خبر : المصلحة الاقتصادية تبعد حماس عن المصالحة مع فتح / بقلم: آفي يسسخروف / هآرتس 4/9/2012

الثلاثاء 04 سبتمبر 2012 08:56 م / بتوقيت القدس +2GMT
المصلحة الاقتصادية تبعد حماس عن المصالحة مع فتح / بقلم: آفي يسسخروف / هآرتس 4/9/2012



صباح أمس أقسمت اليمين القانونية في مبنى البرلمان الفلسطيني في غزة حكومة حماس الجديدة، التي يقف على رأسها، مثلما في الماضي، اسماعيل هنية، ولكن مع تغيير بعض وزرائها (ضمن آخرين وزير الصحة الذي تعرض لوابل من الانتقاد في ضوء أداء الجهاز الصحي الغزي). ومجرد أداء حكومة جديدة اليمين القانونية لا يشكل تغييرا حقيقيا، بل تعديلا تجميليا فقط. ويكاد يكون غنيا عن الاشارة الى أنه لن يكون في الحكومة الجديدة رجال فتح، وهذه ايضا رسالة من حماس: المصالحة الفلسطينية لا تبدو في الافق. السلطة الفلسطينية، من جهتها، نقلت رسالة خاصة بها: أمس إبتدأ في الضفة التسجيل للانتخابات المحلية، التي يفترض أن تجرى في 23 تشرين الاول. وهذه ليست المرة الاولى التي تقرر فيها السلطة موعد الانتخابات المحلية. فقبل ستة اشهر فقط تأجل اجراؤها بسبب الاستعداد غير المناسب من جانب السلطة وربما الخوف من خسارة فتح.  ومع ذلك، فمجرد بدء التسجيل، دون أن تشارك حماس في الانتخابات، توجد رسالة من جانب السلطة – المصالحة ستضطر الى الانتظار. هذان الكيانان، الضفة (فتح لاند) وقطاع غزة (حماستان) يواصلان رقصهما الغريب. أحاديث لا نهاية لها عن الحاجة الى الوحدة، صفر افعال او نتائج وواقع يجسد فقط كم واسع الصدع الفلسطيني الداخلي. ولكن، رغم أن المصالحة تبدو الان كخيال مغرق، فان الحكمين، حكم حماس وحكم فتح، ينجحان في الحفاظ على استقرار مثير للانطباع واستثنائي في منطقتنا. لشدة المفارقة، بالذات الضفة وغزة اصبحتا جزيرتي هدوء في داخل عاصفة "الربيع العربي". ومع انه لا توجد ديمقراطية فلسطينية حقيقية في المكانين، ولكن حاليا يبدو الجمهور الفلسطيني على الاقل غير مبالٍ ومهتم اكثر بتحسين أوضاعه الاقتصادية. منذ وقت غير بعيد بدأت تصدر مجلة اقتصادية جديدة Palestine Buisness Focus. في موقعها على الانترنت، تصف المجلة فظاعة الاحتلال الاسرائيلي والحصار الشديد. وفوق الافتتاحية تدور آخر معطيات البورصة الفلسطينية من أسفلها تقارير عن الارتفاع في انتاج الصناعة المحلية ومقابلة مع مدير عام الوطنية "الشركة الخلوية الفلسطينية".  وتلقي هذه التقارير بضوء سخيف جدا على الوصف الذي يظهر في الصفحة الاساس عن "الاحتلال". غير أنه لا ينبغي التأثر الكبير بصدور مجلة اقتصادية في الضفة. ففي نهاية المطاف، شهد الاقتصاد الفلسطيني ابطاء في النمو في الضفة، مع ارتفاع في معدل البطالة وانخفاض في الجداول الاقتصادية المركزة. ومع ان النمو يقدر بنحو 5 في المائة، الا انه في ضوء الازمة المالية الخطيرة التي تشهدها السلطة الفلسطينية، فان هذه المعطيات من شأنها ان تواصل الانخفاض. وبالتوازي، يغلق اقتصاد غزة الفوارق. صحيح أن الناتج القومي الخام في الضفة ضعفه في غزة ومعدل البطالة اكبر (28.4 في المائة في غزة مقابل 17.1 في المائة في الضفة في الربع الثاني من العام 2012)، الا انه بينما يظهر الوضع في القطاع مؤشرات تحسن، تمر الضفة بعملية معاكسة. الفروع الجديدة لـ Pizza Hut  و KFC في شارع الارسال في رام الله، يمكن أن تضلل ولا تعرض الصورة الاكثر تعقيدا، مثل معدل البطالة في اوساط الشباب المتعلمين. كما أن المشاريع الاقتصادية التي يفترض بالاسرة الدولية أن تحثها في أرجاء الضفة عالقة ومن الصعب ملاحظة مستثمرين خاصين في الافق. في غزة الوضع الاقتصادي بعيد عن أن يكون افضل، ولكنه بالتأكيد يظهر مؤشرات مشجعة. فالحصار الاقتصادي لم يعد قائما، والنشاط في الانفاق يجري، مرة اخرى بلا عراقيل تقريبا وليس هناك عمليا نقص في المنتجات أو البضائع. وغير قليل من السكان في القطاع يبدون مع ذلك قلقين، بالذات في ضوء النقص في عمال البناء. فغزة تشهد زخما عقاريا، وفي أرجاء القطاع ظهرت في السنتين الاخيرتين عشرات المباني من 12 – 13 طابقا. المشكلة في أنه لا يوجد ما يكفي من الايدي العاملة، في هذا الفرع، ضمن امور اخرى كون الكثير من عمال البناء وجدوا وظائف جديدة (كالموظفين الحكوميين) في تلك السنوات التي لم يكن فيها ممكنا البناء في غزة (بسبب النقص في مواد البناء). حاولت حكومة حماس مواجهة النقص من خلال التأهيل المركز لعمال البناء، ولكن حتى هذه الدورات لم تحل أزمة عمال البناء. ينبغي القول ان قيادة حماس قد تكون تتحدث عن المصالحة، ولكنها تبدو راضية بما يكفي للحفاظ على الوضع الحالي: الفارق بين الضفة وغزة يغلق رويدا رويدا، قطر تقترح عليها تبرعات بنحو ربع مليار دولار ويبدو أن العلاقات مع مصر، حتى بعد العملية في سيناء، تلعب في صالح حماس وليس في صالح فتح. الواقع الذي خلقته حماس على الارض، المداخيل الهائلة من الضرائب على البضائع في الانفاق، عدم دفع الحكومة فواتير الكهرباء، الى جانب حقيقة أن السلطة تواصل بشكل مشوه الحرص على رفاهية غزة (دفع رواتب لنحو 60 ألف موظف سلطة سابق يسكنون في غزة وعمليا يجلسون في بيوتهم دون عمل شيء) تعزز فقط أكثر فأكثر رغبة المنظمة في الحفاظ على الانقسام. بتعبير آخر، المصالحة الوطنية معناها من ناحية حماس خسارة مئات ملايين الدولارات في السنة It’s the economy stupid. قال الشعار الانتخابي لبيل كلينتون في 1992، ويبدو أنه كان محقا.