خبر : حكومة انتقالية ... مديدة!! ...هاني حبيب

الأربعاء 05 يونيو 2013 10:41 ص / بتوقيت القدس +2GMT
حكومة انتقالية ... مديدة!! ...هاني حبيب



تجرّأ الرئيس أبو مازن أخيراً على أن يتجاوز القاعدة المعروفة، وكلّف الدكتور رامي الحمد الله بتشكيل الحكومة الفلسطينية الخامسة عشرة، من خارج نادي الوزراء والأسماء المتداولة دوماً لدى تشكيل كل حكومة، الأمر الذي يمكن أن يمنح هذه الحكومة، نكهة لم تكن معروفة في السياق الحكومي، وتجربة يمكن معها التأكيد على أن هناك إمكانية للخروج على القاعدة، وفتح نافذة الفرص لمؤهلين آخرين للولوج إلى النادي الذي كان مغلقاً على أسماء متداولة، ظنّ الناس أن السوق السياسية ستظل حكراً عليها، خطوة جريئة من قبل الرئيس عباس. لكننا نعتقد أنها خطوة فرضتها الظروف أكثر من كونها قناعة راسخة لديه، خاصة وأن مثل هذا الاختيار، بعد تجربة حكومة فياض، سيعيد من الناحية العملية الاعتبار "للنظام الرئاسي" بديلاً عن النظام المختلط، هذا الأخير، هو الذي أدى إلى ترؤس أبو مازن رئاسة أول حكومة لم تكن برئاسة عرفات. اليوم، في ظلّ الحكومة الخامسة عشرة، ستكون أمام حكومة فخامة الرئيس، ليس بوصفه وفقاً للقانون الأساسي الفلسطيني يملك صلاحيات تكليف وإقالة رئيس الحكومة، ولكن لأن هذه الحكومة ستشكل ظلاً للرئيس عباس، بعكس ما كان الأمر عليه إبان حكومات فياض المتعاقبة، إذ إن هذه الحكومات، رغم أنها بتكليف وقبول استقالتها من قبل الرئيس، إلاّ أنها ظلت ملتزمة بمرجعيتها الأساسية، أي البيان الوزاري وخططها التنموية المعلنة، ووضعت هامشاً للمناورة جعلها أكثر استقلالاً بقدر، أدى في نهاية الأمر إلى ما انتهت إليه حكومة فياض الأخيرة.والعودة إلى "النظام الرئاسي" من الناحية العملية وليس الدستورية، قد يشكل عنصراً إيجابياً، لجهة التناغم بين الحكومة والرئاسة، ما يمنح المزيد من الاستقرار، خاصة في مجال اتخاذ القرارات، وسيفرض امتناع القوى النافذة من استعداء الحكومة كما حدث مع فياض، إلاّ أن ذلك سيجعل هذه الحكومة لا أكثر من حكومة تسيير أعمال رغم أن القانون الأساسي منحها صلاحيات واسعة، إلاّ أنها لن يكون بمقدورها إلاّ أن تكون تابعة تماماً للخيارات الرئاسية، وبحيث يبقى رئيسها مجرد موظف كبير لدى الرئاسة الأمر الذي سيطال عمل الوزارات المختلفة التي ستراعي عند أداء مهامها جملة من المعطيات والخيارات التي تنسجم تماماً مع المطبخ الرئاسي، ولعلّ هذا ما يفسّر، أكثر من كل التبريرات، تنصّل الفصائل والأحزاب المنضوية تحت منظمة التحرير الفلسطينية من المشاركة في هذه الحكومة التي قد لا تمنح هامشاً واسعاً لاتخاذ القرارات بمعزل عن المطبخ الرئاسي، ورغم أن هذه الفصائل حاولت أن تبرر موقفها بأسباب سياسية، إلاّ أن ذلك لم يكن مقنعاً، خاصة تلك الأحزاب التي شاركت في حكومات فياض، والتي كان بإمكانها أن تخرج عن النطاق الوزاري، لو كان الأمر متعلقاً بالموقف السياسي، إذ لا جديد في هذا الأمر على هذا المستوى!كنت سأقول إن هذه حكومة "فياض بدون فياض" إذا ما استسلمنا لقرار رئيس الحكومة الجديد، والرئيس أبو مازن بالطبع، على الإبقاء على معظم وزراء الحكومة السابقة، غير أن هذا الأمر لا يتعدى كونه عنصراً حسابياً فحسب، فحكومة فياض صنعت هامشاً واسعاً أبقاها أكثر استقلالاً في قراراتها وخياراتها، ملتزمة بمرجعيتها الأساسية المتمثلة ببيانها الوزاري، وجعلت من نفسها حكومة فلسطينية وليست حكومة حركة "فتح"، صحيح أنها كانت حكومة الرئيس، بوصفه رئيساً لمنظمة التحرير الفلسطينية ودولة فلسطين وليس بوصفه رئيساً لحركة "فتح"، وحاولت أن لا يشكل التداخل بين هذه الرئاسات اختراقاً لمهامها ولقراراتها.هذه الحكومة التي فرضتها الاعتبارات الدستورية، رغم تغييب القانون الأساسي في مجمل عمل مؤسساتنا الدستورية لأسباب باتت معروفة للقاصي والداني، هذه الحكومة ستعمّر طويلاً بالنظر إلى المعيقات التي تنتصب أمام المصالحة الوطنية، من الناحية النظرية هي حكومة انتقالية إلى حين انتهاء فترة الثلاثة أشهر التي ينبغي على الرئيس أن يشكل حكومة برئاسته مهمتها إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني الفلسطيني، بتوافق تام بين حركتي "فتح" و"حماس" بالدرجة الأولى، غير أن أي متابع لتطور الأمور، يدرك أن مثل هذه الحكومة لن تشكل في الزمن القريب بالنظر إلى جملة العوائق التي تتصدى لعملية المصالحة، والأمر يخرج عن نطاق النوايا الطيبة التي أعلن عنها رئيس الحكومة الحمد الله بأن حكومته ستستمر حتى منتصف آب، موعد استحقاق تشكيل حكومة الوفاق الوطني، بل إن الأمر رهن بظروف الواقع التي تشير بكل وضوح إلى أن المعطيات الراهنة لا تشير إلى توفر عنصر الإرادة الكافية لتجاوز كل معيقات المصالحة، وبالتالي، فإن هذه الحكومة، رغم كونها انتقالية، إلاّ أنها على الأرجح ستستمر أكثر مما يتوقع العديد من المتابعين والمراقبين!Hanihabib272@hotmail.comwww.hanihabib.net