خبر : غزة: مراجعة إسرائيلية .. الحرب حتمية! .. بقلم: هاني حبيب

الأربعاء 28 مارس 2012 09:27 ص / بتوقيت القدس +2GMT
غزة: مراجعة إسرائيلية .. الحرب حتمية! .. بقلم: هاني حبيب



بين وقت وآخر، تقوم إسرائيل بإشاعة أجواء حربية وتهديدات واضحة بشنّ عدوان، هنا، أو هناك، على هذه الحدود أو تلك، على إيران، وعلى جنوب لبنان، وفي الغالب فإن هذه الأجواء تتكرر عندما تبدأ بإشاعة أجواء الحرب على غزة، لا تريد الدولة العبرية إزالة الانطباع السائد عن حق، لدى المجتمع الدولي، بأنها دولة حرب من الدرجة الأولى، ولا تستطيع هذه الدولة الاستمرار من دون أن تلجأ إلى التهديد بالحرب، والقيام بها، فهذا جزء أساسي وجوهري من بنيانها القائم على الاحتلال والعدوان، وهي لا تتنكّر لهذا البنيان بقدر ما تلجأ إلى تأكيده مرة تلو أخرى، حتى إنها لا تحاول التخفيف من وطأة هذا الانطباع، ظناً منها، أولاً أن لا فائدة من جراء ذلك، بعد أن بينت التجربة أنها كيان لا يستمر ولا يتشكّل من دون الاعتماد على آلتها الحربية لتحسين سمعتها باعتبارها دولة حرب من الطراز الأول، أو كما يقولون "جيش له دولة"، وثانياً وببساطة، لأن ذلك يجعلها دولة مهابة الجانب تخشاها المكونات السياسية، ليس فقط في المحيط العربي، ولكن على مستوى الإقليم والعالم، وهي إذ اعتبرت حتى أشهر قليلة ماضية، تاسع دولة في تصدير الأسلحة إلى العالم، خاصة تصدير الطائرات بدون طيار، انتقلت متراجعة إلى المركز الحادي عشر على المستوى العالمي في تصدير الأسلحة، هذا التراجع ربما يفرض عليها تجربة أسلحة جديدة فتاكة، يمكنها من تسويق هذه الأسلحة والعودة إلى مركزها "اللائق" كدولة كبرى مصدرة للسلاح إلى معظم دول العالم، بما فيها دول متقدمة!!  ولعلّ مراجعة التهديدات الإسرائيلية المتجددة، مباشرة وغير مباشرة، لشن عدوان جديد، بمثابة حرب أخرى على قطاع غزة، تكشف خفايا وأسرار وأبعاد عدوانها الأخير الذي بررته باغتيال أحد قادة النضال الفلسطيني، فقد تبين أن ذاك العدوان كان يهدف إلى ما هو أبعد من ذلك، فقد تمكنت قوات الاحتلال، من خلال "استجداء" رد صاروخي فلسطيني على عدوانها من التعرف على العديد من المتغيرات في السلوك، الذي اتخذته الفصائل في محاولتها للرد على العدوان الإسرائيلي، ولعل المناورات التي أجرتها قوات الاحتلال مؤخراً، والخاصة "بقوات الهندسة" من خلال سيناريوهات اعتمدت على تلك المتغيرات في السلوك الفصائلي، قد أدت إلى قناعة قوات الاحتلال بضرورة فتح محاور جديدة وإنشاء ممرات وطرق كي تسلكها المدرعات والدبابات لدى اقتحامها للقطاع في حرب قادمة، معتمدة على نتائج جولة القتال الأخيرة، كما أشار الموقع الإلكتروني للجيش الإسرائيلي [الملف – 27/3/2012]. وقد شمل هذا التدريب على نحو خاص قيادة جرافات "D9" الضخمة، بهدف تسوية مناطق، أي القيام بعمليات هدم وتدمير واسعة النطاق، وإقامة ممرات للمركبات المدرعة والقوات البرية والمدنية من التحرك بسهولة، إذ إن هذه القوات، كتائب الهندسة والمعدات الميكانيكية، تقوم قبل غيرها بعملية الاختراق لتمهيد الطريق الآمن أمام قوات الاحتلال الأخرى.  السيناريو الذي تم تدريب هذه القوات عليه، يتضمن بشكل أساسي، تقسيم قطاع غزة إلى "وحدات قتالية" تمكن الجيش الإسرائيلي من الفصل بينها بغية الانفراد بكل وحدة أو أكثر في وقت واحد، وقد يستلزم الأمر "شق طرق جديدة" هي بمثابة مسارات أكثر أمناً لتحرك القوات وعزل الوحدات عن بعضها، ويشير الموقع المشار إليه، إلى أن مقاتلي جيش الاحتلال من قطاع الهندسة، ينضمون فيما بعد الاختراق، للعمل كجنود في المعركة، وقد تدربوا جيداً للقيام بالمهام القتالية المباشرة!  