خبر : نعم.. المصالحة الفلسطينية إسلامية..د.عبير عبد الرحمن ثابت

الخميس 14 يونيو 2012 05:48 م / بتوقيت القدس +2GMT
نعم.. المصالحة الفلسطينية إسلامية..د.عبير عبد الرحمن ثابت



فى ذكرى الانقسام اللعين .. الجرح الفلسطيني الأليم .. الذى أدمى قلوب الكثير من الأمهات والثكلى .. فى الذكرى الخامسة لعيون ما زالت تذرف دموعاً على محبيها راحوا ضحية هذا الانقسام من حركة فتح وحركة حماس .. ضحايا لا ذنب لهم إلا أنهم كانوا موظفين دولة بلباس عسكرى .. فى هذه الذكرى أرواحهم تقول لكم بأنكم أيها المتخاصمون مسلمون .   فحركة المقاومة الإسلامية "حماس" ؛ وحركة التحرير الوطني الفلسطيني " فتح " دينهما مشترك وهو الإسلام ومعظمهم إن لم يكن جميعهم أتباع الطائفة السنية ، وبالعودة للنظام الداخلي لحركة حماس والنظام الداخلي لحركة فتح الذى تم إقراره فى مؤتمرها السادس نجد أن النظامان بهما الكثير من الأمور المشتركة كالحفاظ على المساواة وحقوق الإنسان والديمقراطية وإن كان هناك اختلاف بالكلمات ولكن المعاني واحدة .   والحكومتان فى غزة ورام الله تمارس حكمها بناءاً على القانون الأساسي  الفلسطيني المعدل عام 2005 والذى أقر فى مادته الرابعة بأن الإسلام هو الدين الرسمي في فلسطين ولسائر الديانات السماوية احترامها وقدسيتها ، وأن مبادئ الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع ، وفى المادة الخامسة نظام الحكم في فلسطين نظام ديمقراطي نيابي يعتمد على التعددية السياسية والحزبية وينتخب فيه رئيس السلطة الوطنية انتخاباً مباشراً من قـبل الشعب وتكون الحكومة مسئولة أمام الرئيس والمجلس التشريعي الفلسطيني .   والقانون الأساسي المتفق عليه يضمن حرية الرأي وحرية العقيدة والعبادة وحق المشاركة السياسية وقبول الآخر إن كان ليبرالياً أو يسارياً أو علمانياً طالما أن الجميع يتفق على هدف واحد وهو مقاومة الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف .   وأهم القضايا التى تواجه المجتمع السياسي الفلسطيني رفض الآخر .. فمن يختلف مع طرف يصبح عدو الله ورسوله .. وقد قلنا سابقا بأن الاختلاف يزيد من تطور الشعوب .. ويزيد من روح المنافسة وكله يدفع فى عجلة التقدم والتطور.. ولكننا للأسف نعانى من تعصب فكرى يجعل الفرد رافض لمن يعارضه وتتولد الكراهية والحقد ونسقط فى مأزق غير حضاري لفرض وجهات نظر حتى ولو لم تكن هى الأصح .. وربما يتجه البعض للقوة لفرض رأيه  .   ما يحتاج إليه المجتمع الفلسطيني قبل إتمام المصالحة قبول كلٌ منا الآخر ..  قبول التعامل معه .. قبول التعايش بسلام .. قبول التآخي والتحاب .. قبول أفكاره ومعتقداته وأخلاقه واحترامها والإيمان بصحتها  ..قبول الاستماع للأخر والمناقشة البناءة معه .   ولعل سيرة نبينا المصطفى صلوات الله عليه وسلامه تحدثنا عن قبول الرسول للآخر والاستماع إليه واحترام رأيه ،  فحينما أتى إليه الوليد بن المغيرة ليفاوضه ويسترضيه ليكف عن عرض الإسلام وعن نقد دين قريش وتسفيه معتقداتهم وأصنامهم ولما فرغ من كلامه قال له الرسول : أفرغت يا أبا الوليد : فقال نعم .. فقال له الرسول : فاسمع منى ثم تلا عليه سورة فصلت ، فوضع الوليد يده على فم النبي وناشده ألا يكمل وعاد لقومه بوجه غير الذى ذهب به ،  فسأله قومه : نراك عدت بغير الوجه الذى ذهبت إليه يا أبا الوليد  ، فقال لهم : سمعت منه كلاما ليس من كلام الجن ولا من كلام الإنس ، والله أن له لحلاوة وأن عليه لطلاوة وأن أعلاه لمثمر وأن أسفله لمغدق وأنه يعلو ولا يُعلى عليه .   هذا هو الرسول قدوتنا بكل انتماءاتنا الحزبية واختلافاتنا السياسية .. لنتخذ أسلوبه فى الممارسة السياسية قدوة ومَثّل فى قبول الآخر .. فبالحجة الواضحة قد يتغير ما فى القلوب .   وديننا الحنيف لم يجبر أحد على الدخول فيه .. ورسالة نبينا محمد كانت بالإقناع .. والله واضح فى قوله تعالى " لا إكراه فى الدين قد تبين الرشد من الغى " صدق الله العظيم .   وليعلم الجميع بأننا سنبقى مختلفين لأن اختلافنا هو حكمة إلهية ..  ولأننا بشر سنبقى مختلفين إلى يوم القيامة .. ولذا يجب أن يقبل كلٌ منا الآخر حتى تنجح المصالحة الفلسطينية وتطبق على الأرض ولتستريح أرواح الشهداء التى تراقبنا فى سماء غزة .   رحم الله ضحايا الانقسام وأسكنهم فسيح جناته .. ووفق الطرفان على إتمام المصالحة .