خبر : ست سنوات على الانقسام :المخاطر والتحديات ..بقلم : محسن ابو رمضان

الأربعاء 19 يونيو 2013 01:13 م / بتوقيت القدس +2GMT
ست سنوات على الانقسام :المخاطر والتحديات ..بقلم : محسن ابو رمضان



ست سنوات مرت على احداث الانقسام الذي جرى في 14/ حزيران /2007 وأدى إلى وجود حكومتين واحدة في غزة والثانية بالضفة .لقد شكل الانقسام كارثة حقيقية لشعبنا وقضيته الوطنية ، فقد اعتبره شمعون بيرس رئيس دولة الاحتلال بأنه واحداً من الانجازات الاستراتيجية الرئيسية للحركة الصهيونية تضاف إلى جانب كل من هجرة 48 وهزيمة حزيران عام 67.تدرك دولة الاحتلال أهمية سياسة فرق تسد ، كما تدرك ان وحدة شعبنا يشكل الشرط الاساسي لقوته وزيادة صلابته في مواجهتها على طريق تحقيق حقوقنا الثابتة والمشروعة .أكد مؤتمر هرتسيليا الذي يجمع نخبة من الصهاينة سنوياً على أهمية العمل على انقسام الشعب الفلسطيني و الذي اقترح في عام 89 أن الدولة الفلسطينية ممكن أن تكون قطاع غزة وفي توجه احتلالي واضح يستهدف الضفة الغربية التي تعتبر جزء من الاستراتيجية التوسعية الصهيونية.قامت اسرائيل بفرض الوقائع الجديدة على الارض عبر تكثيف الاستيطان واقامة منظومة من المعازل والبوتوستانات وامعنت في حصار قطاع غزة وقطعت شوطاً كبيراً في تهويد القدس واستمرت بالسيطرة على الاغوار التي تبلغ مساحتها 23 % من مساحة الضفة الغربية ، كما سيطرت على 90% من منابع المياه ، وشنت عدوانيين عسكريين على قطاع غزة واحد في نهاية عام 2008 بداية عام 2009 والثاني في نوفمبر /2012 ، أدت إلى خسائر كبيرة في صفوف المواطنين و الأعيان المدنية في سياسة منهجية ترتقي إلى جرائم الحرب المنظمة وفق تقارير حقوقية دولية مختلفة وابرزها تقرير غولدستون.إن سلسلة الخطوات المنهجية الاحتلالية اتت في فترة الانقسام وترسخت بهدف تبديد حقوق شعبنا وتدمير مقومات الهوية الوطنية الفلسطينية الواحدة .هناك عدة اسباب ما زالت تقف وراء استمرار الانقسام ابرزها استمرارية الرهان على العامل الخارجي وليس الداخلي، فهناك رهاناً من حركة حماس على نتائج التحركات الشعبية العربية ، وصعود حركة الاخوان المسلمين للحكم بالعديد من البلدان العربية كما مازال الرئيس محمود عباس يراهن على المفاوضات التي لم تحقق نتائج عملية على الارض إلى الآن بل استغلتها اسرائيل للامعان في تبديد حقوق شعبنا وتحويله إلى جزر معزولة عن بعضها البعض في مخطط واضح يسعى إلى استعادة آليات التقاسم الوظيفي أو الإدارات المحلية المحكومة بالقبضة العسكرية الاحتلالية والتي تحول دون تحقيق طموحات شعبنا الثابتة والمشروعة .لقد عزز الانقسام مصالح مختلفة لدى الطرفين ، وافرز نخباً على الصعد السياسية والاقتصادية والأمنية و أصبح من الصعوبة بمكان أن تتحلي تلك النخب عن الانقسام الذي شكل الرافعة لها و التي لا تريد للانقسام ان ينتهى استمراراً لتحقيق مصالحها النخبوية والفئوية .وبالوقت الذي اثر الانقسام على مسار العمل الوطني الفلسطيني وأعطى فرص كبيرة للاحتلال لتحقيق مخططاته ، في ظل انشغال الفلسطينيين بأمورهم الداخلية بعملية استنزاف داخلية صعبة، فقد أدى ايضا إلى تقويض حالة الحريات العامة والمكتسبات الديمقراطية المختلفة في ظل غياب المؤسسة التشريعية الواحدة وآليات الراقبة والمسائلة ، مما اثر على العديد من الحقوق وأبرزها الحق في تكوين الجمعيات والتجمع السلمي والنشر والتعبير وافرز مظاهر سلبية بالعلاقات الوطنية ابرزها ظاهرة الاعتقال السياسي والاستدعاءات التي أدت إلى تحجيم حالة التعددية والتنوع التي يتسم بها شعبنا تاريخياً كما يكفلها القانون الأساسي ايضاً .