ليس سلاح الهندسة في الجيش الإسرائيلي هو المنتفع الوحيد من جراء دراسة العِبر من العدوان الأخير على قطاع غزة، فقد كان هناك هدف آخر ذو أهمية كبيرة يتعلق باختيار متجدد للقبة الحديدة التي أقامتها إسرائيل بهدف التصدي المبكر لإطلاق الصواريخ الفلسطينية، كان ذلك هدفاً دائماً من أهداف كل عدوان شنته إسرائيل على القطاع طوال السنوات القليلة الماضية، وفي كل مرة، كان جيش الاحتلال يجري التعديلات اللازمة على "القبة الحديدية" بما يجعلها أكثر جدوى، هذه المرة، العدوان الأخير، تجاوزت إسرائيل مثل هذا التجديد بعدما تبين لها أن القبة الحديدية باتت قادرة على التصدي لحوالي ثمانين في المائة من الصواريخ التي تطلق من قطاع غزة، ورغم أن هذه النسبة العالية موضع شك من قبل العديد من المحللين العسكريين الإسرائيليين، إلا أن الأهم، هذه المرة، تشير المصادر العسكرية الإسرائيلية، إلى أن منظومة القبة الحديدية، نجحت، هذه المرة، في التمييز بين الصواريخ المتوقع سقوطها في المناطق المفتوحة، وبين تلك الصواريخ الموجهة للمناطق المأهولة، بين الصواريخ الخفيفة والأبعاد المحدودة، وتلك المتوسطة والكبيرة الموجهة إلى العمق، فقد باتت منظومة القبة الحديدية، نتيجة لقدرتها على التمييز بين هذه الصواريخ على اختلاف مداياتها، من الامتناع عن إضاعة التصدي على اعتراض الصواريخ الموجهة إلى مناطق مفتوحة، ونجحت، حسب هذه المصادر باعتراض ثمانين بالمائة من الصواريخ الموجهة إلى العمق الإسرائيلي، وهذا ما يفسر هذه النسبة (80 في المائة)، إذ إن النظام تعمد أن لا يتصدر لتلك الصواريخ الموجهة إلى مناطق مفتوحة غير آهلة بالسكان، واقتصر الأمر على التصدي لتلك الصواريخ الموجهة إلى العمق الإسرائيلي، فكانت هذه النسبة، إذ نجحت بعض الصواريخ في الوصول إلى المناطق المفتوحة، بشكل متعمد تقريباً!!  مع ذلك، فإن استمرار وصول 20 في المائة من الصواريخ، يسبب إرباكاً هائلاً للوضع الداخلي في إسرائيل، إذ إن ذلك لن يردع الفلسطينيين عن مواصلة إطلاق الصواريخ، حتى لو وصل منها عدد قليل، إذ إن هذا كاف تماماً لإثارة الذعر والخوف للمستوطنين وتشويش الحياة في المستوطنات والقرى القريبة من المناطق المفتوحة، وهذا يعني أن نظام القبة الحديدية لا يوفر ردعاً وقائياً كافياً، مما لا يجعل من الرهان على هذا النظام مقبولاً، الأمر الذي سيدفع بإسرائيل إلى هجوم –وقائي- بقتل أو التهديد بقتل مطلقي الصواريخ، حسب المحللين العسكريين والسياسيين في إسرائيل، إذ يبدو ان حربا واسعة النطاق على قطاع غزة، لا مفر منها، والمسألة تتعلق بالوقت المناسب وبالاستعداد الكافي. وهذا ما عبّر ت عنه أوساط سياسية نافذة في إسرائيل، لعل أبرزها وأهمها، ما أشار إليه وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان مؤخراً، من أن لا وجود للتهدئة مع قطاع غزة، إذ لا يمكن تجاهل ما أسماه "تعاظم قوة الفصائل الفلسطينية"، إذ إن القادم أشد وأقوى، حسب تصريح لصحيفة "يديعوت أحرنوت" [26/3/2012]. لكن، ماذا عن الجانب الفلسطيني؟! هل اتخذ العبر والدروس، واستفاد من تجربة ونتائج العدوان الأخير على قطاع غزة.. لا يمكن الإجابة عن هذا السؤال، إلاّ في ظل نتائج الحرب الإسرائيلية المقبلة؟!  Hanihabib272@hotmail.com www.hanihabib.net