خبر : حول استقالة ليبرمان..د. سفيان ابو زايدة

الأحد 16 ديسمبر 2012 11:06 ص / بتوقيت القدس +2GMT
حول استقالة ليبرمان..د. سفيان ابو زايدة



خلال جلسة الحكومة الاسبوعي هذا اليوم سيقدم ليبرمان رسميا استقالته كوزير للخارجية و نائب لرئيس الوزراء، كذلك سيطالب برفع الحصانه البرلمانية عنه لكي تتمكن النيابة من تقديم لائحة اتهام له بتهمة خيانة الامانة بعد ان اعلنت عن عدم رغبتها في تقديم لائحة اتهام له في قضايا الفساد المالي الكبرى التي حققت فيها لاكثر من ستة سنوات، حيث كان التحقيق معه حول اموال بمئات الالاف من الدولارات التي تم ادخلالها لحساب شركات لها علاقة به او لمقربين له بما في ذلك ابنته، و لعدم التأكد من امكانية ادانته في المحكمة قررت النيابة عدم تقديم لائحة اتهام له . القضية التي سيتم توجيه لائحة اتهام بشأنها وهي " خيانة الامانة" تتعلق بمعلومات قدمها السفير الاسرائيلي في بيلاروس، و هي احدي جمهوريات الاتحاد السوفيتي سابقا، حيث وخلال احدى زيارات ليبرمان هناك التقى به السفير  في غرفته في الفندق و قدم له معلومات عن طبيعة التحريات التي تجريها النيابة الاسرائيلية عن ليبرمان في هذا البلد. لقد زوده بارقام الحسابات و اسماء الاشخاص و الشركات التي تتحرى عنها النيابة الاسرائيلية. هذا بطبيعة الحال يُعتبر عمل غير قانوني و غير اخلاقي من قبل السفير و من قبل ليبرمان الذي حاول ترقيتة في وقت لاحق. وفقا للقانون الاسرائيلي ليبرمان غير مُلزم بتقديم الاستقالة من منصبة، لكن وفقا للعرف كل شخصية عامة يتم تم تقديم لائحة اتهام ضدها، عليها الاستقالة. بالطبع يتعلق الامر بطبيعة التهمة  الموجهة، كلما كانت خطيرة كلما اصبح الامر اكثر ألحاحا. التقدير هنا يعود للقضاء و مدى تفاعل الرأي العام في تحديد مدى الخطورة. في حالة ليبرمان، هناك من يعتقد ان هذه القضية خطيرة و هو ملزم بتقديم استقالتة، و هناك من يعتقد ان القضية لا تستحق و بالتالي بامكانه الاستمرار في منصبة الى ان يصدر قرار من المحكمة حيث سيتقرر حينها ما اذا يستطيع مواصلة اشغاله لمنصب عام ام لا. اذا كان يجب عليه ان يستقيل و لم يفعل ذلك على رئيس الوزراء ان يقيله و اذا لم يفعل ذلك رئيس الوزراء و تم التوجه الى المحكمة العليا في هذه الحالة هي التي ستقرر اذا ما كان ملزم بالاستقالة ام لا. ليبرمان اختصر الطريق على نتنياهو و اختصر الطريق على المحكمة العليا و قرر تقديم استقالته وفقا لحسابات سياسية و انتخابية و قضائية دقيقية، اهم هذه الحسابات هي: اولا: السبب الاول و الرئيسي هو خشية ليبرمان ان تجبره المحكمة العليا على تقديم استقالته و ذلك بعد ان اعلنت اكثر من جهة نيتها تقديم طلب للمحكمة بهذا الشأن، المستشار القضائي للحكومة على ما يبدوا ابلغ ليبرمان انه و في هذه الحالة الدولة لا تستطيع ان تدافع او تبرر امام المحكمة عدم الاستقالة من المنصب الى حين انتهاء الجراءات القضائية بحقه.  