خبر : ملاحظات عامة حول مبادرة السراج ..م. عماد عبد الحميد الفالوجي

الخميس 23 أغسطس 2012 03:55 م / بتوقيت القدس +2GMT
ملاحظات عامة حول مبادرة السراج  ..م. عماد عبد الحميد الفالوجي



 قدم الدكتور إياد السراج قبل أيام مبادرة عامة طرح خلالها عدد من الأفكار حول تعزيز المصالحة الفلسطينية والخروج من حالة الجمود الحالي سواء على مستوى المصالحة الداخلية أو العملية السياسية ويرى الدكتور السراج أنه لا يمكن الفصل بين أطراف المعادلة الرئيسيين وهم طرفي الانقسام ( فتح وحماس ) ومصر وإسرائيل ، ولذلك لابد من تقديم أفكار متكاملة ومترابطة دون تجاهل طرف دون الآخر وهذا يستدعي الاعتراف بالواقع الصعب والمعقد كما هو في واقع  الحال وليس كما يتمناه الكثيرون أن يكون ، ولاشك أن هذا الطرح بهذه الألية يحتاج الى شجاعة وقوة طرح لإقناع المتخوفين منه وليس المعارضين فقط ، وكذلك يحتاج هذا الطرح الى قوة تحمل الناقدين والمتشككين لأن الأصل في ساحتنا الفلسطينية هو الشك في كل فكرة أو مبادرة وعليه يجب أن لا نتعامل مع أنفسنا بقسوة عندما نختلف ولكن يجب ترجمة الخلاف الى قوة تنتج الإبداع الفكري بهدف الخروج من الجمود الحالي . وهنا أسجل بعض الملاحظات للمساهمة في إثراء النقاش حول ما طرحه الدكتور السراج وقد أبتعد كثيرا في البداية عن الغوص في قلب الأفكار المطروحة والاقتراب أكثر من الإطار العام للفكرة ومنها / -        هل هذا هو الوقت السليم لطرح هذه المبادرة خاصة بعد جملة التوافقات التي نجح الحوار الفلسطيني في تحقيقها ؟ وأنا أدرك أن الدكتور السراج بحكم موقعه ومتابعاته المتواصلة حول حوارات المصالحة التي تمت طوال السنتين الماضيتين قد تم التوصل الى جملة من التفاهمات والاتفاقات لتحقيق المصالحة وتم الاتفاق على الكثير من القضايا الخلافية بين طرفي الانقسام سواء ما يتعلق بتشكيل الحكومة أو الملف الأمني وتحقيق المصالحة المجتمعية والانتخابات الرئاسية والتشريعية وغيرها من القضايا العالقة ، والأصل من كل المتابعين سواء المثقفين أو قادة المجتمع المدني والفصائل الفلسطينية الأخرى أن يوحدوا جهودهم في جبهة عريضة واحدة لخلق جسم ضاغط على طرفي الانقسام لتنفيذ كل ما تم التوافق حوله ، وإذا كان لابد من مبادرات وأفكار فيجب في هذه المرحلة أن لا تخرج عن تحقيق هذه المهمة وليس دفعنا للخلف وابتكار أفكار جديدة تحتاج الى حوار جديد وكأنها تعيدنا للمربع الأول وقد يكون هذا سيحملنا جهدا ووقتا أكثر وأعقد من حوارات المصالحة القائمة . -        الأفكار التي طرحها الدكتور السراج ليس عليها اتفاق أصلا ولا توجد لها أرضية قوية يمكن الوقوف عليها لأنها خلطت المصالحة الفلسطينية بالبرنامج السياسي وهو عقدة المصالحة الأساسية فإذا كانت حماس توافق على مبدأ الهدنة كونه يعفيها من قضية الاعتراف بالكيان الإسرائيلي وقد تقبل بإعلان الحكومة انطلاقا من قطاع غزة وتحويل مؤسسات السلطة في غزة الى مؤسسات الدولة ولكنها في نفس الوقت قد لا تقبل بالقبول بالحل السياسي المطروح والمتعلق بسلام شامل فلسطيني عربي مستندا للمبادرة العربية وقد لا تقبل التخلي – حتى ولو لفظا – عن حقها في المقاومة بكافة أشكالها بما فيها العسكرية ، أما حركة فتح فقد لاتقبل بقضية إعلان تشكيل الحكومة من قطاع غزة وتجاهل مكانة الضفة الغربية والقدس تحت أي عنوان أو مسمى وكذلك قد لاتقبل فتح أن تكون تحت وصاية وحماية حماس في غزة بحكم سيطرة حماس الكاملة على قطاع غزة ، وقد لا يقبل الطرفان معا تجاهل المبادرة لأي إشارة عن اللاجئين وقضيتهم ، أما الكيان الإسرائيلي فلا أحد يستطيع المراهنة على الموقف الإسرائيلي من هذه الأفكار التي تمنح الكيان الإسرائيلي بعض الامتيازات خاصة ما يتعلق بالقدس والضفة الغربية والهروب تجاه مصر وهذه جزء من السياسة الإسرائيلية القديمة الجديدة وتصب في خانة تبادل الأراضي بين الضفة الغربية وقطاع غزة . -        الوضع الحالي في مصر لا يسمح بطرح مثل هذه الأفكار بسبب الظروف الصعبة والمعقدة التي تعيشها مصر وأخشى أن تستغل بعض الأطراف الدولية أوضاع مصر الصعبة لابتزاز مواقف سياسية وتمرير سياسات رفضناها طوال عقود مضت . -        بالرغم من كل التخوفات الأساسية التي تم ذكرها على عجالة إلا أن هذا لا يمنع شخصية بمكانة الصديق الدكتور إياد السراج من تقديم أفكار غنية ومناقشتها ولكن كنت أتمنى لو قام الدكتور السراج بعقد لقاءات متعددة مع عدد من المثقفين والمفكرين لتبادل الأفكار حول تلك المبادرة قبل نشرها لتخرج باسم قطاع عريض من المفكرين بدلا من مبادرة شخصية . -        نحن بحاجة الى مبادرات تلم شمل المثقفين أصحاب الرأي العام الفلسطيني خارج نطاق طرفي الانقسام لطرح أفكار تحمل قناعاتهم وتضع خطط ممكن تنفيذها لخلق تيار ضاغط لتنفيذ ما تم التوافق عليه وهذه هي الأولوية القصوى المطلوب العمل عليها ولعل الدكتور السراج لديه القدرة على فعل ذلك لو أراد .