خبر : في الطريق الى ايران، نتوقف في سوريا / بقلم: سارة ليفوفتش - دار / معاريف 27/7/2012

الجمعة 27 يوليو 2012 03:42 م / بتوقيت القدس +2GMT
في الطريق الى ايران، نتوقف في سوريا / بقلم: سارة ليفوفتش - دار / معاريف 27/7/2012



"أتذكر مدينة القنيطرة السورية وكأني ولدت فيها"، يقول أفيغدور بن غال، قائد المنطقة الشمالية الاسبق، قائد اللواء 7 الذي قاتل في هضبة الجولان في حرب يوم الغفران، وكان آخر جندي غادر الجيب السوري في هضبة الجولان في أعقب تسويات وقف النار. "صعدت مع ضابط آخر الى البيت الاعلى في القنيطرة كي أودع سوريا"، يتذكر ويضيف "فجأة سمعت صرخات جنود دعوني الى النزول. البيت مفخخ، صرخوا. نحن سنفجره. قلت لهم دعوني أودع سوريا بهدوء، نظرت حولي، الى هضبة الجولان  والى سوريا، نزلت من البيت ودخلت آخر جيب ترك مدين القنيطرة". أربعة قادة سابقين للمنطقة الشمالية، افيغدور بن غال، اوري اور، يوسي بيلد وعميرام لفين، يتابعون هذه الايام ما يجري في سوريا. وهم يعرفون الجبهة جيدا. ولجميعهم ذكريات من هضبة الجولان. اوري أور يتذكر جيدا الجنرال حسن تركماني، وزير الدفاع السوري السابق، الذي قتل الاسبوع الماضي وقاد في حرب يوم الغفران فرقة مدرعة في هضبة الجولان. "قاتلت ضده وانتصرت عليه. فقد نجح في ان يصل حتى نفح ولكننا في النهاية انتصرنا". حتى اليوم، بعد سنوات من تركه الجبهة، يصل اور الى هضبة الجولان كي يحاضر أمام ضباط كبار. "عندما يذكر اسم مكان في المنطقة، أعرف أين هو. اما بيلد فلم ينسى القنيطرة التي "كانت مدينة خراب بعد الحرب"، وبن غال يقول "اعرف هضبة الجولان ككفة يدي". الحدود السورية التي كانت تعتبر حتى وقت أخير مضى الاهدأ بين حدود اسرائيل تسخن وتقترب من نقطة الغليان. وأنفاس حكم الاسد والمعارك التي تدور رحاها في أرجاء سوريا تشعل اضواء تحذير في هيئة الاركان الاسرائيلية. عن تسلم مخربين يجري حديث قليل، والعيون تتطلع الى مخزونات السلاح الكيماوي الهائلة ومنظومات السلاح المتطورة، التي تعتبر محطمة للتوازن اذا ما وصلت الى حضن نصرالله ومنظمة حزب الله الارهابية. هذا الاسبوع هددت سوريا بان تستخدم السلاح الكيماوي اذا تعرضت للهجوم، ولكن في نفس الوقت سارعت الى استدراك بيانها. "السلاح الكيماوي سيوجه ضد العدوان الاجنبي وليس ضد المواطنين السوريين"، قال الناطق بلسان وزارة الخارجية السورية، جهاد مقدسي. وأعرب رئيس الدولة شمعون بيرس عن قلقه من نقل السلاح الكيماوي الى حزب الله، مما يعرض اسرائيل والغرب للخطر، وأعرب عن تهديد لا لبس فيه في أن اسرائيل لن تتردد في الهجوم اذا ما تحرك السلاح. الرئيس الامريكي براك اوباما حذر هو الاخر الاسد من مغبة استخدام السلاح الكيماوي. تهديد خطير للغاية             "أخرى ان تكون اسرائيل تعيش مشكلة جد معقدة"، يقول بن غال. "لو كنت اليوم قائد المنطقة الشمالية لتابعت استخباريا ما يجري لمنظومات السلاح الكيماوي لدى الاسد، ولاجريت تقويمات للوضع حول من يسيطر على المخزونات. اليوم كل السلاح الكيماوي يوجد في يد الجيش السوري. الثوار لم يسيطروا عليه بعد. من ناحيتنا السلاح الكيماوي هو تهديد خطير على دولة اسرائيل. تصوري حرب لبنان الثانية بينما لدى حزب الله امكانية اطلاق سلاح كيماوي على اسرائيل بالصواريخ. سلاح كهذا بيد عدو مسلم غير عقلاني، على حدود دولة اسرائيل، لا يعود ضحكا، وكأن للايرانيين قنبلة ذرية منذ الان. المتابعة الاستخبارية ستسمح لنا بان نعرف ما يحصل لهذا السلاح ونرد عند الحاجة إما بهجوم جوي او بهجوم بري أو بكليهما".             