خبر : د. حيدر عبد الشافي النموذج الذي نفتقده ...بقلم : محسن ابو رمضان

الثلاثاء 25 سبتمبر 2012 01:05 ص / بتوقيت القدس +2GMT
د. حيدر عبد الشافي النموذج الذي نفتقده ...بقلم : محسن ابو رمضان



تمر الذكرى السنوية الخامسة لوفاة القائد الوطني الكبير د. حيدر عبد الشافي ، رمز النزاهة والاستقامة والمصداقية الوطنية ، الأمر الذي يحتم على كل الذين يؤمنون بمبادئه الحريصة على الوحدة الوطنية والديمقراطية تذكرة ليس فقط من باب الوفاء ولكن من منطق إعادة تجديد العهد والقسم الذاتي بالسير على نهجه وقيمه التي اختطها في مسيرة حياته السياسية والاجتماعية .لقد كان حريصاً على الوحدة الوطنية وقد كرس جل وقته في تحقيق الجبهات والائتلافات الوطنية وصولاً للقيادة الوطنية الموحدة ابان الانتفاضة الكبرى ، وكان  بيته بمثابة المظلة التي تحتها تتعايش    وتختلف بصورة ديمقراطية جميع الفاعليات والقوى الوطنية والاسلامية ، مؤمناً بان الوحدة هي الطريق الوحيد القادر على مواجهة الاحتلال وتحدياته ومخططاته المختلفة .عندما حدث الاقتتال الذي قاد للانقسام السياسي والجغرافي الفلسطيني في منتصف حزيران / 2007 كان على فراش المرض ، وعندما سمع بأنباء الاقتتال بكى كثيراً وكان نادراً ما يبكي إلا للشدائد وليس اشد وأكثر مأساوية من الاقتتال الداخلي والانقسام الذي مازلنا نعاني من تبعاته وآثاره السلبية على كل مسيرة حياتنا الوطنية والاجتماعية والاقتصادية والحقوقية.فقد استغل الاحتلال حالة الانقسام للامعان في تنفيذ مخططاته عبر حصار غزة وتهويد القدس والاستمرار في بناء جدار الفصل العنصري وتكثيف الاستيطان وبناء منظومة من المعازل والكنتونات في مخطط واضح يهدف إلى اجهاض مقومات الدولة الفلسطينية المستقلة وتصفية قضية اللاجئين وتقويض الحق في تقرير المصير ، وأصبحت احتمالية زج القطاع بالملعب المصري ، وتحقيق التقاسم الوظيفي بالضفة لإدارة شؤون المعازل مسالة قابلة للتحقيق بما يسدد ضربة قاسية وإستراتيجية لفكرة الدولة المستقلة ذات السيادة.كما انعكس الانقسام بالسلب على حالة الحريات وحقوق الانسان وأبرز اشكالاً من محاولات السيطرة الرسمية على مكونات المجتمع المدني من خلال اغلاق العديد من الجمعيات الأهلية والنقابات التابعة للقوة المنافسة الأخرى وفتح ملف دام اسمه الاعتقال السياسي والاستدعاءات، كما تم تقليص مساحة حرية الحق بالتجمع السلمي والرأي والرأي الآخر ومنعت الصحف من النشر والتوزيع ، وأغلقت الاذاعات المحلية .وفي المجال الاقتصادي استمرت حالات الفقر والبطالة بالارتفاع وبرزت شرائح ناتجة عن الحكم الانقسامي لتحقيق الثروة المستندة إلى السلطة والنفوذ على حساب السواد الأعظم من الفقراء والذين باتوا تحت وطأة الغلاء وصعوبة الحصول على فرصة عمل في ظل سياسة الليبرالية الجديدة المترابطة مع احتكارات ونفوذ بما عمق من الهوة الاجتماعية والطبقية وأخفقت من مقومات الصمود لدى المواطنين الفلسطينيين ، هذا الصمود الذي يحتاج إلى مرتكزي الكرامة والعيش الكريم .لقد أعطا د. حيدر نموذجاً رائداً بالعمل الديمقراطي وقد قام برد الأمانة إلى أصحابها،عندما أدرك قيام السلطة التنفيذية بالسيطرة على السلطة التشريعية، حيث جرى اغلاق ملف الفساد، الأمر الذي ابرز فقدان المجلس التشريعي لأحد مهمات ووظائفه الرئيسية والقائمة على المسائلة والمحاسبة، وقد قام بالاستقامة المسببة في انسجام مع الذات ومع مفهوم العقد الاجتماعي ، عبر العودة إلى المواطنين، بالوقت الذي استمر كل المجلس لمدة عشر سنوات كاملة في تجاوز للولاية الزمنية والتقويض القانوني من قبل المواطنين والمحدد بأربعة سنوات فقط وفق القانون الاساسي.إننا نفتقد لهذا النموذج الديمقراطي بالوقت الذي نرى نزاعاً شرساً حاداً على سلطة الحكم الذاتي بين غزة ورام الله في سبيل الدفاع عن المكتسبات والمصالح الخاصة، مما فتح المجال للاحتلال لتنفيذ مخططاته والاستفراد بالوطن والارض والهوية ، ومما عزز حالة الاحباط  بين المواطنين .إن واحدة من اساسيات الوفاء للدكتور حيدر تكمن بدعوة الحكومتين إلى مغادرة السلطة والاحتكام إلى الشعب، ولعلي من أنصار التركيز على م.ت.ف وليس على السلطة التي فقدت امكانية التحول إلى دولة وأصبحت عبأً على النضال الوطني ، فانتخابات المجلس الوطني لأبناء الضفة والقطاع والشتات الفلسطيني على قاعدة التمثيل النسبي هي المدخل الرئيسي من اجل استعادة مقومات الهوية الوطنية الفلسطينية، التي تعرضت إلى التبديد والتفكيك في ظل نزاع على سلطة موهومة السيادة ، حيث ان انتخابات المجلس الوطني ستعمل على اعادة بناء وتطوير م.ت.ف كممثل شرعي ووحيد لشعبنا وكقيادة موحدة له ، وعبر مشاركة كافة الفاعليات والقوى بمكوناتها وعبر آلية ديمقراطية تشاركية ، وذلك لإدارة دفة الكفاح التحرري في مواجهة الاحتلال والاستيطان والتمييز العنصري وهي واحدة أي القيادة الوطنية الموحدة من الموضوعات التي كان يطالب بها الدكتور حيدر في سنوات الانتفاضة الثانية ، وعبر مسيرته التي تلازمت مع مسيرة الكفاح الوطني.