ويُلح علينا هنا الكليشيه التالي الذي استعملته وسائل اعلامية كثيرة في الايام الاخيرة وهو: "والعالم ساكت". وتُلح الاسئلة التالية: أين الامم المتحدة؟ وأين العالم الحر؟ وأين الغرب؟ وأين الولايات المتحدة؟.

          لكن الحقيقة أن هذا سؤال صعب جدا ومعضلة قاسية. لا يمكن احتواء استبداد الاسد ووحشيته، لكنه لا يمكن تجاهل مسألة البديل. إن التحالف الذي يحارب الاسد معقد جدا وينطوي على كراهيات بل على حروب أهلية صغيرة غير قليلة. لكن العنصر الأكثر هيمنة وقوة فيه هو منظمات الجهاد العالمي التي تجاهد في ضمن الجناح السني، الجناح الشيعي ولا سيما العلوي. وليس للعالم الحر أي اهتمام بأن تتولى القاعدة مقاليد الحكم في سوريا.

          ليس الفرق بين الطرفين في الحرب الأهلية السورية أن أحدهما صالح والآخر طالح، وأن أحدهما يؤيد الديمقراطية والآخر الاستبداد، وأن أحدهما يسعى الى السلام والآخر يبحث عن الحرب، وأن أحدهما متعطش للدم والآخر انساني مُحب للانسان. إن الفرق هو أن أحد الطرفين يملك سلاحا كيميائيا أما الآخر فلا يملكه حتى الآن. من المهم أن نتذكر أن الطرف الذي لا يملك السلاح الكيميائي الى الآن هو الطرف الذي نفذ بالسكاكين الهجمة الارهابية الضخمة في الحادي عشر من ايلول 2001.

          ليس للعالم الحر أدنى اهتمام بأن يقع السلاح الكيميائي السوري في أيدي هذه المنظمات، وليس للعالم الحر اهتمام بتبديل الاسد لأن أعداءه ليسوا خيرا منه. لكن العالم الحر مُهتم بألا يصبح استعمال السلاح غير التقليدي في الشرق الاوسط، وهو المشحون بنظم حكم مجنونة لا رادع لها، أن يصبح شرعيا. ولهذا يجب على العالم الحر – وفي مقدمته الولايات المتحدة – أن يقود هجوما محصورا للقضاء على مخازن السلاح الكيميائي في سوريا دون تدخل كثيف في الحرب ودون مساعدة هذا الطرف أو ذاك.

          قبل سنة جعل اوباما استعمال السلاح الكيميائي خطا أحمر بالنسبة للولايات المتحدة. وقد استعمل الاسد بـ "طريقة الناجح" هذا السلاح هنا وهناك وفحص عن الرد الامريكي. وشعر الاسد بازاء ضبط الولايات المتحدة نفسها وصمتها الى الآن بأنه آمن بقدر كافٍ لينفذ المذبحة الوحشية. إن تهرب الولايات المتحدة من عملية توجه على السلاح الكيميائي ومن تنفيذ تهديد اوباما يُضعف مكانتها المضعضعة والمتدهورة أصلا بصورة أكبر في العالم ولا سيما الشرق الاوسط، وينقل رسالة تُسكن جأش ايران تقول إن الولايات المتحدة لن تفي بالتزام اوباما بمنع السلاح الذري الايراني. وإن رد اوباما الضعيف الى الآن على المذبحة الكيميائية هو امتحان خطير لمكانة الولايات المتحدة باعتبارها القوة العظمى. فعيون العالم كلها متجهة إليه.

          وماذا عنا؟  هل يجب على اسرائيل أن تتدخل فيما يجري في سوريا؟ لا ألبتة.  فليس لاسرائيل أي اهتمام بالحرب بين أعدائها. وليس من عملنا أن نكون شرطي الشرق الاوسط. إن اسرائيل تُقدم مساعدة انسانية وهذا هو التدخل الوحيد الذي ينبغي أن يوجد وينبغي التمسك به.

          لكن يمكن أن نقول في الحقيقة إن اسرائيل قد نفذت الخطوة الأهم لخدمة الانسانية ولخدمة مصلحة مواطني سوريا ايضا. فبفضل عمليتها قبل ست سنوات، بحسب مصادر اجنبية، لا يوجد اليوم سلاح ذري عند الطاغية السوري الذي لا كابح له. وقد كانت عمليات اسرائيل الموجهة على مفاعلات العراق الذرية والسورية بحسب مصادر اجنبية، إسهاما ضخما لا في أمن مواطنيها فقط بل في سلامة البشر جميعا.

          بازاء ضعف اوباما أخشى ألا يوجد مفر من عملية اسرائيلية موجهة على أكبر تهديد للبشر وهو برنامج ايران الذري.