خبر : المهم ان تصل الغواصات في الوقت / بقلم: أدار بريمور / هآرتس 6/6/2012

الأربعاء 06 يونيو 2012 09:21 م / بتوقيت القدس +2GMT
المهم ان تصل الغواصات في الوقت / بقلم: أدار بريمور / هآرتس 6/6/2012



  اليكم تدريبا على فهم المقروء والمنطق: ما هو الذي لا بأس به في الجملة التي تقول ان "تأييد أمن اسرائيل وحقها في الوجود جزء لا ينفصل عن سياسة المانيا"؛ وما هو غير المنطقي في التصريح الذي يقول ان "المانيا تتحمل مسؤولية خاصة عن اسرائيل – مسؤولية لن تنتهي أبدا مصدرها الفصل الأشد قتامة في التاريخ الالماني"؛ وما هي المشكلة في تصريح مثل: "يجب على المانيا ان تكون آخر دولة تتحلل من صداقتها وعطفها على اسرائيل".             صدر هذا الكلام كله عن رئيس المانيا، يواكيم غاوك الذي زارنا هنا في الاسبوع الماضي. فقد صدرت عنه الجملة الاولى في لقائه للرئيس شمعون بيرس، والثانية في مقابلة صحفية مع صحيفة "هآرتس" والثالثة في مؤتمر صحفي. بيد أنه في حين لم تحظ بأي صدى في اسرائيل، أحدثت رقص أشباح لا يُتصور في وطن الرئيس الضيف: فهل بالغ غاوك باظهار تأييده لاسرائيل هنا؟ وهل من حظي بلقب "نلسون مانديلا الالماني" أخطأ بتجاهله وضع الفلسطينيين في المناطق؟ بالعكس. ان الانتقاد الذي وجه الى الرئيس في بلده يدور كله حول حقيقة انه استعمل هذه الصيغ المذكورة آنفا لا الصيغ المبالغ فيها التي صدرت عن المستشارة آنجيلا ميركل من فوق منصة الكنيست في 2008. فقد أعلنت ميركل آنذاك بأن "الالتزام التاريخي لأمن اسرائيل هو مصلحة قومية عليا لالمانيا". وفضل غاوك ان يصوغ كلامه بصورة مختلفة.             ستقولون ان الحديث عن اختلافات ضئيلة وفروق طفيفة. وهذا ما لا يعتقده الاعلام في المانيا الذي اختار ان يُعلم الرئيس الجديد فصلا في علاقة بلده بدولة اليهود: فبحسب صحيفة "زيدويتشه سايتونغ" قد يكون كلام غاوك "نبع من تأليف بين ثقة بالنفس مفرطة وعدم خبرة، بيد ان الامر مهم جدا والحساسيات كثيرة جدا"؛ وقالت صحيفة "تاغز سايتونغ" ان الرئيس الذي "أبعد نفسه عن تصريح ميركل لم يستعمل الحكمة الزائدة"؛ وكتبت صحيفة "دي تسايت"، انه كان يمكن ان نتوقع سلفا هفوة الرئيس الذي نسي "أنه لا توجد حلبة أخطر من اسرائيل بالنسبة لسياسي الماني"؛ واختارت صحيفة "تاغز شبيغل" ان تعظ غاوك بقولها "انه كان أفضل له من اجل مستقبل العلاقات بين الدولتين لو قلل نشاطه الزائد".             ان النقاش الذي يثير الفضول في المانيا تناول من جملة ما تناول ايضا معاني مصطلح "المصلحة العليا": فهل مزودة اسرائيل بالغواصات تلتزم مثلا بالدفاع عنها ايضا اذا دخلت حربا مع ايران؟ وهل رفض الرئيس ان يكرر كلام المستشارة ليرسم الحدود التي هي في نظره لذلك المصطلح المستمد من عالم الكاردينال ريشليه؟.             مر هذا الجدل في اسرائيل من تحت الرادار. لأنه يبدو ان لا أحد هنا اليوم يملك حواس لاعتراض اختلاف الصيغ هذا. فكل الحواس متبلدة في مواجهة النقاش حتى حينما يكون أقل احكاما بكثير: فلا أحد عرق في كرسيه حينما عرض غاوك المانيا على أنها "دولة طبيعية بل طبيعية جدا"؛ وحينما قال انها ليست فقط "دولة اتهام" بل "دولة ذات روح جديدة"؛ أو حينما طلب الى المانيا ان تعترف بقوتها وان تُظهر ثقة أكبر بالنفس.             لم يتكلم رئيس الماني بهذا الكلام قط، لكن من ذا يتذكر هذا ومن ذا يهمه هذا. حينما أسمى الأديب مارتن فالزر في حينه ذكرى اوشفيتس "إلهة اخلاقية" – تزعزعت المانيا في حين هزت اسرائيل كتفيها. وحينما شبه السياسي مارتن هوهمان جرائم النازيين بجرائم البلاشفة "الذين كان كثيرون منهم يهودا كما تعلمون" – ثارت المانيا وتجاهلت اسرائيل ذلك. وحينما نشر في 2010 البحث الذي يتحدث عن التعاون بين وزارة الخارجية الالمانية وآلة الابادة النازية، ثارت المانيا مرة اخرى وتثاءبت اسرائيل مرة اخرى.            تُبين استطلاعات الرأي التي يجريها كل سنة استاذ الجامعة موشيه تسمرمان، مدير مركز كابنر للتاريخ الالماني، ان 80 في المائة من الاسرائيليين يتفقون على فرضية انه توجد اليوم "المانيا مختلفة"، ويُعرفون العلاقات بين الدولتين بأنها "طبيعية". وهم يتركون تعريف "العلاقات المميزة" لسبب ما، للالمانيين، فقد قلب الاسرائيليون الصفحة و"حرروا" المانيا من المحاسبة التاريخية. فلا يوجد اهتمام ولا نقاش لأن الامر يثير الملل، فالمهم ان تصل الغواصات في موعدها.