خبر : مأزق حماس واحتمال الانقسام ...مهند عبد الحميد

الثلاثاء 18 يونيو 2013 10:04 م / بتوقيت القدس +2GMT
مأزق حماس واحتمال الانقسام ...مهند عبد الحميد



توقف الدعم الايراني لحركة حماس، البعض أشاع بان هناك دعما مستمرا للاتجاه الايراني داخل حماس. وأبلغ حزب الله كوادر وقيادات حماس الموجودة داخل المربع الامني للحزب في ضاحية بيروت الجنوبية بمغادرة المكان سريعا. وكان التطور الابرز والاكثر إحراجا لرئيس المكتب السياسي خالد مشعل وقيادات من حماس هو، خطبة القرضاوي النارية التي هاجم فيها حزب الله وسمّاه "حزب الشيطان" وأفتى بإعلان الجهاد ضد النظام السوري وطالب بالتدخل العسكري الخارجي لاسقاطه.حركة حماس تنسحب سياسيا وعمليا من محور ايران سورية حزب الله، وتفقد شبكة العلاقات المالية واللوجستية والعسكرية التي وفرها هذا التحالف، وتنحسر قيادتها في قطر وحدها، في الوقت الذي ما زالت فيه غير قادرة على ايجاد موطئ قدم لها في مصر برغم التحالف مع الاخوان المسلمين والحكم الاخواني غير المستقر. خسارة حماس للمحور الايراني أفقدها عناصر قوة كبيرة ومؤثرة، يأتي في مقدمتها اعتماد "استراتيجية" المقاومة التي ميزتها في الساحة الفلسطينية واسبغت عليها طابعا راديكاليا، مقابل السلطة والمنظمة اللتين اعتمدتا استراتيجية المفاوضات والوساطة الاميركية لانهاء الاحتلال من غير جدوى وحصدتا فشلا ذريعا. صحيح ان حماس لا تملك استراتيجية حقيقية للمقاومة، بل تعتمد المقاومة كتكتيك ضد دولة الاحتلال، له اهداف ووظائف داخلية فلسطينية محورها السيطرة على المجتمع بمعزل عن اي سيادة وطنية حقيقية، واستبدال سيطرة وشرعية المنظمة والسلطة بسيطرة وشرعية حماس. ولهذا التكتيك صلة بسياسة ومفهوم أقطاب المحور الايراني الذين يتعاملون مع المقاومة كورقة للضغط على دولة الاحتلال والغرب بهدف تحسين شروط مساومتهم الجماعية والفردية على الصفقة المأمولة وتكبير حصصهم في الاقليم كحد اقصى. فقدت حركة حماس امكانية اللعب على التناقض بين المحاور الاقليمية، تلك السياسة التي برعت في استخدامها وفي تحصيل المكاسب من كل الاقطاب تقريبا. فبعد أن حصدت مكاسب من المحور الايراني ومكاسب من قطر والمحور الاخواني، ومكاسب من تركيا والسعودية، تنحسر حماس الآن في الخندق القطري. ووجودها هناك له ضريبة كبيرة وفوائد قليلة. الدوحة والمقاومة لا يلتقيان إلا في برامج الجزيرة. فلا حاجة لقطر لاستخدام المقاومة كورقة ضغط على اسرائيل والامريكان، هي بحاجة لضبط واستئناس المعارضين والمقاومين بما يتفق مع السياسة الامريكية الاسرائيلية، هكذا كان دورها مع الثورات العربية حين وضعت ثقلها المالي لمصلحة الاسلام السياسي وساعدته على إبرام صفقة يلتزم بموجبها بعلاقات التبعية السياسية والاقتصادية والامنية. كان دور قطر ودور مثيلاتها من دول البترودولار هو قطع الطريق على ثورات حقيقية تخلص الشعوب من علاقات التبعية ومن النظم المستبدة في آن. ودعم ثورة مضادة تستبدل نظام مستبد وتابع بنظام مستبد تابع وظلامي. ان تحرك حماس في الملعب القطري المفتوح امام اسرائيل سيجلب لها المتاعب والشبهات، فالحماس القطري لمبادلة الاراضي الفلسطينية مع اسرائيل وقيادتها للوفد الرسمي العربي الى واشنطن لم يكن له من وظيفة إلا وضع غطاء عربي لنهب الارض الفلسطينية عبر