خبر : تجاوز معيار الصمت/يديعوت

الأحد 06 يناير 2013 02:13 م / بتوقيت القدس +2GMT
تجاوز معيار الصمت/يديعوت



 كانت المقابلة الصحفية مع رئيس "الشباك" السابق يوفال ديسكن التي نشرت في "يديعوت احرونوت" في يوم الجمعة مدوية لعدة اسباب. سنتجه من الاسباب الثقيلة الى الاسباب التي هي أثقل منها. إن حراس "الشباك" هم أقرب الناس من رئيس الوزراء، فهم أقرب من مساعديه القريبين بل انهم أقرب منه احيانا من أبناء عائلته. فهم يعلمون كيف يسلك مع زوجته وما علاقاته بأبنائه وأي مشكلات طبية يعاني ومن يلاقي في الخفاء. ويفترض ان تكون الثقة بين رئيس الوزراء وحراسه مطلقة. فهو يطيعهم ويحيا معهم في بيته وهم يحفظونه من كل سوء. ولا يفترض أن يتكلموا عما يعرفون عنه حتى آخر ايامه. إن معيار الصمت هذا يُلزم رئيس الجهاز قبل الجميع، فالرئيس قدوة لمرؤوسيه: وحينما يختار تجاوز المعيار لا يكون للكلام نهاية. إن رئيس الوزراء يحذر من أن يشارك رئيس "الشباك" في أسرار الدولة وبدل ان يتحدث في الشأن يتحدث الى محاضر الجلسات. وبدأ يخشى الناس المسلحين الذين يقفون من ورائه. ويُشك في ان يعرضوا حياتهم للخطر من أجله في ساعة ضيق، ويُشك في ان يحتفظوا لأنفسهم بنقاط ضعفه. ذهبت الرسمية وجاء الشعور بالمطاردة. تخيلوا مثلا أن يفتح حراس وزير الخارجية السابق أفواههم. كان من الممكن ان نستنتج ان وزير السياحة المعزول سيتس ميسجينكوف كان نسخة شاحبة عن رئيسه ليبرمان. ومن سوء حظ ميسجينكوف انه لم يحرسه رجال من "الشباك" بل عمال شركة خاصة. برهن يوفال ديسكن طوال 38 سنة خدمة في جهاز الامن على انه انسان ذو مسؤولية وانه متزن ومتنبه وخادم مخلص رسمي للدولة. وحينما يختار انسان كهذا ان يشهد على الملأ على سلوك رئيس الوزراء ووزير الدفاع في أكثر المباحثات سرية يثور امكانان الاول ان هذا الشخص قد جُن والثاني انه قد بلغ السيل الزبى. ومن المؤسف جدا ان الامكان الثاني هو الصحيح. إن شهادة ديسكن حقيقة لا يوجد أكثر منها اقلاقا. دعوا السيجار الذي يتحدث عنه والخمور والوجبات الفاخرة في خلال مباحثة حساسة في شأن ايران. فهذه تفاهات. إن ما يقلق حقا في صعيد السلوك هو عدم قدرة رئيس الوزراء على اجراء مباحثات منظمة والتوصل الى قرارات. ويستطيع كل من يُدعى الى مباحثات أمنية عند نتنياهو ان يشهد بأن الجميع يحضرون في الأجل المسمى. ويضطرون الى انتظار ساعات الى ان يفرغ رئيس الوزراء من اعماله. ويتبين لهم حينما يدعوهم آخر الامر أنه غير مهتم اهتماما حقيقيا ببرنامج العمل. فكل قصاصة ورق تجعله يقفز من مكانه وكل همسة في أذن تغير رأيه. ويكون القرار الذي يُتخذ في نهاية المباحثة هو عقد مباحثة اخرى. إن أكثر هؤلاء الاشخاص يديرون منظمات كبيرة. وهم يعلمون كيف يجب ان يبدو النقاش وكيف يجب ان ينتهي. وأيامهم مليئة: ففي الساعات التي يضطرون فيها الى قضاء وقت في انتظار مباحثة عقيمة بدل العمل يتوصلون الى موقف مصوغ جدا من رئيس وزرائهم. نتحول من هنا الى أقسى دعوى لديسكن وهي ان مواقف نتنياهو وباراك لم تنبع من مصلحة الدولة بل من مصالح شخصية أو سياسية. ليس ديسكن مغفلا. فهو يدرك ان للمصالح دورا مهما في اتخاذ القرارات. ولم يكن أحد من أسلاف نتنياهو، من بن غوريون الى اولمرت، بريئا من تقديرات اجنبية. لكن مصلحة الدولة هي التي حسمت الامر عندهم في النهاية. وهو يزعم ان ترتيب أفضليات نتنياهو وباراك ليس كذلك. يأتي ديسكن بثلاثة أمثلة مشحونة. الاول هو محاولة باراك تعويق الهجوم على المفاعل الذري السوري. فهو يزعم ان باراك كان مستعدا للمخاطرة بكارثة على دولة اسرائيل والمنطقة كلها بشرط ان يحظى هو لا اولمرت بمجد تدمير المفاعل الذري. والثاني التضليل في الشأن الايراني. والثالث عدم الجدية وامتناع نتنياهو عن تجديد المسيرة السياسية. فديسكن يزعم ان نتنياهو بسبب الارتياح السياسي يُعرض التعاون الامني مع السلطة الفلسطينية للخطر ويدفع بحماس الى الأمام على حساب السلطة وعلى حساب احتمال تسوية تضمن أمن اسرائيل في المستقبل. ليس ديسكن حمامة سياسية بل هو صقر أمني. وتُثبت شهادته وتشحذ شهادات سابقة لعوزي أراد، مستشار الامن القومي السابق لنتنياهو، ومئير دغان، رئيس الموساد السابق، وللشهادات وزن متراكم ووزن حاسم. عُلقت على طول شوارع اسرائيل في نهاية الاسبوع لافتات ضخمة تدعو الناخبين الى التصويت لقائمة نتنياهو. واختار الليكود ان يُبرز من بين جميع مزايا نتنياهو ميزة واحدة وهي انه "رئيس حكومة قوي" والناخب ديسكن لا يعتقد ذلك ولا الناخب دغان أو الناخب أراد ايضا ولا وزراء الليكود في أحاديثهم الخاصة. فالفرق بين الشخصية المروج لها بين الجمهور وبين سلوك هذا الشخص بالفعل لا يمكن عقد جسر فوقه. أبدى ونستون تشرتشل، السياسي الذي يُجلّه نتنياهو، رأيه ذات مرة في وريثه كليمنت أكلي فقال: "سيارة فارغة تسافر الى شارع داونينغ 10 ويخرج منها رئيس الوزراء". وهذا في الخلاصة ما أراد رئيس "الشباك" السابق ان يعلمنا إياه.