إن الاستمرار في اصدار تشريعات في غزة وقرارات بفعل القانون بالضفة يساهم في بلورة بنيتين تشريعيتين مختلفتين عن بعضهما البعض بما يهدد من تحويل الانقسام إلى انفصال استراتيجي بين الضفة الغربية وقطاع غزة .هناك تحديات تواجه شعبنا أبرزها محاولة احياء مشروع السلام الاقتصادي الذي اقترحه نتنياهو وروج له وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، الذي يريد استبدال نضالات شعبنا من أجل تحقيق أهدافه الوطنية، بإحداث تقدم في المسار الاقتصادي على قاعدة التعاون المشترك بما يساهم وفق تصوره في تحسين مستوى معيشة الفلسطينيين ، من أجل القبول باستمرار العيش كمجموعة سكانية وليس كشعباً لديه طموحاته المشروعة في تقرير المصير، في ظل إدارات محلية تستند إلى آليات الحكم الذاتي ليس إلا .إن التحدي الأخير الهادف لتعزيز عمليات التطبيع الاقتصادي يأتي في اطار استمرار الجهد الاحتلالي الرامي إلى إجهاض حقوق شعبنا وتبديد اية امكانية لاقامة الدولة المستقلة تنفيذاً للقانون الدولي .إن تصريحات بعض قادة الاحتلال عن هدف الحكومة في اسرائيل بتحويل الفلسطينيين بالضفة إلى مجموعات متناثرة باتجاه تحويلهم إلى " مستوطنين " أية اقلية في ظل محيط استيطاني صهيوني كبير تؤكد طبيعة المساعي الصهيونية التي تنكر للحد الأدنى لحقوق شعبنا وتظهر الطابع العنصري للسياسة الصهيونية .لقد آن الأوان للشروع الفوري في تنفيذ بنود المصالحة ولعل المدخل الأكثر جدية وأهمية يكمن في م.ت.ف بوصفها الجبهة الوطنية المتحدة والمعبرة عن الهوية الوطنية الفلسطينية على ان يندمج الجميع في بنيتها دون استثناءً وفق آلية الانتخابات التي تستند إلى قانون التمثيل النسبي أو عبر التوافق الوطني المستند إلى تبنى برنامج سياسي متفق عليه يرتكز على منهجية المقاومة بكافة أشكالها ومنها المقاومة الشعبية وتصعيد حملة المقاطعة واستنهاض اوسع حملة للتضامن مع شعبنا لتصعيد الكفاح المطلوب  في مرحلة التحرر الوطني في مواجهة الاحتلال ومن أجل تحقيق أهداف شعبنا بالحرية والانعتاق.وعليه فقد بات مطلوباً اعادة تعريف السلطة على أن يصبح مرجعيتها المنظمة لتقم السلطة بدورها الخدماتي في إدارة شؤون السكان فقط في اطار يرمي إلى التحرر من القيود السياسية المكبلة، أي عبر الانتهاء من آلية التنسيق الامني والتبعية الاقتصادية التي يقرها بروتوكول باريس الاقتصادي ، سلطة ذات طابع وظيفي وخدماتي تعود مرجعيتها ل .م .ت.ف بوصف الأخيرة قائدة لنضالات شعبنا بعد أن يعاد بنائها واعادة تطويرها على اسس وطنية وديمقراطية.من غير الملائم تنفيذ بنود المصالحة دون الاتفاق على الرؤية في البرنامج السياسي فيجب أن يكون هناك قاعدة واحدة للمصالحة لكي تتحول إلى وحدة وطنية قادرة على تصعيد الكفاح الوطني في مواجهة الاحتلال، كما أنه من غير الملائم ان تستمر المصالحة وفق آليات من المحاصصة ، فالمشاركة الشعبية واحترام الحريات العامة والخاصة لضمان كرامة المواطنين يجب أن تكون شرطاً لهذه المصالحة ايضاً فلا يمكن أن تبنى المصالحة على حساب مبادئ حقوق الانسان.بات مطلوباً تصعيد الصوت المطالب بإنهاء مأساة الانقسام وذلك عبر تفعيل دور كل القوى ذات المصلحة في احداث عملية الضغط الشعبي والسلمي على طرفي الانقسام لانهاؤه من أجل وفق التدهور بالمسارين الوطني والديمقراطي والعمل على استعادة المبادرة من جديد ؟؟؟