خبر : القضية في قطر .. أو في خطر ..!...بقلم : أكرم عطا الله

الأحد 05 مايو 2013 11:18 ص / بتوقيت القدس +2GMT
القضية في قطر .. أو في خطر ..!...بقلم : أكرم عطا الله



يلقي الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل بمهمة ثقيلة على الكتاب حين يصفهم بـ "جيش الضمير" رافضاً أن يصاب هذا الجيش بالإحباط كسائر الناس، وكأن على الكاتب العربي أن يعاند وحده واقعاً من الهزائم التي تتوالى مشاهدها على مسرح التاريخ الحي في العواصم العربية، لكن الكاتب الراحل سعد الله ونوس الذي كان مصدوماً من حجم الانحدار العربي قبل أكثر من عقدين عندما كان يقاوم بشجاعة مرض السرطان، عندما زاره عدد من الأصدقاء الكتاب بعد حرب الخليج الثانية التي أدمت قلبه وقلمه حد الانكسار وهو يشاهد جيوش التحالف تضرب عاصمة الرشيد مسلحة بموقف عربي سألهم بيأس أكثر إحباطاً من تفاؤل هيكل "أليس لهذا السقوط من قاع"؟ بعدها بسنوات قليلة أغمض عينيه قبل أن يعرف أن الأكثر بؤساً لم يأت بعد.من يذكر الجنرال فنسنت بروكس؟ إنه الناطق باسم القيادة المركزية الأميركية والذي كان يزف إلينا بشرى سقوط بغداد من قطر .. حين فتحت هذه الأخيرة أرضها وسماءها وإعلامها لاستباحة أرضنا وسمائنا وعقولنا، بعد أن تمكنت من تتويج نفسها أو بعد أن مكنها منا "محور الممانعة" باعتبارها "قائدة الممانعة" وعلينا أن ندفع الثمن الذي فرضه علينا ذلك المحور الوهمي بلا تردد.كنا نتابع ونقرأ ونشاهد موقف وموقع قطر الذي يتقدم مرة بشكل منظم ومرة بفوضى خلاقة اجتاحت الوطن العربي فجأة لتصبح قطر اللاعب المركزي وما حولها ممثلين مساعدين يؤدون أدواراً ترسمها لهم الدولة الكبرى ـ الصغرى فمن يرسم لها الدور؟ أم أن الوطن العربي ينهار بفعل الاحتراق الداخلي وفقط لا تقوم قطر سوى بالإعلان عن الوفاة كما كان يفعل ذلك الجنرال الأسود ..!.في الطريق إلى التمكين كان الإعلام القطري يستقطب في طريقه المفروشة بالمال كل الذين يقفون متحفزين للحاق به من رموز دينية ووطنية وقومية قبل أن يشتعل هذا المال في جيوبهم ويمتد الحريق إلى عقولهم إلى الحد الذي يطالبون فيه القوات الأميركية بضرب سورية التي كانت يوماً إحد اصطفافاتهم، فمن يذكر محور الممانعة .. قطر ـ سورية ـ وليبيا دخلته قطر ثم قامت بتفتيته، قادت "الناتو" ضد طرابلس والآن تدعم وتمول إسقاط دمشق والدور القادم على "حماس"، أما الحديث عن دورها تجاه "حزب الله" كما شرحه لي صحافي لبناني صديق مقرب من أوساط الحزب فمن المبكر الحديث عنه لأنه قد يكشف نقاط ضعف، كل الذين تعاونوا معها دفعوا الثمن فهل "حماس" استثناء ؟ سأل أحدهم هل يمكن أن تكون الدوحة قاعدة انطلاق تحرير فلسطين؟ حين كان يغمز بعد انتقال قيادة "حماس" من دمشق للدوحة.