خبر : التغير في منظومة التهديدات العسكرية العربية لإسرائيل ..أطلس للدراسات الإسرائيلية

الخميس 23 مايو 2013 10:55 ص / بتوقيت القدس +2GMT
التغير في منظومة التهديدات العسكرية العربية لإسرائيل ..أطلس للدراسات الإسرائيلية



التحولات السياسية العميقة التي تشهدها الدول العربية وتحديداً المسماة بـ "دول الطوق" والتي لا زالت مستمرة ولا زالت رياحها لم تهدأ بعد مع احتمال وصولها إلى دول أخرى؛ أشبه ببركان ينفجر على مراحل عبر فتحات عديدة، هذه التحولات الكبيرة - التي لم تهدأ بعد - تقضي على مرحلة طويلة من الاستكانة والاستقرار، وعلى تحالفات ومعسكرات، وتعمل على اعادة تشكيل الخارطة السياسية للمنطقة في ظل احتدام صراعات اقليمية ودولية قديمة جديدة، ونبش صراعات مذهبية عرقية بهدف توظيفها في خدمة أجندات أقطاب الصراع، وقبل أن ينقشع الغبار عن ساحات الصراع بدا واضحاً على الأقل على مستوى الصراع العربي الإسرائيلي أن تغيراً كبيراً قد حدث على الملامح المستقبلية للصراع العسكري، وعلى طبيعة التهديدات الأمنية لأمن دولة الاحتلال؛ الأمر الذى بات يفرض نفسه على ما يسمى بـ "مفاهيم الامن القومي الإسرائيلي"، وبدأ يتضح من خلال خطط قيادة أركان الجيش الإسرائيلي الهادفة الى ملائمة جيشها لمتغيرات التهديدات الأمنية الناتجة عن التغيرات السياسية والأمنية في المنطقة، وذلك عبر ادخال تغييرات كبيرة على بنية الجيش تسليحاً وتشكيلاً.فيما مضى؛ استعد الجيش الإسرائيلي بشكل أساسي لمواجهة خطر اندلاع حرب كلاسيكية مع الجيوش النظامية العربية، فقد كانت مثل هذه الحرب تشكل التهديد الأكبر الذى استعد وتمرن وتسلح له الجيش الإسرائيلي رغم ان آخر حرب مع الجيوش النظامية كانت عام 73، وقد شكل الطيران وسلاح الدبابات والمدفعية الثقيلة السلاح الأهم لهزم العدو والسيطرة عليه، كما أن اتفاقية السلام مع مصر وتحول جبهة سيناء على مدار عقود طويلة الى جبهة غير معادية أدى الى ما يشبه تفكك اللواء الجنوبي المرابط على حدود سيناء، مما جعل الحدود تخترق بشكل يومي عبر مجموعات كبيرة من المهاجرين والمهربين وتجار البشر والمخدرات، والتدفق الكبير للمهاجرين الأفارقة وتداعياته على البنيه الاجتماعية والاقتصادية الإسرائيلية، جعلت حكومة نتنياهو تنفق 2 مليار شيكل على بناء أطول جدار من الاسلاك الشائكة المزودة بوسائل الكترونية متطورة.ويبدو حسب القراءة الإسرائيلية للدور العسكري المستقبلي لمصر؛ أن مصر ترغب بالانشغال بنفسها وعلاج أزماتها الداخلية، والمحافظة على عدم التصعيد والتسخين مع اسرائيل عسكرياً، ما يبقى الجبهة الجنوبية لسنوات طويلة أخرى بعيدة عن أن تشكل تهديد عسكري كلاسيكي، أي أن شبح الحرب مع مصر بالنسبة لإسرائيل أمر غير وارد على الاقل في المستقبل المنظور.أما على صعيد الجبهة السورية الإسرائيلية؛ فقد مثل الجيش العربي السوري الى وقت قريب مضى التهديد العسكري الكلاسيكي الوحيد، حيث ان الجيش السوري حظي برعاية واهتمام القيادة السورية، وقد أنفقت الدولة السورية معظم مواردها المالية على تسليحه وتدريبه وتجهيزه وسعيها لما عرف بالوصول للتوازن الاستراتيجي، وعلى الأقل إعلامياً اهتمت سوريا أن تؤكد دوماً أن جيشها يستعد لمعركة تحرير الجولان السوري؛ الأمر الذي كان معه الجيش الإسرائيلي مضطراً لأن يأخذ هذه التهديدات على محمل الجدية، لا سيما وأن اسرائيل رأت في نظام الأسد - على الرغم من هدوء جبهة الجولان - عدواً شرساً وخطراً كبيراً في ظل تحالفه ودعمه لحزب الله وعلاقاته الوطيدة مع جمهورية إيران، ونظراً أيضاً لحجم الترسانة العسكرية التي يملكها.إلا أن ما تشهده سوريا من صراع دموي عنيف يؤدي عملياً الى تفكك الدولة السورية وانتشار الفوضى، واحتمالية أن تفرض مآلات الصراع السوري تقسيمات جغرافية ومذهبية وعرقية، وما يعانيه اليوم الجيش السوري من حرب استنزاف وانشقاقات كبيره وتفكك في تشكيلاته وقياداته وفقدانه الكبير لنسبة كبيرة من ترسانته التسليحية وتدمير مواقعه وانسحابه من الكثير منها؛ كل ذلك يجعله جيشاً مفككاً ضعيفاً منهكاً، ويضع على مستقبل قدراته الكثير من علامات الاستفهام، مما يجعله خارج معادلة الصراع وبعيداً عن دوره ومهماته التقليدية، وهو لأمر محزن أن يخرج آخر الجيوش العربية من منظومة التهديدات الأمنية لإسرائيل.وبعد أن دمر الجيش العراقي سابقاً، وخرج الجيش المصري من المواجهة، ومعه الأردني، واليوم السوري، فإن التهديدات العسكرية العربية لإسرائيل أصبحت صفراً، وهذا ما كان يفكر به قائد الأركان الإسرائيلي بيني غانتس عندما قرر أن منظومة التهديدات قد تغيرت، حيث قال: "ان التهديدات الكبيرة والواسعة والمستقرة التي ميزت السنوات الأربعين الماضية قد تغيرت بقدرات نارية لمسافات طويلة وبأعمال ارهابية وتخريبية معادية".واستناداً الى هذا الفهم لمتغيرات التهديدات الأمنية؛ بدأ الجيش الإسرائيلي يستثمر أكثر في سلاح المشاة، والتوسع في التشكيلات القتالية المبينة أساساً من الوحدات الخاصة، والتقليل من أهمية دبابات المركفاه والمدفعية الثقيلة، والتأقلم مع حروب الصواريخ وقتال المجموعات المسلحة، وهو ما يسميها بالتهديدات التكتيكية التي اكتوى بنيرانها على أكثر من جبهة، وتهدد اليوم بفتح جبهات جديدة قد تشكل حرب استنزاف طويلة المدى تدخل اليها جبهات جديدة طالما ظلت صامته.