خبر : اسرائيل و خيار الدولة الواحدة ...د. سفيان ابو زايدة

الأحد 25 مارس 2012 10:36 ص / بتوقيت القدس +2GMT
اسرائيل و خيار الدولة الواحدة ...د. سفيان ابو زايدة



اُثير جدل فلسطيني داخلي حول " خيار الدولة الواحدة" بعد ان استيقض الفلسطينيون على يافطات تدعوا لتبني هذا الخيار بعد فشل مشروع الدولتين. الجهة التي وقفت خلف توزيع هذه اليافطات في معظم مدن الضفة الغربية عَرفت نفسها "بمجموعة تكامل"، ليس من المعروف مدى علاقة اي من مؤسسسات حركة فتح بهذه المجموعة، و كذلك من غير المعروف ، على الاقل بالنسبة لي، من الجهة  التي مولت هذا النشاط . ردود الفعل كانت ساخطة ، خاصة من قبل شبيبة حركة فتح الذين لم يتفهموا هذا الطرح دون ان يشرح احد لهم من اين و كيف و لماذا؟ الاخ ابو علاء قريع ، وفي سياق غير متصل، نشر مقالة الاسبوع الماضي دعى من خلالها للتفكير بشكل جدي في خيار الدولة الواحدة بعد ان تم فشل او تفشيل خيار الدولتين. الكثير من ردود الفعل الفلسطينية اتسمت بالرفض  وعدم التجاوب مع هذا الطرح و لاسباب مختلفة.ما اثار اهتمامي هو ردود الفعل الرافضة لهذا الطرح لانه يخدم "المشروع الصهيوني"، اي ان خيار الدولة الواحدة هو ضد المصلحة الفلسطينية و يصب في مصلحة الاسرائيليين، على الرغم من ان هذا الامر يتناقض تماما مع ما يفكر به الاسرائيليون تجاه فكرة الدولة الواحدة.ماهو اكيد ان طرح هذا الخيار من جديد ناتج بالدرجة الاساسية عن المأزق الذي وصلت اليه المفاوضات التي تُجرى على اساس حل الدولتين. هذا الخيار الذي طرح لاول مرة كحل للصراع بين المشروعين الفلسطيني و الصهيوني منذ  العام 1937، عندما اقترحت لجنة من عصبة الامم تقسيم فلسطين الى دولتين و احدة لليهود و اخرى للعرب. بعد ذلك كان مشروع التقسيم عام 1947 و الذي انتهى بأقامة دولة يهودية على حساب الشعب الفلسطيني. على الرغم من ان كل ادبيات الفصائل الفلسطينية و مبادئها و مواثيقها تدعوا الى اقامة دولة فلسطينية ديمقراطية و احدة على كامل التراب الفلسطيني، و ان تبني خيار الدولتين جاء نتيجة العجز الناتج عن عدم القدرة على انجاز مشروع الدولة الواحدة، على ما يبدوا ان الامور الان اصبحت مقلوبة. طرح خيار الدولة الواحدة يأتي بالدرجة الاساسية نتيجة الشعور بفشل خيار الدولتين. السؤال كيف تنظر اسرائيل لهذا الطرح؟هناك اجماع في اسرائيل عابر لليسار و اليمين، العلماني و المتدين، المعتدل و المتطرف ، و هو رفض فكرة الدولة الواحدة التي ينادي لها بعض الفلسطينيون بين الحين و الاخر. حيث الغالبية العظمى، ان لم تكن المطلقة من الاسرائيليين تعتبر ان هذا الطرح هو من الناحية العملية هو نهاية اسرائيل ليس فقط كدولة ذات غالبية يهودية، بل نهاية للمشروع الصهيوني في فلسطين. لذلك لا يوجد جدل في اسرائيل على الرفض المطلق لهذا الطرح.من الافضل للاسرائيليين  ان يقبلوا بدولة فلسطينية على كامل الاراضي الفلسطينية التي احُتلت عام 67 بما في ذلك القدس و تفكيك كل المستوطنات على قبول خيار الدولة الواحدة. اهم اسباب الرفض هي:اولا: العامل الديموغرافي هو السبب الرئيسي الذي يجعل الاسرائيلي يرفض مجرد التفكير بهذا الخيار. عدد السكان في فلسطين التاريخية سيتساوى مع عدد اليهود في العام 2014 وفقا لمعلومات مركز الاحصاء الفلسطيني و ان عدد الفلسطينيين سيتجاوز عدد اليهود في العام 2020 ، حيث ستصبح نسبة السكان اليهود حوالي 48,2% ، اي نحو 6,2 مليون يهودي مقابل 7,2 مليون فلسطيني. هذا يعني ان الفلسطينيين سيشكلوا اغلبية في اقل من عشرة اعوام.ثانيا: مشروع الدولة الواحدة يتناقض بشكل كلي مع مشروع الدولة اليهودية . اسرائيل تسعى الى انتزاع اعتراف فلسطيني و من ثم دولي على ان اسرائيل هي دولة يهودية، و هي لن تكون كذلك دون الحفاظ على اغلبية يهودية مطلقة، و اذا كان هناك من هو مقتنع بالتنازل عن جزء من فلسطين التاريخية( حدود 67) فقط من اجل الحفاظ على الغالبية اليهودية و ليس من منطلق التسليم بالحقوق الوطنية الفلسطينية.ثالثا: تجربة الاسرائيليين على مدار الصراع ، خاصة في العقدين الاخيرين، و ما رافق ذلك من احداث دامية، خاصة في الانتفاضة الثانية ، هو الانفصال عن السكان الفلسطينين، لكن دون الانفصال عن الارض التي يصادرون ما تبقى منها مع بزوغ كل فجر جديد.رابعا: اسرائيل تجد صعوبة في تقبل فلسطينيي الداخل و التي لا يتتجاوز نسبتهم الخمسة و عشرين بالمئة، فكيف لهم ان يتقبلوا غالبية فلسطينية ضمن حدود الدولة الواحدة؟خامسا: من الناحية الامنية، ترفض اسرائيل السماح للفلسطينيين بالعمل في السوق الاسرائيلي سوى لاعداد محدودة و ضمن شروط و معايير امنية صارمة، هل ستقبل بسبعة ملايين فلسطيني متساوين في الحقوق و الواجبات؟سادسا و اخيرا: اسرائيل تنظر لهذا الامر على انه نوع من التهديد الفلسطيني لكي يقبل الاسرائيلي بخيار الدولتين، و ليس ناتج عن استراتيجية فلسطينية لتبني هذا الخيار. من و جهة النظر الاسرائيلية ايضا ان هذا الطرح هو ناتج عن الشعور بالفشل و الاحباط الفلسطيني من انجاح غيار الدولتين.خلاصة القول ان الجدل الفلسطيني الداخلي حول خيار الدولة الواحدة لا طعم و لا لون له لان اسرائيل تنظر لهذا الخيار على انه اخطر من القبول بحق العودة للاجئين الفلسطينيين الذي يرفضة الغالبية العظمى من الاسرائيليين.szaida212@yahoo.com