متى تكون لحظة الحاجة؟             " سنهاجم اذا ما خرج السلاح الكيماوي عن سيطرة الحكم السوري وقوافل السلاح بدأت تنتقل الى لبنان. اذا وصل هذا السلاح الى حزب الله أو الى لبنان، فسنكون على فوهة بركان. الولايات المتحدة والاردن ايضا قلقان بالضبط مثلنا ويخافان من ان يصل سلاح الرئيس الاسد الكيماوي الى حزب الله أو الى القاعدة. آمل أن ننجح في تعطيل استخدام السلاح الكيماوي قبل أن يهاجم احد ما آخر في المنطقة بهذا السلاح".             ويشرح اوري اور بانه منذ الازل كان للجيش السوري سلاح كيماوي. "السلاح الكيماوي هو السلاح غير التقليدي الاسهل على التطوير. اذا لم تكن الرقابة على هذا السلاح وثيقة، فثمة خوف من أن يسيطر حزب الله عليه، ولكن ما كنت سأقلق اكثر مما ينبغي، لان حزب الله لن يقاتل ضد اسرائيل حسب ما يجري في سوريا الان. لديهم جدول أعمالهم".             "علينا ان نحرص على الا يصل السلاح الكيماوي الى الايادي غير الصحيحة"، يقول يوسي بيلد. "نحن لا نعتزم التعايش مع تهديد السلاح الكيماوي ولن نعيش في ظله".             اما عميرام لفين فأقل قلقا. "الخوف من السلاح الكيماوي كان موجودا دوما، ولكن حزب الله لا يريد هذا السلاح على الاطلاق، فليس مجديا له الانشغال بسلاح كيماوي وبالتأكيد اطلاق سلاح كيماوي نحو اسرائيل. نحن لسنا عدو حزب الله، هدف حزب الله هو مساعدة الطائفة الشيعية في لبنان وليس القتال ضد اسرائيل. ارتكبنا خطأ حين طرحنا موضوع السلاح الكيماوي لدى الاسد على جدول الاعمال. ساعدنا الاسد على ابراز قدراته حيال الثوار فقط لاننا تدخلنا واطلقنا التصريحات حول السلاح الكيماوي. في هذه المواضيع يجب القعود هادئين.             هل يمكن القعود هادئين حين ينشأ الى جانب التهديد الايراني التهديد بسلاح كيماوي من جهة سوريا ايضا؟             لفين: "لا يمكن الرقص على كل شيء. علينا أن نقرر ما هو الافضل لنا، سوريا قوية مع سلاح من كل الانواع أم سوريا ضعيفة ولكن يسيطر عليها في المستقبل السنة الاقل ارتباطا بايران من الاسد والعلويين، اعتقد أن ايران ليست خطيرة على اسرائيل. يجري تضخيم التهديد الايراني لحجوم غير معقولة. اذا اصبحت ايران دولة نووية فستكون خطيرة على دول الخليج، قطر، السعودية، الكويت، الدول المتعلقة بالنفط في الخليج، ولكن ليس على اسرائيل".             أما بيلد فيحرص على الفصل بين جبهة ايران والجبهة السورية. "ايران وسوريا هما موضوعان مختلفان"، يشرح ويضيف "عندما كان الحكم السوري مستقرا  كان هناك محور ضم سوريا، حزب الله وايران. اما اليوم فايران وسوريا هما موضوعان مختلفان. اذا تحولت سوريا الى أرض سائبة، فهذا لن يعمل في صالحنا. ولكن هذا يمكن أن يضعف محور الشر الثلاثي. في كل الاحوال علينا أن نتصدى لمشكلتين مختلفتين، سوريا وايران".             ويعتقد بن غال بان دولة اسرائيل علقت في مشكلة سلم اولويات. "نحن نركز كل الوقت على ايران، وفجأة نشأ تهديد من الجهة السورية لم نأخذه بالحسبان. في هذه المعادلة يوجد مجهولان. نحن لا يمكننا أن نتعايش مع تهديد سلاح نووي ايراني، ونحن ايضا لا يمكننا أن نتعايش مع سلاح كيماوي لدى حزب الله. يتعين علينا ان نرد حسب التطورات".             ما هو الاخطر علينا في هذه المرحلة؟             "في هذه اللحظة ايران أخطر، ولكن اذا انهار نظام الاسد وفقد السيطرة على السلاح الكيماوي، فستكون هذه المشكلة رقم 1 عندنا، وان كان يمكن أن يكون وضع تثور فيه المشكلتان بالتوازي. دولة اسرائيل توجد الان في وضع مركب ومعقد لم نشهد له مثيل لسنوات عديدة. ايران نووية، سوريا في حالة انهيار، مستقبل الاردن غير واضح. نحن نوجد في ضباب معركة جد مركبة ومعقدة، وليست بسيطة على الحل".             