خبر : الهدوء ما بعد التسليم / بقلم: الوف بن / هآرتس 13/8/2012

الإثنين 13 أغسطس 2012 05:37 م / بتوقيت القدس +2GMT
الهدوء ما بعد التسليم / بقلم: الوف بن / هآرتس 13/8/2012



يهدد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع اهود باراك بمهاجمة ايران، والعالم لا يتأثر. اسرائيل تحذر من ان وجهتها نحو الحرب، التي سترفع اسعار النفط وتسفر عن القتل والدمار الهائلين، والعالم لا يفعل شيء لمنع المصيبة. لا اجتماعات طواريء لمجلس الامن، لا بعثات دبلوماسية دراماتيكية، لا بث حي ومباشر في الـ "سي.ان.ان" و"الجزيرة" ولا حتى حراكات حادة في اسعار النفط والغاز. ولا في التصنيف الائتماني لاسرائيل ايضا. هدوء في الجبهة. كما ان التهديدات الايرانية المضادة بضرب اسرائيل لا تحرك ساكنا لأحد. ماذا يحصل هنا؟ كل المؤشرات تدل على ان "الأسرة الدولية"، أي القوى العظمى الغربية والولايات المتحدة على رأسها، سلمت بمبادرة الحرب الاسرائيلية – والآن تدفع نتنياهو الى الوقوف عند كلمته ويطلق طائرات القصف الى مقاصدها في ايران. بتعابير اقتصادية، السوق ثمن منذ الآن سعر الهجوم الاسرائيلي في تقديرات مخاطره، وهو ينتظر. لقد خلقت الأسرة الدولية الظروف المثالية لعملية اسرائيلية ضد ايران. فقد كفت عن ازعاج نتنياهو في شؤون الاحتلال، المستوطنات والدولة الفلسطينية، مما يتيح له التركيز على اعداد الجيش والرأي العام الاسرائيلي للحرب في ايران. "محادثات النووي" التي أجرتها القوى العظمى مع ايران كانت قدوة للعجز الدبلوماسي. فالعقوبات لم توقف المشروع النووي، بل لعلها أسفرت عن تسريعه، ولكنها كفيلة بأن تثقل على ايران في ادارة حرب طويلة ضد اسرائيل. اوباما يُعد المعارض الأكثر حدة لهجوم اسرائيلي في ايران. ولكن افعاله تقول عكس ذلك. اوباما مرة اخرى "زعيم من الخلف"، مثلما فعل في ليبيا وفي سوريا. هذه عقيدته: بدلا من توريط امريكا في حرب شرق اوسطية جديدة، فانه ينقل القتال الى مصدر خارجي. في ليبيا الى الفرنسيين، البريطانيين والثوار ضد القذافي؛ في سوريا الى الجيش السوري الحر؛ وفي ايران الى الجيش الاسرائيلي. اذا هاجمت اسرائيل، فان الطائرات والسلاح الذي ستستخدمه ستكون من صنع الولايات المتحدة الامريكية. الاخطار المبكر بسقوط صواريخ ستتلقاه قيادة الجبهة الداخلية من الرادار الامريكي في النقب. كما ان الدعم الاقتصادي والسياسي في اليوم التالي للهجوم سيأتيان على حل حال من واشنطن. الموقف العلني للادارة الامريكية غامض. كبار مسؤوليها يتحدثون عن "وحدة الأسرة الدولية" و"عقوبات شديدة"، ويضيفون "لن نسمح لايران بتطوير سلاح نووي، وسنستخدم كل الخيارات" (من تصريحات وزير الدفاع ليون بانيتا، في زيارته الى اسرائيل في الاسبوع الماضي). لا يوجد هنا تحذير من هجوم اسرائيلي. لا يوجد "اذا هاجمتم بأنفسكم، ستُعرضون للخطر علاقات اسرائيل مع الولايات المتحدة". اوباما كان أكثر حزما بكثير عندما طالب نتنياهو بتجميد الاستيطان، الذي لا علاقة له برفاه الامريكيين. والآن، عندما يكون مصير الاستقرار الاقليمي والاقتصاد العالمي على الكفة، تكتفي الادارة بطلب واهن بانتظار اسرائيلي. للوهن الامريكي يوجد تفسير: الحملة للانتخابات الرئاسية، والتي يحتاج فيها اوباما الى دعم الجالية اليهودية. من هنا امتناعه عن المواجهة الدبلوماسية مع رئيس وزراء اسرائيل. وحسب هذا التفسير، فان اوباما ملزم بالسير على الخط مع خصمه الجمهوري ميت رومني، الذي جاء لتلتقط له الصور الى جانب نتنياهو في القدس. الرئيس يمقت نتنياهو، ولكنه ملزم بأن يبقي مشاعره في الجارور الى ما بعد الانتخابات في تشرين الثاني. وهذا هو أحد الاسباب التي تجعل نتنياهو وباراك يريدان الهجوم في الاسابيع القريبة القادمة، فيما يكون اوباما ملزما بدعم اسرائيل بسبب اضطراراته السياسية الداخلية. ولكن حتى لو كان اوباما مكبلا بالحملة، فان اضطراراته لا تلزم نظرائه الاوروبيين. ميركل، كامرون واولاند ينفرون من نتنياهو بالضبط مثل اوباما، ومع ذلك، فان الاوروبيين صامتون. في ولاية نتنياهو السابقة، زار زعماء اوروبا البلاد بتواتر للاحتجاج على الجمود في المسيرة السياسية وتوسع الاستيطان. والآن؟ الضيفان الأهم اللذان زارا القدس في الاسبوعين الاخيرين كانا وزير الخارجية الاسترالي ورئيس وزراء تونغا. دولتان صديقتان، ولكنهما عديمتا التأثير. للامريكيين والاوروبيين يصعب عرض موقف يفسر كدفاع عن النووي الايراني من عملية اسرائيلية. ولكن يمكنهم ان يُظهروا نشاطا دبلوماسيا، فيُغرقوا اسرائيل وايران بالزيارات، وامتناعهم يفيد بأنهم يشجعون بالصمت نتنياهو على الهجوم. فهل ربما ببساطة يعتقدون بأن نتنياهو يخدع، ومثلما لم يصدقوا تصريحاته عن الدولة الفلسطينية، يعتقدون بأن أحاديثه الحربية ايضا هي أحبولة فارغة؟ هل استخفافهم برئيس الوزراء يستحق المخاطرة في ان يفي نتنياهو بكلمته فيهاجم؟.