ففلسطين هي الصداع الدائم للولايات المتحدة ولإسرائيل، والقضية التي رفضت أن تموت لا بد وأن توضع لها نهاية، وليس هناك أكثر من هذا الظرف المهزوم عربياً ملاءمة لتمرير حل، ولا أحد في ظل حالة الكساح التي تجتاح الجامعة العربية وكافة دولها وهي تقف خلف قطر يملك اية فرصة للوقوف أمام هذا "العملاق القطري" قائد "الناتو" بدأ من مصر التي يعيش اقتصادها على المساعدة القطرية وصولاً إلى طرفي الصراع على السلطة في الساحة الفلسطينية.تتقدم قطر حاملة لواء مشروع الحل فمن كان يجرؤ على فتح المبادرة العربية التي شكلت تنازلاتها الحاجز الأخير لهبوط السقف العربي لترد عليهم حكومة شارون باحتقار باجتياح الضفة الغربية، وبينما تعالت الأصوات بتهديد إسرائيل بسحب المبادرة فوجئ الجميع بفتحها والهبوط أكثر لترد إسرائيل بشكل كان أفضل توصيف له ما كتبه الصحافي الإسرائيلي إيال مجيد في صحيفة "هآرتس"، "الجامعة العربية تستجدي اليوم ...... وإسرائيل تلوح بإيماءة بالأصبع الوسطى" وهذه لا تحتاج إلى تفسير. وخطورة الأمر فيما تقوده قطر أن موقع قطر في ظل حالة الهزيمة والانقسام الفلسطيني يؤهلها لتمرير ما تقرره أو ما تتفق عليه مع الولايات المتحدة، فالوضع الفلسطيني على درجة من الهشاشة وفقدان المناعة في مواجهة القرار القطري، فهو منقسم ما بين السلطة في الضفة وحركة حماس في قطاع غزة ولقطر تجاه كل منهما ما يمكن أن تلوح به بالترغيب والترهيب.قطر التي تقود ضمناً الجامعة العربية وتنسق مع الولايات المتحدة قادرة على وقف المساعدات العربية والدولية وإذا ما أضيف لها وقف إسرائيل لتحويل الأموال هذا يعني تجفيف السلطة ومخطئ من يقلل من ذلك، ويمكن لقطر أن تهدد السلطة بتسليم مقعدها في الجامعة العربية لحركة حماس مثلما قررت ونفذت تجاه سورية، وقد لوحت بذلك منذ فترة حين ثارت السلطة مشككة بقطر قبل أسابيع ففي ظل هذا الوضع فإن قطر تستطيع وعلى السلطة أن تحسب بجدية.أما حركة حماس التي اختارت طواعية أو مرغمة الدوحة مقراً لرئيس مكتبها السياسي وفي ظل سطوة المال والجغرافيا هل بالإمكان أن تقف في وجه المشروع القطري؟؟ الردود الباهتة التي صدرت عن حركة حماس معظمها من مصادر "ترفض الكشف عن نفسها" باستثناء موقفين واضحين للقيادي الأكثر وضوحاً الدكتور الزهار وكذلك السيد هنية فإذا ما عارضت "حماس" فكل العواصم مغلقة والمال القطري الذي أخذ ينهمر بغزارة على حركة حماس وقطاع غزة والذي لا تريد الحركة أن تعترف أنه مال سياسي سيكون له ثمن كبير، فـ"حماس" الآن في مصيدة قطر ان وافقت يعني أن تنقسم الحركة والتي يمس المشروع القطري صميم الأيدولوجيا لديها وهي سر تماسكها، أو أن ترفض الحركة وحينها ستحجب قطر التمويل عن الحركة ومشاريعها أي التهديد بالتجفيف، وبعد تجربة الإخوان في مصر وحاجتهم للمال القطري سيكون من الصعب استمرار مشروع "حماس" حين تغضب قطر.أعرفتم لماذا كان الانقسام يتغذى من إسرائيل وأطراف خارجية؟ ولماذا استدرج رئيس المكتب السياسي ليستقر في الدوحة؟ أعرفتم ما الذي حل بنا ؟ لقد كان المرحوم ونوس على حق فالواقع أكثر مرارة وإحباطاً، ولا أعرف إن بقي هيكل مصراً على مقولته التي كتبها منذ عقد ونصف العقد بعد أن رأى أن غالبية جيش الضمير تصطف في الطابور القطري ..!.