ثانيا: ليبرمان لا يريد لهذه القضية ان تأخذ وقت طويل في المحاكم، هذا يعني طالما القضية لم تقرر بها المحكمة لا يستطيع ان يشغل اي منصب عام بعد الانتخابات. تكتيك ليبرمان في تقديم الاستقالة هو بالتوصل و بأسرع وقت ممكن مع النيابة يعترف من خلالها بالتهمة الموجهة له التي لا خلاف على تفاصيلها و حجمها ، و اصدار حكم و لكن بشرط ان لا يشمل هذا الحكم ادانه ب " كلون" و هي كلمة عبرية  تعني الوصمة او صمة العار. الترجمة القانونية للوصمة هي ان ليبرمان لا يستطيع حينها ان يتولى اي منصب عام لمدة سبع سنوات. قرار محكمة بدون الوصمة يعني ان ليبرمان يستطيع ان يعود الى منصبة او تولي اي منصب جديد دون اي عائق قانوني. ثالثا: ليبرمان من الناحية التكتيكية ايضا قدم استقالته لانه لا يريد ان يكون موضوع الانتخابات الرئيسي هو فساده و محاكمته و ما اذا كان علية الاستقالة ام لا. هذا الامر يخدم اليسار و الوسط و يضر بالليكود – بيتنا . مصلحة نتنياهو و ليبرمان هو ان يتم التركيز في المعركة الانتخابية خلال الخمسة اسابيع القادمة على مواضيع الامن و التهديد الفلسطيني و الايراني. على ضوء كل هذه التطورات ، السؤال الذي يطرح نفسه هو الى اي مدى ستؤثر استقالة ليبرمان على نتائج الانتخابات، و بالتحديد على قائمة الليكود- بيتنا التي تعطيها الاستطلاعات ما بين 35 الى 39 مقعد؟ و الى اي مدى ستؤثر هذه القضية على مستقبل ليبرمان السياسي و حزب اسرائيل بيتنا الذي يقوده؟ حتى الان لم تجرى استطلاعات للرأي لقياس مدى تأثير استقالة ليبرمان على نتائج الانتخابات، و لكن التقديرات انه لن يكون هناك تأثير كبير و لن تحدث تغيرات جوهرية في موازين القوى الحالية. اما حول مستقبل ليبرمان السياسي فهذا سيعتمد على طبيعة الصفقة التي سيبرمها محامي ليبرمان مع النيابة العامة، اذا كان قرار الحكم لا يشمل " الوصمة" فهذا يعني ان ليبرمان يستطيع ان يعود مباشرة الى اي منصب يريد ما عدى المناصب السيادية، و هذا لا يشمل وزارة الخارجية حيث يمكن ان يعين من جديد. في كل الظروف و الاحوال ، بالنسبة للرأي العام الاسرائيلي الجدل حول قضية ليبرمان سيتواصل ، ليس فقط في كل ما تعلق بجوانبة القانونية، بل الاهم هو في كل ما يتعلق بالجوانب الاخلاقية لقضايا النزاهة و الشفافية و حماية الحقوق و الممتلكات العامة و سلوك المسؤولين. سر قوة المجتمع الاسرائيلي و تماسكة ليس بما يملك من طائرات و اسلحة دمار و تقدم تكنلوجي، بل كلمة السر مبنية على اساس الفصل بين السلطات حيث يتمتع القضاء باستقلالية كاملة، لا يستطيع ان يؤثر فيها لا رئيس و لا رئيس وزراء او مسؤول جهاز امن. بل ان الرئيس و الوزير هناك يخضع للمسائلة و المحاسبة و الاجراءات القضائية قبل الغفير و المرافق و الفقير. اسرائيل دولة احتلال، دولة متمردة على القانون الدولي، تسرق ارضنا و احلامنا و تتحكم في ادق تفاصيل حياتنا، و لكن سر بقاءها انهم لا ينتظرون  المسؤول الى ان يتخلى عن منصبه و يدير ظهره لينهشوا فيه مثل الكلاب السمعورة، بل يخضع للقضاء هو و ابناءه وهو في ذروة قوته حتى لو كان من مؤسسي الدولة. هكذا حصل مع كتساف عندما كان رئيس للدولة وهو الان سجين لاكثر من عام بتهمة التحرش الجنسي، لانه ليس لديهم نائب عام يتصرف بالملفات بناء على تعليمات. ابن شارون حقق معه بتهمة الفساد و اعتقل لاشهر في السجن حتى عندما كان ابوه رئيس وزراء، و اولمرت اضطر لتقديم استقالته وهو رئيسا للوزراء. سر قوة المجتمع الاسرائيلي ان هناك صحافة تراقب و تحقق و تحاسب و لكنها في نفس الوقت لا تسيئ و لا تشوه و لا تفتري . سر قوة المجتمع انه و في نفس الوقت الذي يتساوى فيه القوي و الضعيف، الوزير و الغفير و المسؤول و المواطن العادي الا انه لا يسمح بالقاء التهم ظلما و بهتانا ضد بعضهم البعض دون اثبات او دليل او قرار محكمة. سر قوتهم انهم يرون كل شيئ و يحاسبون على كل شيئ ، ليس هناك احد مستثنى. مثلنا تماما.Dr.sufianz@gmail.com