خبر : الانقسام ومحطة التعديل الوزاري!! ...بقلم: هاني حبيب

الأربعاء 11 أبريل 2012 11:48 ص / بتوقيت القدس +2GMT
الانقسام ومحطة التعديل الوزاري!! ...بقلم: هاني حبيب



إعلان الرئيس أبو مازن عن تعديل وزاري على حكومة فياض خلال أسبوعين، جدد من الحملات السياسية والإعلامية بين حركتي فتح وحماس على خلفية ملف المصالحة، ذلك أن جوهر هذا الملف، وفقاً لإعلان الدوحة، هو تشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة أبو مازن، وعندما يتخذ الرئيس الفلسطيني خطوة لترميم الحكومة القائمة برئاسة فياض، فإن ذلك إشارة واضحة إلى أن مسألة تشكيل حكومة برئاسته وفقاً لإعلان الدوحة وفي اطار المصالحة، باتت على الرف إلى أجل غير مسمى، إلاّ أن أبو مازن تحت ضغط الواقع، مضطر إلى إجراء تعديل حكومي نظراً لوجود أربع وزارات بدون وزير، هي وزارة الأشغال، ووزارة القدس، ووزارة الزراعة، ووزارة الاقتصاد، بسبب استقالة بعض الوزراء أو إحالة البعض الآخر إلى القضاء، وفي حين أن رئيس الحكومة فياض، وحسب ما نقل عنه، يرغب في إعادة تشكيل الحكومة، وليس مجرد ترميم وتعديل، نظراً لهبوط مستوى الفاعلية لدى بعض الوزراء الحاليين، فإن إصرار أبو مازن على التعديل والترميم، وليس إعادة التشكيل، يعود بنظر البعض إلى توجيه رسالة مفادها، ان هذا الإجراء، لا يشكل عائقاً أمام تشكيل حكومة مصالحة وطنية برئاسته وفقاً لإعلان الدوحة، بينما إعادة تشكيل حكومة فياض، قد يبعث برسالة خاطئة، ناهيك عن الجدل الدستوري المحتدم، حول المرجعية الدستورية لكلٍ من التعديل والتشكيل!! إلاّ أن ذلك اللجوء إلى التعديل وليس إعادة التشكيل، لم يكن سبباً كافياً لتوجيه حركة حماس الاتهام إلى قيادة السلطة بأنها تضع عراقيل إضافية أمام المصالحة، تضاف إلى الإبقاء على التنسيق الأمني مع إسرائيل، وما يقال عن رسالة فلسطينية إلى حكومة نتنياهو، كثر الحديث عنها وعن مضمونها وساعي بريدها، في حين أن عقدة تشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة أبو مازن، وفقاً لإعلان الدوحة، كمدخل أساسي نحو إنهاء حالة الانقسام، يعود لربط الرئيس الفلسطيني بين تشكيل هذه الحكومة، وتحديث سجل الناخبين من خلال السماح للجنة الانتخابات المركزية القيام بعملها في قطاع غزة، وهو الأمر الذي رفضته ولا تزال حركة حماس، ويعود هذا الربط إلى سبب جوهري، ذلك أن مهمة هذه الحكومة المؤقتة الأساسية، هي إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية وعضوية المجلس الوطني لمنظمة التحرير الفلسطينية، الأمر الذي يتطلب وبالضرورة تحديث سجل الناخبين في كافة مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية، إلاّ أن حركة حماس تشكك في إمكانية إجراء هذه الانتخابات بالنظر إلى المواقف الإسرائيلية المعلنة، وبالتالي فإنها ترى بأنه لا جدوى من تحديث سجل الناخبين، مع أن هذه المهمة، تحديث سجل الناخبين، هي إجراء سنوي، للوقوف على عدد وأسماء المتوفين من أصحاب حق الانتخاب، وهؤلاء الذين وصلوا إلى السن القانونية، بصرف النظر عن إجراء أية انتخابات رئيسية، هو عمل دوري روتيني، غير أنه يصبح أكثر إلحاحاً عند إجراء انتخابات أساسية، وبصرف النظر عن هذا الإشكال الأساسي، فإن إبداء حسن النوايا، يفترض إتاحة المجال أمام لجنة الانتخابات المركزية، كي تقوم بتحديث سجل الناخبين في قطاع غزة انطلاقاً من مقرها في