خبر : مصر على السكة: ماذا عنا؟.. مصطفى ابراهيم

الإثنين 18 يونيو 2012 09:23 م / بتوقيت القدس +2GMT
مصر على السكة: ماذا عنا؟.. مصطفى ابراهيم



منذ بداية الثورة المصرية اصطف بعض الفلسطينيين بين مؤيد ومعارض لها، وبين متفائل ومتحمس لنجاحها وقدرتها على الاطاحة بنظام مبارك، وبين مشكك بنجاحها وخائف من النتائج التي ستسفر عنها للتغيير والإطاحة بنظام مبارك، وإيمان هؤلاء بقدرته على وأد الثورة في بداياتها. كل فريق من هؤلاء له ما يبرره منطلقا من مصالحه وتوجهاته السياسية ورغباته، وبين هؤلاء كانت الغالبية من الفلسطينيين ينتظرون ويبتهلون بان يتغير حال مصر الى الافضل لما لذلك من تأثير ايجابي على القضية الفلسطينية. ومع وصول المصريين الى مرحلة الانتخابات الرئاسية لم يخف فريق من الفلسطينيين تأييدهم الى مرشح على حساب مرشح اخر، وازداد الاصطفاف ووصل العداء مداه، ربما نتفهم حال الاستقطاب السائدة في الساحة الفلسطينية وما يجري من انقسام سياسي، لكن أن نصل الى هذا الحد من العداء، وان يتحمس ويتجند فريق من الفلسطينيين ويتمنوا فوز الفريق احمد شفيق، فهذا غير مفهوم ان يصفه احدهم بأنه رمز وطني مصري كبير، وهو الذي يعتبره الثوار المصريين من بقايا النظام السابق والرئيس المخلوع. والآن بعد اعلان النتائج بفوز مرشح الاخوان المسلمين محمد مرسي برئاسة الجمهورية المصرية، وخسارة منافسه الفريق شفيق بانتخابات حرة، من السابق القول بأنها نزيهة بشكل كبير. الثورة المصرية وضعت على سكة القطار، لكن يبقى الضباب كثيفاً، والقطار بحاجة الى قائد ذو بصيرة وحكمة عالية وصبر، فالمعارك الديمقراطية امام المصريين كبيرة وكثيرة، ومن دون توافقهم لن يكتب لثورتهم النجاح وسيظل الموقف مضطربا وغامضا. مصر اختارت طريقها، ولديها ما لديها من ازمات ومشكلات مستعصية، لكنها دولة كبيرة وعريقة ولديها من المؤسسات التي تساعدها على الاستمرار وتخطي المصاعب. ويبقى السؤال الموجه لنا نحن الفلسطينيين، أي كان الرئيس المصري فمشاكله كبيرة وصلاحياته محددة، ولن نكون على سلم اولوياته ربما لفترة طويلة من الزمن، مصر وضعت على سكة القطار. ماذا عنا نحن؟ هل سيبقى حالنا على ما هو عليه من انقسام وتفكك وتردي، واستمرار الاحتلال وسياساته العدوانية والعنصرية والاستيطانية والقتل اليومي بحقنا؟ طرفا الانقسام مستمران في غيهما وإصرارهما على الاستئثار بالشعب والسلطة والقضية، ولا يزالا يتمسكان برؤيتهما وبرامجهما، واختزال القضية وتمثيل الناس بالمقيمين في الضفة الغربية وقطاع غزة. ونسوا ملايين اللاجئين المشردين في انحاء الدنيا وحالهم أسوء من حالنا، ويحاولان تقسيم المقسم، وتجريب المجرب، ويرفضان الاستجابة الى استغاثة الناس المنكوبين بهما، وبالاحتلال وسياساته، وبالفقر والجوع والبطالة، وانعدام الثقة بينهم، وتفسخ النسيج الاجتماعي وما لحق بهم من امراض مزمنة ومستعصية، ويحاولان مداواتها بالإعشاب والمراهم. وهل سيظل الناس على الحياد وعلى صمتهم، وينتظروا أهل الانقسام ليخلصوهم مما هم فيه؟ سيظل المتصارعين أسرى مشكلاتهم وخلافاتهم الداخلية ومصالحهم وحساباتهم الحزبية التي تعيق اتمام المصالحة وإنهاء الانقسام، والنهوض بحال الناس، وتعزيز وتثبيت صمودهم لمواجهة الاحتلال ومقاومته. آن الاوان لطرفي الانقسام تغليب المصلحة الوطنية والبدء بخطوات عملية على الارض لإقناع الناس بأنهما يستطيعان انهاء الانقسام ويتحملان المسؤولية القانونية والأخلاقية عن تبعاته، والتأسيس لمرحلة جديدة في النضال الفلسطيني. وآن للفصائل الفلسطينية ان تتوقف عن ممارسة العجز والوهن الذي اصابها، وتقوم بدورها الوطني والنضالي، والتخلص من ارث الماضي والتغني به، وعدم الاصطفاف مع طرف على حساب طرف اخر، وان تفتح قلبها وعقلها لأعضائها وللناس للتعبير عن ارائهم بحرية، وإعادة تقييم تجاربها السابقة، وتستخلص العبر والبدء من جديد. وحان الوقت لكل الفلسطينيين التصالح والتسامح مع أنفسهم والتعالي على الجراح، وان يتغلبوا على همومهم الشخصية، ومقاومة عجز الهمة الذي تسلل لدواخلهم، وفقدوا الثقة بأنفسهم جراء ما يجري، وان يشاركوا في وقف العبث بقضيتهم ومقاومته لإعادة صياغة برنامج وطني شامل قائم على الشراكة، وبناء مؤسساتهم الوطنية التمثيلية، وتكوين جماعات ضغط بعيدا عن المصالح الفئوية والشخصية، وممارسة حقهم الطبيعي بالتجمع السلمي والتظاهر والاعتصام لمواجهة طرفي الانقسام. نستطيع تنظيم انفسنا في مواجهة النزيف المستمر لمقدراتنا الوطنية ووقف الاستئثار بقضايانا، والتصدي للمعتدين على حرياتنا الاساسية وحقوق الانسان، ووقف الاعتقالات السياسية، وفضح الفاسدين وناهبي اموال الناس، ومحاربة البطالة والفقر والمرض.