خبر : أشواق للشرق الاوسط القديم /بقلم: أفيعاد هوروليس/معاريف 6/10/2011

الخميس 06 أكتوبر 2011 10:40 ص / بتوقيت القدس +2GMT
أشواق للشرق الاوسط القديم /بقلم: أفيعاد هوروليس/معاريف  6/10/2011



خط واحد  يربط بين اغتيال أنور السادات، اليوم قبل ثلاثين سنة، وفوز أمس البروفيسور دان شختمان بجائزة نوبل للكيمياء. السادات أنهى فصل حربه مع اسرائيل بخطاب تأسيسي في البرلمان المصري أعرب فيه عن استعداده للسير حتى نهاية العالم، وان لزم الامر "حتى القدس ايضا"، كي يصنع السلام مع الاسرائيليين. اكتشاف البروفيسور شختمان شق الطريق في العام 1982، السنة التي أعادت فيها اسرائيل لمصر شبه جزيرة سيناء في أعقاب اتفاق كامب ديفيد الذي عمل عليه السادات ورئيس الوزراء مناحيم بيغن. السادات لم يحظ بأن يرى سيناء معادة الى مصر كونه قُتل قبل نصف سنة من ذلك. الرئيس المصري، الذي اعتبر مهرجا قبل ولايته وبالتأكيد ليس من يمكنه ان يرث ناصر، اجتاز الروبيكون ودفع بحياته على قراره الجريء بتغيير قواعد اللعب القديمة في الشرق الاوسط. بقراره هذا قدر بأنه سيسمح لعشرات الملايين من مواطنيه الجوعى بأن يحظوا بحياة طيبة وأكثر تقدما. الجسارة التي لا تُدرك للسادات، والتي جعلته بين ليلة وضحاها خائنا في العواصم العربية الاخرى وبطلا في بلاده، سُحقت برصاص المغتالين الذين جاءوا من دوائر الاخوان المسلمين. بعد سنة من اغتيال السادات كان البروفيسور شختمان لا يزال يعمل على اكتشافه في التخنيون في حيفا، الذي مثل معاهد بحث اخرى هنا، يعتبر جزيرة منعزلة للتميز في قلب الشرق الاوسط الجاهل، الفقير، المتدين الاصولي. لم يسبق لي أبدا أن سمعت عن أحد ما من خريجي الجامعات في القاهرة، في دمشق وفي بيروت، بأنه شق الطريق الى ستوكهولم بعد أن أثبت بأنه عمل في صالح الانسانية. حسنا، د. جورج حبش تعلم طب الاطفال في الجامعة الامريكية في بيروت. أنا لو كنت مكانهم لما لوحت به. ولكن وردة وفيها شوكة. الاسرائيليون الذين نالوا في السنوات الاخيرة جائزة نوبل – أومان، هرشكو، شخنوبر، كهنمان، يونيت وشختمان – اقتطفوا مجدهم على بحوثهم التي قاموا بها قبل ثلاثين واربعين سنة عندما كانت اسرائيل دولة أفقر مما هي اليوم من ناحية مقدراتها الاقتصادية، ولكنها كانت مصممة بأضعاف في مساعيها لايجاد جهاز تعليم ذي نسبة متعلمين عالية للرياضيات، الفيزياء والكيمياء، بمستوى خمس وحدات. هذا حصل حتى قبل موجة هجرة التسعينيات من دول رابطة الشعوب، والتي جلبت معها عشرات آلاف المثقفين، ممن وجد بعضهم مكانه، فيما ان معظمهم وجهوا نحو اعمال عابرة مهينة. حسني مبارك الذي ورث السادات، لم يتمكن من استخدام رؤيا سلفه بل عزز فقط وجود الأمة بأموال الدعم السخية من العم سام. في اسرائيل اليوم ايضا يفضلون صيانة الائتلافات السياسية الصهيونية والتسليم بحقيقة ان نصف تلاميذ المدارس في اسرائيل تخلوا عن دراسة المواضيع الأساسية، ومآلهم الجهل، التفاهة والاعتماد الدائم على كتف السكان الكادحين. كلنا نعرف انه يمكن ان نبعث الى الديار ببضعة تلاميذ ضعفاء في كل صف كي نقدم تحسنا في الامتحانات، ولكن في اسرائيل اليوم الخطوات الاولى للثورة في التعليم ليست ملموسة بعد، ومن الصعب الاقتناع بأن الأجواء العامة تشجع الاستثمار العميق في التعليم. ايران تستثمر منذ عشرات السنين مالا طائلا في المواضيع الحقيقية في المدارس وفي الجامعات، والاطفال في طهران يحققون في امتحانات الرياضيات والفيزياء علامات عالية أكثر من اطفالنا في هرتسليا، في حولون وفي بيتح تكفا. جوائز نوبل في العقد الاخير هي الشهادة على ما كنا عليه. البروفيسور أومان سيساعدنا على ان نُصلي بأن نكون هناك ايضا بعد ثلاثين سنة.