خبر : وحدة "السرايا" و"القسام" : نواة الجيش النظامي لـ " دولة غزة " ...بقلم : رجب أبو سرية

الجمعة 12 أكتوبر 2012 02:39 م / بتوقيت القدس +2GMT
وحدة "السرايا" و"القسام" : نواة الجيش النظامي لـ " دولة غزة " ...بقلم : رجب أبو سرية



رغم أنها أسقطت، إلا أن مجرد اختراق طائرة الاستطلاع مجهولة الهوية والمصدر للأجواء الإسرائيلية، أثار رد الفعل العسكري الإسرائيلي، والذي ظهر بعض منه على شكل اختراقات أمنية لحدود قطاع غزة، واغتيالات وتصعيد أمني ضد القطاع، بشكل يثير الغرابة والاستغراب. ورغم الأجواء السياسية الهامة، في كل من الولايات المتحدة، التي هي على بعد شهر من إجراء الانتخابات الرئاسية، وإقدام إسرائيل على تبكير موعد الانتخابات لتعزيز فرص اليمين الحاكم للبقاء في السلطة، ما يشير الى نية واضحة لدى إسرائيل والولايات المتحدة حسم عدد من الملفات "المعلقة" في المنطقة، بعد إجراء هذه الانتخابات، اي في العام القادم، لعل أهمها الملفان : الإيراني والفلسطيني. لعبة شد الحبل بين إيران وإسرائيل، في الجانب العسكري، تظهر بين فترة واخرى في مثل هذه المجسات ذات الطابع العسكري، فرغم أن غزة بكل تفاصيلها، من المؤكد أن ليس لها علاقة بطائرة الاستطلاع، الا ان العنف الإسرائيلي ضدها، خلال الأسبوع الذي مضى، يدل على أن إسرائيل توجه رسالة مفادها، ان على غزة أن لا تفكر في أن يكون لها أي دور في حرب، قد تدور رحاها، بعد أشهر مع إيران. المثير للانتباه هو طبيعة الرد الفلسطيني العسكري، الذي جاء من غزة، وجوهره، قصف مشترك، حدث في مرات نادرة، بين مجموعات "سرايا القدس" التابعة للجهاد الإسلامي وكتائب القسام، الجناح العسكري لـ "حماس"، والذي ظهر على انه ليس رداً مشتركاً عابراً أو مؤقت الطابع، حين أُتبع بالإعلان عن تشكيل قيادة عسكرية مشتركة بين القوتين، وأكثر من ذلك، انتقال الحركتين : "الجهاد الإسلامي" و"حماس" الى مستوى التنسيق السياسي، كما أعلن الشيخ أحمد المدلل أحد أهم قيادات "الجهاد الإسلامي" في غزة. الذي لا بد من ملاحظته في هذا السياق، هو أنه يجيء في ظل انسداد أفق المصالحة السياسية الفلسطينية الداخلية، بما يثير التساؤل حول ما تسعى اليه الحركتان : "الجهاد" و"حماس" من مثل هذه الخطوة، وفي هذا الوقت بالذات. من الواضح، أن هذا التنسيق، يجيء في ظل ازدياد شقة التباعد الإستراتيجي بين الحركتين، وفي الجانبين السياسي والعسكري، فإذا كان الجهاد ما زال متمسكا بخيار "المقاومة" فإن "حماس" قد غادرت مربع هذا الخيار بدرجة كبيرة، وهي التزمت باتفاقات تهدئة متتابعة مع إسرائيل، منذ حرب العام 2008 / 2009، أما في الموضوع السياسي، فما زال "الجهاد الإسلامي" ضمن إطار تحالف الممانعة، الذي غادرته "حماس" أيضا، واذا كان هذا التنسيق على خلفية، تصعيد إسرائيلي ضد القطاع، الذي قد يتطور الى اجتياح او حرب، فإن تشكيل قيادة عسكرية أو حتى غرفة عمليات مشتركة بين الحركتين، لم يظهر حتى في الحرب على غزة نهاية العام 2008 أوائل العام 2009 . ما هي أهداف الحركتين من هذا التقارب إذاً ؟ الجواب يبدو انه يشير الى أن " رأس مال " الحركتين السياسي والعسكري، بات محصوراً في القطاع، بعد تزايد احتمالات سقوط النظام السوري، وإذا كانت "حماس" قد وجدت البديل في القاهرة، فإن "الجهاد الإسلامي"، سيكون بين خيارين أحلاهما مر : إما أن تذهب قيادته، بعيداً، اي الى خارج دائرة التأثير والتماس الحدودي مع إسرائيل، اي الى طهران، والتي هي بدورها غير مضمونة، على المدى البعيد، على الأقل، أو الى غزة ! أما "حماس"، والتي تتشبث بغزة، الى حد التفريط بالمصالحة وتعطيلها للإبقاء على سيطرتها على غزة، فإنها، تضمن من خلال كونها قوة أكبر من "الجهاد" : عسكرياً وسياسياً، وأنها القوة التي تسيطر رسمياً على غزة، أن تهيمن على هذا التحالف، وأن تحتوي بذلك "الجهاد"، فتمنعه من القيام بفعل "مغامر" أو يائس بالمعنى السياسي، في حال وجد ظهره في الحائط، فيقوم بإلقاء كل قوته العسكرية ضد إسرائيل، إن كان ردا، على استفزاز إسرائيلي، مثل الذي حدث يوم الأحد الماضي، أو في اطار حرب إقليمية، شركاؤه وحلفاؤه الممانعون طرف فيها. وما دام التنسيق العسكري والسياسي، على المستوى الميداني، داخل قطاع غزة، فإن ذلك يبقي الباب موارباً أمام رمضان شلح ورفاقه في قيادة "الجهاد" بالخارج، للبقاء ضمن دائرة الحلف السياسي الممانع، وتبرير تحالفهم مع "حماس" في غزة، بأنه للحفاظ على قوة "الجهاد" فيها من إقدام إسرائيل على سحقها في اية مناسبة، لكن آثار هذا التحالف على المجتمع الفلسطيني في غزة، تظهر في المستقبل، الذي لن يكون بعيدا، على شكل "أسلمة للمجتمع" على عكس ما كان قد قال به خالد مشعل، قبل أيام في الدوحة، من أن "حماس" لم تقم نظاماً إسلامياً في غزة. ومثل هذا التحالف، الذي يستند الى "التقارب" في الفكر السياسي، على أساس الإسلام السياسي، يعزز من حالة غزة الانفصالية، ومن فرص بقائها " كيانا " مستقلا، ذلك انه يمكن مع مرور الوقت أن تتحول القيادة الموحدة لـ "السرايا" و"القسام" كهيئة أركان جيش غزة، احد مكونات دولة المستقبل، وهو يشبه الى حد ما، ما ظهر في مصر من "تحالف" سياسي مؤقت بين السلفيين والإخوان في الانتخابات الرئاسية بالتحديد. Rajab22@hotmail.com