خبر : يراهنون على الحبل / بقلم: شموئيل روزنر / معاريف 16/8/2012

الخميس 16 أغسطس 2012 03:51 م / بتوقيت القدس +2GMT
يراهنون على الحبل / بقلم: شموئيل روزنر / معاريف 16/8/2012



  ها هو سؤال لم يصدر له بعد جواب شامل: ما الذي اتفقت عليه وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون مع السعوديين في زيارتها لدى الملك عبدالله في نهاية شهر آذار؟             "تحدثوا عن الحفاظ على توريد النفط في مستوى عالٍ في هذه الفترة"، هكذا وافق مرافقو كلينتون الامريكيون على أن يرووا. ولكن هذا مجرد طرف واحد من القصة: ما أراده الامريكيون وحصلوا عليه. لن نعرف أبدا ماذا طلب السعوديون مقابل سخائهم في الحفاظ على سوق النفط في مستوى أسعار معقول، لم يرووا بماذا وعدت كلينتون السعوديين بالنسبة للمسألة التي تقلقهم بقدر لا يقل عما يقلق اسرائيل – السباق الايراني نحو القنبلة. الواضح هو أن مستوى ثقة السعوديين بتصميم الامريكيين على وقف السباق النووي ليس عاليا على نحو خاص، بل هناك من يقول انه أدنى من المستوى في القدس.             أمس انفض في مكة مؤتمر منظمة التعاون الاسلامي، الذي شارك فيه ايضا الرئيس الايراني الى جانب الملك السعودي. البادرات الطيبة كانت حميمة، التوترات بقيت على حالها: فليس النووي وحده يؤكد الفارق بين الجانبين، بل ايضا الوضع المتدهور في سوريا. في ظهوره اول امس الى جانب وزير الدفاع – هذا هو الظهور الذي أحدث عناوين رئيسة في اسرائيل ايضا – قضى رئيس الاركان الامريكي، الجنرال مارتن دمبسي بان التواجد الايراني في سوريا يتعاظم. وأكثر بكثير من ادعائه المعروف منذ زمن بعيد بان اسرائيل وحدها لا يمكنها ان تصفي البرنامج النووي الايراني، فان اقواله هذه توجه اصبع تهديد نحو طهران.             على أن اسرائيل يمكنها أن "تعيق" ولكن ليس أن "تدمر" البرنامج النووي الايراني، لا يوجد جدال، لا في واشنطن ولا في القدس. كما أن عملية امريكية قوتها التدميرية أكبر بكثير ليست سوى وصفة لـ "الإعاقة"، إلى ان يحاول الايرانيون من جديد ويصطدموا مرة اخرى باستخدام القوة، أو إلى أن يصحوا ويتنازلوا عن مواصلة التطوير، أو إلى أن يستبدل النظام. وعليه فان كل ما تفعله اسرائيل الان ليس سوى خطوة غايتها خلق دور أمريكي في تنفيذ المعركة المستمرة المطلوبة لمنع ايران من مواصلة التطوير النووي. وكل جدال يدور بين مؤيدي ومعارضي خطوة اسرائيلية عنيفة ليس سوى جدال تكتيكي عن اختيار الحبل الذي سيجر الامريكيين الى هذه المعركة.             في إحدى الزوايا يوجد من يعتقد بأن فقط أزمة حادة، أي حرب متدحرجة، ستجبر الامريكيين على التدخل – سواء لحماية اسرائيل كما يطالب الناخبون، ام لوقف خطوة رد ايرانية ضد الامريكيين أنفسهم. في الزاوية الثانية يقف من يعتقد بان الرئيس اوباما ينضج عملية، سيأتي موعدها بعد الانتخابات أو كرئيس اعيد انتخابه ولا يعود متعلقا بناخبيه، أو كرئيس في اشهر ولايته الاخيرة يدير، بالتنسيق مع خصمه المنتصر في الانتخابات ميت رومني، ضربة أمريكية في الخليج.             في خطوة تجبر الامريكيين على التدخل يكمن بالطبع خطر: القوى العظمى لا تسارع الى الانجرار وراء ذيلها، ومواطنوها من شأنهم أن يغيروا ذوقهم الكفاحي الان ضد ايران، اذا تبين بان الثمن بالمال وبالدم أعلى مما خططوا له. وفي خطوة تقوم على العناق والثقة أيضا يكمن بالطبع خطر: نضج اوباما اليوم لا يلزمه غدا، تعهد المرشح رومني لا يضمن تنفيذ الرئيس رومني – على وزن ما يُرى من هنا لا يُرى من هناك. وعلى أي حال يمكن أن نفهم بالذات من أقوال الجنرال دمبسي عن سوريا اختبارا صغيرا للنوايا: اذا كان الامريكيون بالفعل يعتزمون الاشارة الى ايران عن جديتهم في مسألة النووي وعن امكانية أن يعملوا بالقوة ايضا كي يوقفوا المشروع، فإن بوسعهم أن يحصروا الاشارة الاولى بالساحة السورية. صد محلي عنيف من هذا النوع سيحقق لهم منفعة ثلاثية: المساعدة في سقوط النظام السوري، الايضاح للايرانيين بان المواجهة العنيفة هي خط مستعدة واشنطن لاجتيازه أمامهم اذا ثارت الحاجة الى ذلك والايضاح لاسرائيل بان الادارة بالفعل تنضج خطوة تعفي من الحاجة الى عملية اسرائيلية قريبة.