خبر : لا مكان لك بجانبي..د. عبير عبد الرحمن ثابت

الأربعاء 20 يونيو 2012 09:58 ص / بتوقيت القدس +2GMT
لا مكان لك بجانبي..د. عبير عبد الرحمن ثابت



" أرض بلا شعب لشعب بلا أرض "  كانت فلسفة الحركة الصهيونية فى الاستيلاء على فلسطين ، وقد مارسوا سياسة الإحلال لطرد السكان الأصليين ؛ واستبدالهم بمهاجرين يهود من كل بقاع العالم ؛ وتاريخ فلسطين ملئ بقصص الترهيب والتنكيل ومسلسلات الرعب التى مارسها هؤلاء الغزاة لإرغام الفلسطينيين على ترك ديارهم ؛ وحمل أرواحهم هاربين من شبح الموت الذى يطاردهم فى كل أزقة الوطن المسلوب .   ومن أهم المبادئ التى التزم بها القادة الإسرائيليين أقوال بن غوريون ولعل أهمها " يجب علينا طرد العرب وأخذ أماكنهم ، كذلك يجب القيام بكل شئ لضمان أنهم لن يعودوا .. وقامت دولة إسرائيل على أساس أن الكبار سيموتون والصغار سينسون ؛ ولكن أثبتت الأيام أن الكبار ورثوا الصغار ذاكرتهم ؛ ولم ترحل سوى أجسادهم ؛ فأحلامهم بالعودة وحقهم فى استرداد وطنهم لم تمت .. وهذا ما توصلت إليه القيادة  الإسرائيلية بعد سنوات طويلة من الحروب والاغتيالات والقتل والتدمير ، وذهبت إلى مدريد ومنها لتوقيع اتفاقية سلام مع الجانب الفلسطيني وذلك لإيمانهم بأنه لا يمكن إلغاء الأخر ، وقاعدة " لا مكان لك بجانبي " خاطئة وكل المحالات لإثباتها توجت بالفشل .   وقد احتاج أحفاد ثيودور هرتزل أربع وتسعون عام للتوصل لهذه النتيجة .. أى من المؤتمر الصهيوني الأول الذى عقد فى مدينة بازل بسويسرا عام 1897 .. إلى مؤتمر السلام الذى عقد فى مدينة مدريد باسبانيا عام 1991 ؛ وتم التأكيد بأن المؤتمر سيعقد على أساس مبدأ "الأرض مقابل السلام"  ؛ وهنا لسنا بصدد مدى نجاح أو فشل عملية السلام  ، فالممارسات الإسرائيلية على الأرض أبلغ من الكلام .   وكذلك عالمنا العربي عاش سيناريو مشابه ولكن بشخوص مختلفة .. حيث مارست الحكومات العربية بسياسة الحزب الواحد كل أشكال التعذيب والقمع لكل من يخالفها الرأي ، وقد إدعت الديمقراطية ولم تمارسها ، ولبست لباس المبادئ الليبرالية ونكلت بكل من يحاول التشدق بها وبالنهاية انقلب السحر على الساحر .. ونتيجة لكل أشكال الظلم والفقر والعوز واليأس التى عانت منها المجتمعات العربية وخاصة فئة الشباب .. قلبت عربة بولعزيزى هذه الأنظمة الجاثمة على صدور شعوبها .. وفعلت الثورات الشعبية العفوية ما لم تستطيع فعله أحزاب إسلامية وليبرالية لها من السنين الكثير .. وفى ليلة وضحاها أصبح السجان سجين .. والسجين سجان ، واليوم وبعد هذا الفوز للحركات الإسلامية فى تونس والمغرب ومصر .. هل ستمارس نفس السياسة فى الاستحواذ على السلطة ورفع شعار "حكومة ربانية بلا معارضة ..ومعارضة إلى النار وبئس المصير " ، فى هذه الحالة لن يطول عمرها والنهاية ستكون أسرع مما يتوقع الجميع ، لأن حاجز الخوف من هيبة السلطة ذهب مع شرارة الثورات .. وأصبحت الجماهير لا تهاب الموت أو الاعتقال .. وبالرغم من تراجع الأحزاب الليبرالية واليسارية نتيجة لعوامل كثيرة وعدم مقدرتها على قيادة المرحلة والتأثير بالجماهير بدرجة الأحزاب الدينية وفشلها بالانتخابات .. إلا أن الوعي الجماهيري والمعرفة بالحقوق السياسية  لدى الكثيرين ممن نزل إلى الشارع ، وشارك فى الثورات عالية .. ولن يستطيع النظام القادم من قمعها بطريقة العصور الوسطى .. وفتوى التكفير واستباحة الدماء .. فتلك الممارسات استهلكت وفاتت مدة صلاحيتها ولم تعد مجدية .. والثورة الآن بمرحلة البناء وتلك المرحلة لن تتم إلا بتشابك كل الأيدى السياسية للنهوض بالدول الثائرة وأسلوب الاستفراد بالقرار والتشبث بالرأي سيضر بالمصلحة العامة وسيعجل بنهاية المشروع الإسلامي الذى حلم بهذا الانجاز منذ سنوات .   وحتى تتحقق دولة ديمقراطية وتمارس فيها احترام الرأي والرأي الآخر يجب أن يؤمن النظام الجديد القادم بان " الدين لله والوطن للجميع " .. وذلك ليتعافى الشعب ويترحم على شهدائه .. ولا يندم على قيامه بالثورة .