الاستيطان الزاحف بحجة ان هذه الاراضي سيتم مبادلتها بأراضي "إسرائيلية"، والقفز عن المطالبة الفلسطينية بوقف الاستيطان. هذه السياسة تضع حماس على يمين السلطة الفلسطينية حتى وهي تعارض مبدأ تبادل الاراضي. مقابل ذلك اصبح مطلوبا من حماس التعايش مع فتاوي القرضاوي حول التدخل العسكري في سورية وحول "الجهاد" وإرسال "الجهاديين" إلى سورية ومن قبلها الى ليبيا، في الوقت الذي يُطْبِق فيه الصمت عن الاستباحة الاسرائيلية المتواصلة لمدينة القدس، ولا يأتي على ذكر الجهاد والجهاديين عندما يكون العنوان فلسطين.حماس تخسر ايضا في مصر وتونس وهي تصطف مع الاخوان المسلمين الذين تراجعوا عن فتواهم الدينية السابقة التي حرَّمَتْ اتفاق كامب ديفيد وطالبت بإلغائه. وتراجعوا عن عدائهم اللفظي للولايات المتحدة والتزموا بسياسة السادات ومبارك. والاهم ان حكم الاخوان استبعد تعايش المكونات السياسية والدينية والثقافية لمصلحة دولة الحزب الواحد الاخواني. ان انحياز حماس للاخوان وضلوعها في اشكال من التدخل بحسب قوى الثورة والمعارضة جعلها محط رفض اجزاء اساسية من الشعب المصري وعدم قبول المؤسسة العسكرية والمخابرات المصرية لحركة حماس الذين رفضوا فتح مكتب لخالد مشعل في القاهرة. وكان من شأن ذلك إضعاف التعاطف والانحياز للشعب الفلسطيني وقضيته.التغير في مواقف ومواقع حماس، هل جاء منسجما مع طبيعتها ام متناقضا معها ؟ ما ينطبق على حركة الاخوان المسلمين الأم والفروع ينطبق على حماس التي تشكل فرعا من فروعها. التغيير لم يكن نوعيا ولا استراتيجيا لا في المعارضة والمقاومة ولا في الانسجام مع السياسة الامريكية الان. فكما يقول المفكر خليل كلفت : "تشكل حركة الاخوان المسلمين إحدى التعبيرات السياسية للرأسمالية التابعة". وهذا يكفي لمعرفة مستوى معارضتها التكتيكية للسياسة الامريكية سابقا، ثم الامتثال للسياسة الامريكية إبان الثورات العربية في لحظة تاريخية فارقة. الأسئلة التي تطرح بعد كل ذلك : كيف تنعكس التغيرات على حركة حماس هل ستمر بشكل اعتيادي؟ هل تستجيب كل قيادة حماس وكادراتها وجسمها التنظيمي لهذه السياسات؟ هل سيبقى خطاب حماس السياسي الراديكالي على حاله؟ ام ان الحركة ستشهد مخاضا واستقطابات كغيرها من الحركات السياسية ؟ لقد استقطبت حماس كادرات من فتح والتنظيمات الاخرى عندما رفعت شعار المقاومة ورفضت اتفاق أوسلو، وتربى المئات والالاف من اعضائها ومقاتليها على خطاب معادي لاسرائيل والولايات المتحدة. اذكر الشعار الذي طرح في حملة حماس الانتخابية للعام 2006 وفعل فعله : (إسرائيل وأمريكا قالت لا لحماس .. وانت أخي المواطن ماذا تقول؟) . صحيح ان الايديولوجيا تفعل فعلها وتيسر الانضباط للسياسة ولمواقف المركز ومكتب الارشاد والامير. غير ان التناقض في السياسات والانحياز ضد ثورة الشعوب العربية لا يمر من غير تأثير ايضا.التفاعل الملموس بدأ يتسرب حول رفض بعض قيادات حماس السياسية والعسكرية المتأثرة بحزب الله وبالحرس الثوري الايراني وبالنظام السوري للسياسة الجديدة. ثمة حراك داخلي شل الى حد ما حركة حماس كل فترة التغيير في المواقف. البعض يقول انه سيفضي الى انقسام هذا التيار. ولكن هل تسمح قيادة الحركة بالتعايش مع انقسام يخرج من بنيتها؟ هذا يعتمد على حجم ونوعية الانقسام. Mohanned_t@yahoo.com