وهل يوجد حل؟             "آمل أن تفهم الولايات المتحدة والناتو هذه التعقيدات التي هي عموم اقليمية. أتوقع من السعوديين أن يعقدوا الجامعة العربية ليقرروا فرض النظام عسكريا أو سياسيا في سوريا. تنشأ هنا مشكلة حادة، وأنا لا أفهم لماذا لا تأخذ دول الخليج القيادة على ما يجري".   هذه ليست مشكلتنا             لكل الاربعة كما أسلفنا ماضٍ ثري في هضبة الجولان. افيغدور (يانوش)، بن غال قاتل في حرب يوم الغفران بصفته قائد اللواء 7 وكان قائد المنطقة الوسطى بين 1977 و 1981، وقائد فرقة غاعش في هضبة الجولان في حرب لبنان الاولى. في مهرجان انتخابي في العام 1981 دعا مناحيم بيغن الذي كان رئيس الوزراء الاسد الاب الى اخذ جانب الحذر. يانوش ورفول مستعدان، قال بيغن وجعل بن غال مقاتلا اسطوريا لمنطقة الشمال. اوري اور كان قائد لواء مدرعات في الاحتياط قاتل في حرب يوم الغفران في هضبة الجولان، كان قائد اللواء 7 وقائد فرقة غاعش وقائد المنطقة الشمالية بين 1983 – 1986. يوسي بيلد قاتل في حرب يوم الغفران في هضبة الجولان كقائد لواء المدرعات في الاحتياط وكان قائد المنطقة الشمالية بين 1986 – 1991. عميران لفين كان قائد سييرت متكال التي احتلت مع وحدة متسلقي الجبال قمة جبل الشيخ في نيسان 1974، كان رئيس اركان قيادة المنطقة الشمالية، قائد الفيلق الشمالي وقائد المنطقة الشمالية بين 1994 – 1998.             السنوات الطويلة التي قضوها في قيادة المنطقة  الشمالية والقتال في هضبة الجولان تتركهم غير مبالين من المعارك التي دارت في الاونة الاخيرة في المنطقة السورية من هضبة الجولان. في شهر اذار قتل ثمانية جنود من جيش الاسد وسبعة فارين من الجيش في معارك القنيطرة، على مسافة كيلو مترين من الحدود مع اسرائيل. في بداية الاسبوع عادت لتدور رحى معارك في قرية جبتة الخشاب التي تقع على مسافة كيلو متر من الحدود، وأحد الصواريخ التي اطلقت على القرية سقطت في المنطقة المجردة من السلاح بين اسرائيل وسوريا. بن غال يقول انه "لا ينفعل اكثر مما ينبغي من الرصاص في القنيطرة. فلتعالج الامم المتحدة الامر. هذه ليست مشكلتنا. النار تقترب منا ولكن ليس بنية مبيتة. في حرب يوم الغفران كان الجولان شبه فارغ، أما اليوم فيوجد الكثير من البلدات والقرى، وهي ايضا تقاتل ضد الاسد. الجيش يرد في محاولة لتطهير مناطق الثوار. يحتمل أن تقع صدفة قذيفة في اسرائيل، ولكن لا يجب الدخول في حالة فزع، ليست لديهم نية في توجيه النار نحونا.             يوسي بيلد أقل هدوء بكثير. "نحن لا نعرف ما سيحصل في هضبة الجولان، يحتمل بالتأكيد أن تكون هضبة الجولان مثل سيناء، والهدوء قد يتغير. هذا ليس أمرا من السماء. اذا ما تفتتت الامور في سوريا، فستصبح هضبة الجولان مثل سيناء، وذلك لان سوريا ليست دولة منسجمة".             هل النار السورية قرب الحدود مع اسرائيل تقلقك؟             "المعنى من ناحيتنا هو أن علينا أن نكون جد جد يقظين، والا نتفاجأ ولكن الا نتدخل ايضا. لا يمكننا أن نرفض مساعدة اللاجئين السوريين الذين يقتربون من الحدود السورية. ولكن من الافضل الا نفعل شيئا".             