خبر : أوباما الجديد: مرونة تجاه القضية الفلسطينية دون تحولات جذرية ..عبد الناصر النجار

السبت 10 نوفمبر 2012 03:04 م / بتوقيت القدس +2GMT
أوباما الجديد: مرونة تجاه القضية الفلسطينية دون تحولات جذرية ..عبد الناصر النجار



كانت السياسة الخارجية الأميركية مغيبةً تماماً في الحملة الانتخابية الأميركية، باستثناء العلاقات مع الصين، والحديث هنا يدور حول اختلال الميزان التجاري لصالح بكين، حيث كانت الوعود من الديمقراطيين والجمهوريين تؤكد ضرورة إحداث تغيير مهم في هذا الاتجاه... أما بالنسبة إلى القضية الفلسطينية بشكل خاص، وقضية الشرق الأوسط بشكل عام، فإن أحداً لم يتطرق إليها. حتى عندما كانت الأسئلة توجّه إلى ممثلي الحزبين في مقرات الحملات الانتخابية كانوا يرفضون الإجابة عنها، وخاصةً الجمهوريين الذين كانوا أكثر وضوحاً، عندما كانوا يعلنون أنهم غير مخولين الحديثَ في قضيتين، هما: الأمن القومي، والسياسة الخارجية. في تحليل للسياسة الخارجية الأميركية، قال دبلوماسي أميركي ـ تنقّل في أكثر من دولة في آسيا وأميركا اللاتينية، خلال محاضرةً بجامعة إلينوي في شيكاغو، بعد يوم من إعلان فوز أوباما ـ: إن أول تحدّ لأوباما سيكون في ردّه على توجه الفلسطينيين إلى الأمم المتحدة، وستكون هذه نقطة البداية في السياسة الخارجية الأميركية تجاه الشرق الأوسط. وفي توضيح أكثر لـ"الأيام"، عقب انتهاء المحاضرة، حول التحوّلات الجديدة في سياسة أوباما تجاه فلسطين وحل الدولتين والعلاقة مع نتنياهو بعد الدعم العلني الذي قدمه الأخير إلى رومني، قال: بالنسبة إلى نتنياهو، فإن العلاقات مع إسرائيل بشكل خاص غير مبنية على علاقة أفراد، أو مفهوم الحب أو الكره؛ لأن هذا تحليل سطحي، والعلاقة الشخصية لن تؤثر على العلاقات الإستراتيجية التي تحدّدها مجموعة من المؤسسات في الولايات المتحدة على رأسها الكونغرس ولوبيات الضغط المختلفة، علماً أن الانتخابات لم تغيّر كثيراً في موازين القوى في الكونغرس، والمعادلة باقية على ما هي عليه، ولكن مع إمكانية الضغط النفسي الذي سيمارسه أوباما في قضايا تكتيكية وليست إستراتيجية. أما بالنسبة إلى القضية الفلسطينية، فإن التطور الإيجابي الوحيد يتمثل في المرونة التي سيظهرها أوباما الآن بعيداً عن الضغوط الانتخابية، وهذا سيخلق له فرصةً مهمةً للحركة والمناورة، ولكن ليس بعمق كبير. كما أن المؤشرات الأخرى لقوة الرئيس الأميركي الخارجية الجديدة ستكون قائمةً على مدى الإنجازات التي سيحققها داخلياً، بمعنى التحولات الاقتصادية والمالية الإيجابية أو السلبية على المواطن الأميركي، فكلما نجح أوباما في تحقيق أثر إيجابي على القضايا الاقتصادية؛ تصاعدت قوته الخارجية. أما فيما يتعلّق بحل الدولتين، فما زال هذا الحل هو الخيار الأفضل لواشنطن، وهو ما يتطلب مزيداً من الضغط على الإسرائيليين والفلسطينيين للقبول بحلول وسط في القضايا الأساسية. حسب قول الدبلوماسي الأميركي، الذي لا يوضح ماهية هذه الضغوط. بمعنى آخر، فإن المرونة التي توافرت لأوباما الآن لا يمكن أن تؤدي إلى تحولات إستراتيجية تجاه القضية الفلسطينية، علاقة التوتر الشخصية مع نتنياهو لن تساهم في قلب الموازين. السياسة الخارجية الأميركية تجاه الشرق الأوسط تقوم على قضيتين أساسيتين، أولاهما الإرهاب، و"الفوبيا" من الإسلام. وثانيهما، التطورات في الربيع العربي، حيث ما زالت سورية تتصدّر عناوين كثير من وسائل الإعلام الأميركية. بالنسبة إلى الإرهاب وظاهرة الخوف من الإسلام، يبدو أن ما تم بناؤه من صورة نمطية عن الإسلام بعد أحداث الحادي عشر من أيلول هو السائد، وهذه الصورة تشكّلت من خلال ما تنقله وسائل الإعلام من معلومات في هذا الاتجاه، وتراكم المعلومات كان يصب في اتجاه واحد، وهو أن التهديد لأميركا قد يأتي من المسلمين... بل إن الإرهاب أصبح صفةً ملازمةً للمسلمين عند نسبة لا بأس بها من الأميركيين، وبشكل خاص لدى الفئات المحافظة، وأولئك الذين يستقون معلوماتهم من الكنائس والعظات الدينية. قد يكون الحل الأمثل لتغيير هذه الصورة النمطية هو مجموعة من حملات العلاقات العامة طويلة المدى في الولايات الأكثر محافظةً، وهذا يتطلّب تمويلاً وإرادةً سياسيةً، وهما غير متوافرين لدى النظام السياسي العربي، خاصةً الخليجي، الذي يسعى فقط إلى احتواء النخبة وصانعي القرار؛ للحفاظ على الأنظمة دون أي اهتمام يذكر بالبعد الشعبي. أما فيما يخص الربيع العربي، فما زال الشك هو سيد الموقف؛ لأن نتائج هذا الربيع لم تحدث تحولات كبيرة في مفاهيم الدمقرطة أو التعددية والحريات المختلفة بشكل عام، والحاصل هو تغيير في شكل النظام السياسي وليس في النهج. إذن، الامتحان الأول لأوباما تجاه القضية الفلسطينية سيكون في أروقة الجمعية العامة للأمم المتحدة... فهل سنرى سياسة المرونة الجديدة تتحقّق على أرض الواقع، أم أن الوقت لم يحن بعد لهذه السياسة. abnajjarbzu@gmail.com