مدينة غزة. أما فيما يتعلق بالموقف الإسرائيلي من إجراء الانتخابات الفلسطينية، فهو موقف تقليدي معروف ومتداول عند إجراء الانتخابات التشريعية السابقة، فقد أصرت حكومة إسرائيل في ذلك الوقت على عدم السماح بإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية في القدس المحتلة، إلاّ أن الضغط الفلسطيني على الولايات المتحدة التي قامت بدورها بالضغط على إسرائيل، قد أدى إلى إجراء هذه الانتخابات في القدس المحتلة، وعليه من الضروري أن يستكمل الجانب الفلسطيني كافة الإجراءات التي من شأنها الإعداد الجدي لهذه الانتخابات، وهو ما يحتاج إلى شهر ونصف لتحديث سجل الناخبين قبل أن يصدر الرئيس مرسوماً بتحديد موعد الاتنخابات بعد ثلاثة أشهر على الأقل، عندها نكون قد أنجزنا الإعداد لإجراء الانتخابات، وعندها يمكن استخدام كافة أشكال الضغوط، من أجل توفير موافقة إسرائيل لإجرائها في القدس المحتلة، وضمان عدم تدخلها في الانتخابات في الضفة الغربية أيضاً، كما أن الاعداد لهذه الانتخابات، يرسل رسالة ضرورية للجمهور الفلسطيني، بأن عجلة المصالحة قد بدأت وتقدمت، وأن هناك جدية من قبل أطرافها في وضع حد للتشرذم والانقسام. جولة الرئيس عباس، إلى بضع عواصم، والتي تستمر عشرة أيام، ستؤجل مسألة التعديل الوزاري إلى حين، ومن المتوقع أن تواجه هذه المسألة بتعقيدات باتت معتادة عند أي تعديل أو تشكيل متعلق بالاختيارات والمناصب والحصص بين أجنحة ومجموعات وفرق ومصالح فئوية وفصائلية وشخصية، كانت سبباً حتى الآن في عدم الإقدام على مثل هذا التعديل مع أنه سبق وأعلن عنه أكثر من مرة، إلاّ أن هذه الجولة، ربما تشكل أداة للضغط على تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في إعلان الدوحة، وذلك من خلال توجه أبو مازن لبعض الزعامات العربية المؤثرة كي تضغط بهذا الاتجاه، إلاّ أن هناك شكوكاً كبيرة حول نجاح هذا الأمر، إذا أخذنا بالاعتبار أن ما نجم عن الانقسام، هو الذي يجعل منه عقبة أمام التوصل إلى إنهاء الانقسام، كما أشار القيادي في حركة حماس أحمد يوسف لصحيفة "الغد" الى ان الموقف تجاه المصالحة تحدده المصالح وليس المبادئ بعدما أوجد هذا الانقسام واقعاً تعاظمت فيه امتيازات البعض وارتبطت به مصالح البعض الآخر". لذلك نعتقد أن الوضع الداخلي الفلسطيني الناجم عن الانقسام، بات هو السبب الجوهري أمام عدم التوصل إلى إعادة الوحدة، بعدما أحدثت ثورات الربيع العربي متغيرات جوهرية أثرت على الأجندات لدى الفصائل الفلسطينية والتي كانت مرتبطة بأجندات خارجية، خاصة المتغيرات المهمة التي جرت على الدور السوري الرسمي بهذا الاتجاه. وستختلف الذرائع والمبررات التي من شأنها في كل مرة تنفرج الأجواء باتجاه تجاوز العقبات، من أجل إيجاد مبررات وذرائع جديدة، ليست مبررة، بهدف وقف الزحف نحو إنهاء المصالحة التي باتت رهناً بمصالح فئوية وفصائلية وشخصية إلى أبعد الحدود، وسيظل المواطن الفلسطيني يدفع كل لحظة ثمن استمرار الانقسام، وهو المنغمس تماماً في الانشغال بمتطلبات حياته اليومية التي باتت أكثر من أي وقت مضى متأثرة بتبعات هذا الانقسام، ما يتطلب قيام الرأي العام الفلسطيني بدوره الضاغط والمطلوب والمؤجل حتى الآن في الضغط على الأطراف التي تعيق التوصل إلى تفاهمات حقيقية من شأنها إنهاء هذه الحالة الأكثر خطورة على القضية الوطنية الفلسطينية! Hanihabib272@hotmail.com