لا أحد يحسد رئيس جامعة النجاح رامي الحمدالله. فقد اصبح الدكتور في علم اللغة ابن الرابعة والخمسين الذي عين في يوم الاحد رئيسا لحكومة السلطة الفلسطينية بين عشية وضحاها الشخص صاحب اكثر المناصب انكارا للجميل في الضفة الغربية. ان احتمالات نجاحه في عمله ضئيلة جدا، الى درجة أنه يوجد من يشبهون حقيقة تحمله لهذا المنصب بمهمة انتحارية. يتوقع ان تطارد المشكلات والصداع الحمدالله منذ الصباح. وسيتبين له سريعا جدا أنه وحده في المعركة تقريبا، فابو مازن الذي عينه للمنصب غير معني بالادارة اليومية للسلطة الفلسطينية، وفي حين سيكافح الحمدالله كل يوم ازمة جديدة سيستمر الرئيس الفلسطيني على الطيران في انحاء العالم والسير على بسط حمراء ومصافحة زعماء أجانب. يتلقى الحمدالله سلطة فلسطينية في ازمة اقتصادية شديدة. وقد ادخل رجليه في النعلين الكبيرتين إن لم نقل الضخمتين لسلام فياض. ستكون مهمته الاولى الحفاظ على الموازنة الفلسطينية الهشة وضمان ان يحصل عشرات الاف الموظفين ورجال الاجهزة الامنية على رواتبهم. وسيضطر الحمدالله كي يفعل ذلك الى اقناع الولايات المتحدة وسائر الدول المانحة بانه شريك جدي ومستقيم وبريء من الفساد بقدر لا يقل عن فياض. وليس الحمدالله صاحب شهرة دولية كفياض وهو يعد شخصا مجهولا في واشنطن وعواصم اوروبة. فاذا شعروا في الغرب بانه لا يوجد كبير مسؤول يحافظ على الخزانة العامة الفلسطينية فقد تنقطع تحويلات الاموال التي تبقي السلطة حية. ان فضل الحمدالله على فياض هو في حقيقة أنه ثقة عند ابي مازن. ويتوقع في المرحلة الاولى على الاقل ان يختفي التوتر الذي غلب في السنين الاخيرة على مكتب الرئيس ومكتب رئيس الوزراء في رام الله. والى ذلك وبرغم انه يعرف نفسه بانه مستقل من جهة سياسية، سيراه مسؤولو فتح الكبار رئيس حكومة "موافقا لهم". ويتوقعوا ان يمنحوا الحمدالله دعما بخلاف فياض الذي كانوا يبغضونه وتآمروا عليه بقوة. سيضطر الحمدالله الى أن يواجه ايضا أزمة سياسية داخلية شديدة بسبب استمرار السير في نفس المكان في محادثات المصالحة بين فتح وحماس. ويفترض ان يرأس هو بصورة رسمية حكومة انتقالية تتولى عملها الى ان تجرى انتخابات لكن هذه الانتخابات لا ترى في الافق حتى في اكثر السيناريوهات وردية. تولى رئيس الوزراء الفلسطيني الجديد عمله قبل اسبوعين من الموعد الذي سيبت فيه ابو مازن هل يتجه الى تجديد التفاوض والمصالحة في العلاقات باسرائيل ام الى تجديد الاجراءات من طرف واحد في الامم المتحدة والى مواجهة مع الحكومة في القدس والادارة امريكية. ومن الصحيح الى الان انه يبدو ان ابا مازن يميل خصوصا الى الاختيار الثاني. يعد الحمدالله معتدلا وبرغماتيا في كل ما يتعلق باسرائيل والمسيرة السلمية، لكن يشك في أن يستطيع التأثير في الامد المباشر. تستطيع أزمة سياسية تنشأ نتاج فشل جهود وزير الخارجية الامريكي جون كيري ان تصبح سريعا أزمة امنية في صورة انتقاضة جديدة في الضفة الغربية. ليست احوال الازمات غريبة على الحمدالله. فقد اصابته قبل عشر سنوات مأساة شخصية حينما قتلت زوجته وبناته الثلاث في حادثة طرق. ونجح في أن ينعش نفسه من الضربة التي اصابته واستمر يقود جامعة النجاح ولجنة الانتخابات المركزية. وسيضطر منذ هذا الصباح الى أن يترك البرج العاجي المريح في الجامعة ويدخل يديه في خبايا السياسة الفلسطينية.