عميرام لفين يأمل أن "يكون لنا ما يكفي من العقل كي نتجلد على ما يجري على الحدود"، واوري اور يقول انه لو كان قائد المنطقة الشمالية "لشددت الرقابة. وبقيت يقظا فلعل احدا ما لا يعرف الى أين يطلق النار فيطلق النار علينا، أو تحاول منظمة ما استغلال الوضع، ولكن بالاجمال ليس لنا ما يدعونا الى أن نكون قلقين، في هذه اللحظة ليس لدى احد مصلحة في تسخين الحدود مع اسرائيل. الطائفة العلوية تقاتل في سبيل حياتها وليس لها مصلحة في مهاجمة اسرائيل وليس للثوار مصلحة ووسائل لمهاجمة اسرائيل. لا احد في سوريا يمكنه او قادر على القتال ضدنا. في الاردن في السبعينيات كانت معارك داخلية شديدة وهذا لم يصل الى دولة اسرائيل. صحيح أنه قبل بضعة ايام وقع حدث في احدى القرى في هضبة الجولان السورية وسقطت قذائف في الارض الحرام. وأنا بالذات عجبت كيف بقيت هذه هادئة حتى الان. لم تكن هناك معارك بين الثوار وبين الاسد، لان في سوريا الاضطراب كبير ومعظم البلدات في هضبة الجولان السورية صغيرة وعديمة التأثير.             اليوم التالي             الجدالات الداخلية بين الجنرالات الاربعة تتعلق ايضا بمستقبل نظام الاسد. بن غال يوده ان يرى بشار الاسد في الحكم لسنوات طويلة اخرى. "انا مبدئيا مع الا يسقط الاسد. عشنا بتعايش وبنوع من السلاح حتى مع ابيه، حافظ الاسد، ومعه أيضا. نحن لا يمكننا أن نعرف ماذا سيحصل اذا ما سقط الاسد. سوريا قد تتحول الى لبنان ثانٍ. نحن لا نعرف كيف نتعايش بسلام مع الشعوب العربية ولكننا نعرف كيف نتعايش بسلام مع الزعماء العرب، نحن نعرف كيف نتدبر امورنا معهم. اليوم العالم العربي صاخب، وفي بعض الدول وصل الى الحكم الاخوان المسلمون. هؤلاء ليسوا ذات الزعماء الذين عرفنا كيف نعقد معهم تحالفات السلاح والحفاظ على الهدوء بين الدول".             هل تعتقد أن الاسد بلغ نهاية ايامه؟             "لست واثقا بان هذه هي ايامه الاخيرة، ولكن لا شك أنه يجتاز فترة صعبة جدا. ضباطه علويون، واذا واصلوا القتال الى جانبه، فهذه لن تكون نهاية نظامه. لديه ايضا درع سياسي من السنة والروس، الذين يبدو انهم ينقلون له السلاح ايضا. أتوقع امكانية اخرى لا يجري عليها الحديث كثيرا ولكن برأيي هي قائمة. يحتمل أن يرى حزب البعث الذي يمثل الطائفة العلوية في استمرار وجود الاسد كرئيس تهديدا على الطائفة العلوية، وتجد القيادة العليا للحزب حلا سلسا للمشكلة فتستبدل الاسد برجل بعثي آخر يكون أكثر اعتدالا ويكون مقبولا من السنة في سوريا. انا لا استطيع التفكير بمثل هذا الشخص، ولكني أفترض أن في سوريا يفكرون بمثل هذه الامكانية".             يوسي بيلد يقول انه قبل بضعة اشهر توقع بان يكون سقوط الاسد عملية طويلة. "كنت في الشمال لسنوات طويلة جدا، خمس سنوات في قيادة المنطقة الشمالية، دافيد اليعيزر وحده كان قائد المنطقة الشمالية لمثل هذه الفترة الطويلة، وانا أعرف الشمال جيدا ومع ذلك فاني احسد الخبراء الذين يعرفون ماذا يحصل في سوريا. قبل سنة ونصف احد من هؤلاء الخبراء لم يتوقع الثورة واليوم ايضا لا يعرف احد الى اين تسير الامور. علينا أن نكون جد منصتين ويقظين والا نخرج في اقوال غير حذرة. من الصعب توقع الامور في سوريا وذلك لان الكثير من الجهات مشاركة هناك. سوريا ليست كيانا سياسيا واحدا، وتسيطر عليها الاقلية العلوية، وهناك أيضا أكراد، سنة، وعدد لا حصر له من الجماعات التي تتشكل منها الدولة. العلويون يعرفون جيدا ماذا سيفعل بهم اخوانهم اذا ما سقطوا ولهذا فانهم يقاتلون بكل القوة. الثوار أنفسهم منقسمون، لا توجد هيئة واحدة تقف في وجه النظام. اوروبا لا تسارع للتدخل في سوريا مثلما فعلت في ليبيا. ليس للغرب مصلحة اقتصادية في سوريا مثلما كانت لها في ليبيا. اقدر بان الاسد سيسقط، ولكن هذا لن يحصل بسرعة".