خبر : الحرب على غزة.. عقلاء وأغبياء!! ... هاني حبيب

الأربعاء 14 نوفمبر 2012 10:04 ص / بتوقيت القدس +2GMT
الحرب على غزة.. عقلاء وأغبياء!! ... هاني حبيب



حالة من التخبط والإرباك سادت أجواء الساسة الإسرائيليين أثناء محاولتهم الإجابة على السؤال الأبدي: ما العمل؟ فهؤلاء لا يستطيعون السكوت على التهديد المستمر عبر إطلاق الصواريخ من قطاع غزة على مناطق جنوب الدولة العبرية، ولا بإمكانهم القيام بحرب مضمونة النتائج تنهي وإلى الأبد إمكانية معاودة إطلاق الصواريخ، إلاّ أن هذه الحالة سارعت في استثمار هذا الوضع في مزايدات معلنة بين مختلف الأطراف الإسرائيلية لحساب الحملة الانتخابية، فارتفعت أسهم المزايدة بالحرب، وكأن هذه الحرب من شأنها أن تعيد إسرائيل إلى السبعينيات من القرن الماضي من ناحية الثقة بقدراتها العسكرية والأمنية وميل ميزان القوى العسكري والنفسي لصالحها بشكل كامل، ويوم كانت هي من يقرر الخريطة السياسية والأمنية للمنطقة، خاصة على الملف الفلسطيني. مع ذلك، لا يتردد رئيس الدولة، شمعون بيريس في أن يتهم الجانب الفلسطيني، خاصة في غزة بالغباء، فهو يقول لصحيفة "جيروزاليم بوست" إن هذا الهجوم يمثل إطلاق النار الأغبى في العالم، لأنه لو قمت بإطلاق النار وأنت لا تعلم ما الذي تريد تحقيقه، فما الهدف إذن، هل يريدون تدمير إسرائيل، هل يريدون جعل حياتنا بائسة، لو قاموا بإطلاق النار، فعلى إسرائيل أن ترد بشكل كامل وفوري، فلا يوجد مجال للدراسة" انتهى حديث بيريس بهذا الخصوص، واصفاً المهاجمين بالغباء بعبارات ركيكة، معللاً وصوله إلى هذا الوصف إلى أن المهاجمين لا يعرفون ما يريدون، مع أنه أجاب بأن الهدف إما تدمير إسرائيل أو تحويل حياة الإسرائيليين إلى بؤس وشقاء، ما يشير أكثر إلى أن هذه العبارة، هي الغباء بعينه، ان يقول انه على إسرائيل الرد فوراً ولا مجال للبحث والدراسة، في حين ان إسرائيل لا تزال تبحث عن سبل لرد فعّال، وتعقد المشاورات والحوارات والاجتماعات على كل المستويات، بحثاً عن مخرج لم تجده بعد، رغم التوجه إلى القيام بسيناريوهات عدائية تبدأ من وقف إمداد قطاع غزة بالكهرباء والماء والغذاء، إلى أن تصل إلى حرب برية واسعة النطاق، البحث عن حلول، ليس من الغباء، إلاّ أن حديث رئيس الدولة العبرية عن رد فوري، تبين أنه لا يصدر عن عاقل، وان الحالة في غزة تمكنت أخيراً من رأس الدولة العبرية الأول. أما رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو، فقد اعترف في التهديدات، واحدة تلو الأخرى، في منافسة صوتية إعلامية لم تتوقف عن التهديد والوعيد بحرب لا تبقي ولا تذر على قطاع غزة، متجاوباً مع النظراء في الحملة الانتخابية، غير أنه اضطر إلى الإعراب عن مخاوفه من أن تكون تهديداته جدية، مشيراً إلى أنه يأمل بأن تكون هذه التهديدات كافية لإقناع غزة، بعدم التصعيد، وفقاً لمبدأ إسرائيلي معروف، بأن التهديد بالحرب، في الغالب ما يعفي الدولة العبرية من شن حرب، على اساس أن الطرف الآخر، يأخذ هذه التهديدات مأخذ الجد، ما يفرض عليه التراجع خشية من أن ينجر إلى حرب هو ليس على استعداد لخوضها، وعندما يحاول نتنياهو، الأخذ بهذا المبدأ علناً، فإن الأمر يصبح فضيحة، إذ إن الاعراب علناً عن أن تهديداته هي مجرد محاولة لإقناع الطرف الآخر بعدم خوض الحرب، تشكل نقطة ضعف وسقطة لا يقع بها عاقل، إذا لم نرغب في استخدام لغة بيريس! ولأن رجالات نتنياهو، ووسائل الإعلام المقربة منه، دائماً ما تمنحه صفة الذكي، فإننا سنفترض صحة ذلك، فنقول إنه يحاول التقرب من هؤلاء الذين لا يرغبون في أن تقدم إسرائيل على حرب لسبب أو أكثر، وإذ نتنياهو يزايد كما الآخرين بالحرب، فإنه يقدم لدعاة عدم الحرب، سبباً للاستحواذ عليهم من خلال القول إن التهديد بالحرب ضروري لعدم قيام الحرب، وفي هذه الحال، فإن نتنياهو، يلعب على الحبلين، ويرضى الأنصار من دعاة الحرب ومن هم ضدها!! إلاّ أن هذا ينقله من دائرة الغباء إلى دائرة الانتهازية الرخيصة إلاّ أنه لا يستشعر بمثل هذا الانتقال، كونه يرزح تحت عبء الحملة الانتخابية. على الجانب الآخر، نجد حركة حماس تسارع وتشكو إسرائيل إلى الأمم المتحدة، ولا شك أن ذلك يعتبر خطوة ذكية، مع أنها بغير ذات قيمة من الناحية العملية الإجرائية، فهي ـ الشكوى ـ إذا ما وصلت إلى الأمم المتحدة، فإن أحداً لن يأخذها بالاعتبار، "حماس" تدرك ذلك تماماً، غير أنها عبرت من خلال هذه الشكوى أنها تمثل الفلسطينيين، في حين ان السلطة الوطنية الفلسطينية، لم تحاول، في ظل هذا التصعيد، التقدم بمثل هذه الشكوى إلى الأمم المتحدة، وكأنها غير معنية، صحيح أن التوجه إلى الأمم المتحدة حول هذا التصعيد الإسرائيلي لن يمنع إسرائيل إذا ما قررت القيام بحرب على غزة، إلاّ أن ذلك لا يعفي القيادة الفلسطينية من مهامها في التوجه على الأمم المتحدة لحشد رأي عام لمواجهة هذا العدوان ونتائجه، اقتناص حركة حماس لهذه الفرصة والتقدم بشكوى لا قيمة لها إلى مجلس الأمن، يعتبر قيمة معنوية لصالح حركة حماس التي خطت هذه الخطوة الذكية في ظل غياب وعي السلطة وقيادتها عن دورها المطلوب! إلاّ أن حركة حماس كانت أكثر ذكاءً في سياق آخر متصل، فمنذ البداية، صرح الناطقون باسمها أن قطاع غزة بات ميداناً للحملة الانتخابية في إسرائيل، وهي إشارة ذكية رغم بساطتها الى ان التهديدات الإسرائيلية تجري لحسابات حزبية في ظل الحملة الانتخابية، وان التصعيد جاء بعد اختراق إسرائيل للتهدئة خدمة لهذه الحملة لصالح نتنياهو وتحالفاته، وليست رداً على تصعيد أو خرق فلسطيني، ويحقق مثل هذا التصريح هدفاً آخر، ويتمثل في تردد نتنياهو عن الإقدام على حرب واسعة النطاق خشية من تفسير هذه الحرب على أنها جزء من الحملة الانتخابية لا أكثر، ما يضعه في موضع الشكوك والتساؤلات، كتلك التي سارت أثناء حكومة أولمرت التي شنت حربها على غزة قبل ثلاثة أشهر من الانتخابات للكنيست السابقة، حينها قيل إن بواعث الحرب لم تكن إلاّ لحسابات انتخابية. ما هو غير عقلاني في الجانب الفلسطيني، التأكيد تلو الآخر، من جانب زعامات وقيادات في قطاع غزة، على "أننا على استعداد كامل للحرب"، وكأن الاستعداد يقتصر على النوايا والإرادات والرغبات، ولا يشمل توفير مستلزمات الاستعداد الاجتماعية والاقتصادية وسد حاجات الشعب الأساسية وبناء الملاجئ والخنادق وكل أوجه الدفاع المدني في الجبهة الداخلية التي تعتبر رديفاً ضرورياً لنجاح الجبهة على الحدود في أي حرب، ان انهماك الفصائل في بناء قدراتها التسليحية، ليس كافياً للإقدام على حرب في ظل عدم توفر ظروف بناء الجبهة الداخلية!! HANIHABIB272@HOTMAIL.COM – WWW.HANIHABIB.NET